قالت أوساط سياسية لصحيفة “الراي” الكويتية ان “حزب الله” غير مستعجل لمجيء رئيس جديد للجمهورية، أكان النائب سليمان فرنجية او سواه، فالمسألة لا ترتبط بالرئيس في ذاته بقدر ما هي على صلة فعلية برغبة “حزب الله” في إجراء تعديلات في آليات الحكم والتوازنات داخله، وذلك على قاعدة تحقيق تكافؤ بين المكوّنات الأساسية في البلاد.
وفُهم من هذه الأوساط ان “حزب الله” سيمضي قدماً في دفْع مأزق النظام الى أوجه عبر الاستمرار في تعليق العمل بالاستحقاقات الدستورية ومؤسسات الدولة الى اللحظة التي يضطرّ الجميع الى الجلوس حول الطاولة لمناقشة معاودة توزيع كعكة السلطة، على النحو الذي يمكّنه من ان يصبح شريكاً على قدم المساواة في صنْع القرار الرسمي اللبناني.
واذا كانت الأحزاب والتيارات السياسية في لبنان هي أشبه بـ “أسماء حرَكية” للطوائف والمذاهب، فإن تلك الأوساط لا تجد حرجاً في القول ان “حزب الله”، الذي يَعتبر ان اتفاق الطائف أتاح للمركز السني الأول – اي رئاسة الحكومة – الإمساك بالقرار، لن يقبل بأقلّ من إحداث تعديلات تمكّن الشيعة من المشاركة الفعلية في قرار السلطة التنفيذية، اي الحكومة، وخياراتها.ودلّت التجربة في الأعوام الماضية على ان “حزب الله” سعى الى فرض هذه المعادلة بقوّة الأمر الواقع، عبر انتزاع “الثلث المعطّل” في الحكومة إن من خلال استخدامه السلاح على غرار ما حصل في 7 مايو 2008 في بيروت وبعض الجبل، الأمر الذي أدى الى كسر قواعد اللعبة والذهاب الى اتفاق الدوحة، وإن عبر تحالُفه مع شريك مسيحي قوي، هو العماد عون الذي وفّر للحزب إمكان الإمساك بـ”الإمرة الاستراتيجية”.
غير ان “حزب الله” يعتقد، بحسب الأوساط عيْنها، ان الوقت حان لتكريس هذه المشاركة عبر تعديلات دستورية في نمط الحكم، لأن الاتكاء على التحالف مع “التيار الوطني الحر” غير مضمونٍ في ظل الصراع على قيادة هذا التيار في مرحلة ما بعد العماد عون، ولانه غير وارد اللجوء الى استخدام السلاح في الداخل على غرار “7 ايار” مرّة جديدة، وخصوصاً في ظل الاحتقان السني – الشيعي.
وبإزاء تقديرات من هذا النوع، تتضح خلفية استياء “حزب الله” من ذهاب حليفه سليمان فرنجية الى عقد صفقة مع الحريري تقوم على ان “الرئاسة لـ 8 آذار” مقابل إطلاق يد زعيم “المستقبل” في الحكومة، الأمر الذي سارع الحزب الى إجهاضه لان الثمن الذي يريده مقابل الإفراج عن الرئاسة الاولى كـ “موقعٍ رمزي” هو تثبيت توازنٍ سني – شيعي في صنْع القرار في الحكومة التي تتمركز فيها سلطة اتخاذ القرار.وبهذا المعنى، فان “حزب الله” الذي يقاتل في معارك يعتبرها “وجودية” خارج لبنان، لن يتساهل في سعيه لتعديل قواعد الحكم وتوازناته في لبنان، وتالياً فإنه سيستمرّ في حراسة الفراغ الرئاسي الى حين نضوج ظروفِ مقايضةِ عمليةِ انتخابِ رئيسٍ للجمهورية بتعديلاتٍ يريدها في آليات الحكم، وهو ما كان أوحى به عندما تحدّث عن تسويةٍ بـ “سلّة شاملة” تتضمّن رئاسة الجمهورية والحكومة، رئاسةً وتركيبةً وتوازنات، وقانون الانتخابات.