سلوى بعلبكي
دخلت الوصفة الطبية الموحّدة مرحلة التنفيذ بدءاً من 10 آب الماضي، وذلك بعد خمسة أعوام من صدور القانون. وكان الهدف منها دفع الطبيب، بمساعدة الصيدلي، الى استبدال “الدواء المناسب” بـ “الدواء الأنسب”، وبسعر أدنى. بعد فترة من تطبيقها بدأت الجهات الضامنة ترفض الدفع للمريض بدل الصور الشعاعية أو الفحوص المخبرية ما لم تكن مدونة على نموذج الوصفة الطبية. فأرتأت اللجنة التي شكلتها وزارة الصحة لمتابعة تطبيق الوصفة، ان تضم هذه الاعمال الى الوصفة الطبية الموحدة.
اعتبر رئيس هيئة “الصحة حق وكرامة” النائب السابق اسماعيل سكرية هذا الامر مخالفا لقانون الوصفة، فأرسل دراسة قانونية الى وزير الصحة ونقيب الاطباء، تثبت وجود تجاوز فاضح لقانون إنشاء الوصفة الطبية الموحّدة والمتعلّق فقط بالدواء، وطالب بسحب كل الاعمال الطبية من فحوص مخبرية وصور شعاعية وتقنيات ومناظير والتي ادخلت بتعميم نقابي- وزاري مشترك، كونها تضرب قانون الوصفة عرض الحائط، وتحمّل الناس والاطباء اعباء اضافية. وأكد في اتصال مع “النهار”، أنه لا يجوز ان يتم تغيير القانون كرمى لعيون شركات التأمين والجهات الضامنة، فيما لم تؤخذ مصلحة المريض في الاعتبار، مشيراً الى أن بعض الاطباء يحمّلون المرضى أعباء مادية اضافية من جراء الوصفة الطبية تصل احيانا الى 20 ألف ليرة اضافية. فالقانون وفق ما يقول “جاء من اجل تنظيم سوق الدواء بالدرجة الاولى، ولا يجوز التوسع في تفسيره لكي ينسحب على ما يخرج عن نطاق الوصفة الطبية، مطالبا بإلغاء تعميم نقابة الاطباء بتاريخ 18/12/2015 رقم 6837 المتعلق بالوصفة الطبية الموحدة لمخالفته القرار 5818 /1 الصادر عن وزير الصحة بتاريخ 13/6/2011 وللقانون رقم 91 تاريخ 6/3/2010، معتبراً “ان التوسع في التفسير لكي يشمل الحالات الاربع (تقارير الفحوص المخبرية والصور الشعاعية والتقنيات والمناظير) كما ورد في التعميم، يعتبر مخالفة للقانون وللقرار ولروحية المشترع الذي هدف الى تنظيم سوق الدواء عبر اعتماد الوصفة الطبية الموحدة حصرياً في سياق تنظيم وصفة الدواء”. وتاليا، تكون الحالات التي وردت في التعميم في سياق تفسيره للقانون، واقعة في غير محلها الصحيح ويقتضي الرجوع عنها فورا انفاذا للقانون، وتسهيلا لمهنة الطبيب ولامور المرضى، خصوصاً ان هذا التوسع في التفسير يؤدي الى انتهاك “سرية مهنة الطب” وخصوصية المرضى عموما، من خلال اطلاع الصيدلي ومساعديه على اسرار المرضى، علماً ان هذه السرية اكدها القانون 288 للآداب الطبية، كذلك قسَم الطبيب (ابقراط).
ولكن نقابة الاطباء في بيروت التي استغربت صدور هذا الموقف من النائب سكرية بعد أشهر على تطبيق الوصفة الموحدة، اعتبرت على لسان المسؤول عن لجنة الوصفة الطبية فيها الدكتور عماد غصين، ان الوصفة الموحدة تستخدم للحالات الاربع الآتية: وصف دوائي، وصف فحوص شعاعية، مخبرية، وشبه طبية (Paramedical)، ويمكن ان تشمل فحوصاً طبية متنوعة (شعاعية، و/أو مخبرية، و/أو شبه طبية)، باستثناء الضمان الاجتماعي الذي يشترط وصفة طبية مستقلة لكل نوع من هذه الفحوص.
أما بالنسبة الى تعميم نقابة الاطباء الذي يشير اليه سكرية، فيوضح غصين أن النقابة اصدرته بتاريخ 12/18/2015 بعدما تبين لها أن اكثر من شركة تأمين تطلب من الاطباء كتابة التقارير الطبية لدخول المستشفى على نماذج الوصفة الطبية الموحدة بدل التقارير الطبية العادية، وترفض الوصفات التي تتضمن تخطيط القلب (ECG) وصورة صوتية للقلب (Echo cardiaque) معاً. لذا جاء التعميم ليوضح للأطباء وشركات التأمين، أن التقارير الطبية الآتية (على سبيل المثال لا الحصر: تقرير دخول المريض الى المستشفى، تقرير تمديد الاقامة في المستشفى، تقرير الخروج من المستشفى، تقرير تفصيلي لحال المريض لدى خروجه من المستشفى، تقرير التعطيل عن العمل، وثيقة الوفاة أو الولادة)، تحرر على تقارير عادية شرط أن تتضمن الطابع النقابي (500 ليرة).
وإذ نفى ما يقال عن أن بعض الاطباء يعمدون الى تحميل المرضى تكاليف اضافية من جراء اعتمادهم الوصفة الموحدة، اكد غصين ان النقابة اتصلت بالجهات الضامنة لقبول الوصفات الموحّدة التي يصفها الطبيب لمدة 3 أشهر، بدل أن يقوم بتجديدها شهرياً ويتقاضى تالياً اتعاب المراجعة بما يحمّل المريض تكاليف اضافية.
وذكّر غصين بأن تطبيق الوصفة الموحّدة تأخر حتى آب المنصرم في انتظار موافقة مجلس ادارة الضمان على تعديل المادة 42 من النظام الطبي في الصندوق، مشيراً الى أن قانون الضمان يشترط أن تكون الوصفات الطبية والصور الشعاعية والفحوص المخبرية عبر الوصفة الموحدة وإلا فإنها سترفض.