Site icon IMLebanon

هذا هو توقيت بري لزيارة السعودية

 

 

يراقب الرئيس نبيه بري بأسى ما يجري في المنطقة، وهو الذي كان يتطلع الى تقارب ايراني ـ سعودي يفتح المعابر السياسية المقفلة في لبنان.

وإذا كان بري أكثر من يتحسس حاليا مخاطر الاشتباك بين الرياض وطهران وانعكاساته على ساحات الاقليم عموما والملف اللبناني خصوصا، إلا انه يشعر في الوقت ذاته انه كان بالامكان تفاديه او على الاقل تخفيف حدته، لو جرى التعامل مع أسبابه بانفعال أقل وحكمة أكبر.

وما يزيد من قلق بري تلاحق التداعيات المذهبية للتوتر الاقليمي على العديد من دول المنطقة، ومنها لبنان الذي تأثر سريعا بالرياح الساخنة العابرة للحدود، سواء على مستوى علاقة “حزب الله” ـ “تيار المستقبل” التي تسارع إيقاع توترها قبل ان يصار الى ضبطه عبر “مايسترو” الحوار في عين التينة، او على مستوى ارتفاع حرارة الانفعالات في بعض المناطق اللبنانية الحساسة.

ويتوقف بري عند بعض مظاهر التشنج التي سُجلت في صيدا واستدعت تدخله الشخصي لمنع تفاقمها، عبر اتصالات أجراها في أكثر من اتجاه، وهو الامر الذي دفع رئيس المجلس الى التساؤل في مجلس خاص: إذا كان ما يجري من حولنا قد تسبب بانبعاثات مضرة في مدينة يطغى عليها انتماء مذهبي واحد الى حد كبير، فما الذي يمكن ان يحصل في بيئات أخرى تحت وطأة الاحتقان، ما لم نمنع تمدده؟

وعلى وقع هذا القلق، كان بري يقرأ البيان الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب، متوجسا مما حملته سطوره من إشارات سلبية الى مستقبل العلاقات العربية ـ الايرانية وبالتالي الى مستقبل الوضع اللبناني الذي تعلو حرارته او تهبط ربطا بالمناخ الخارجي.

يستعجل بري “المسح البصري” للبيان، وكأنه يريد ان يفرغ منه بسرعة، قائلا: لا ينقصنا همٌ جديد.. ثم لا يلبث ان يضيف: أعتقد ان هذا هو حجم الموضوع، ولا يجوز ان يذهب الى أبعد من ذلك.

ويقول بري، تعبيرا عن خيبة الامل في سلوك بعض العرب، ان الجامعة العربية لم تتخذ في يوم من الايام موقفا حقيقيا لمداواة أي قضية عربية، فكيف بمداواة العلاقة المريضة مع إيران؟

ويلفت بري الانتباه الى ان الدول الاعضاء في الجامعة ليست فقط عربية، بل هي اسلامية أيضا وتشكل جزءا من المؤتمر الاسلامي، وبالتالي فقد كان من الافضل لو انها قاربت العلاقات مع إيران من هذه الزاوية الشاملة.

ويستعيد بري المحاولة التي خاضها في الماضي للتقريب بين الرياض وطهران، مشيرا الى انه حقق آنذاك نتائج إيجابية، إلا ان مرض الملك عبدالله في تلك المرحلة أوقف هذا المسار، “أما حاليا، فأنا أعتبر ان الازمة القائمة تفوق طاقتي وقدرتي على التوسط، مع استعدادي الدائم لبذل أي جهد يمكن ان يساهم في لمّ الشمل”.

ويوضح رئيس المجلس ان تلبيته الدعوة التي وُجهت اليه لزيارة السعودية تتوقف على نضوج الظروف التي تسمح بتحقيق نتائج ملموسة، مشيرا الى انه قبِل الدعوة، “لكنني سأختار الذهاب في التوقيت الذي يكون مناسبا، بحيث أستطيع ان أفيد لانني لست ممن يريد ان يستفيد.” ويتابع: “الأجواء العامة محمومة الآن، ولا أظن انها مؤاتية على صعد الاستحقاق الرئاسي والعلاقة السعودية ـ الايرانية والازمة السورية”.

ويلاحظ بري ان ما حصل من إعدام للشيخ نمر النمر وهجوم على السفارة السعودية في طهران حفر عميقا في داخل الدول المعنية، وفي ما بينها، وبالتالي المطلوب التهدئة والتبريد لمنع الانزلاق الى الأسوأ، موضحا ان معلوماته تفيد بان مجلس الوزراء الايراني ناقش مطولا الاعتداء الذي تعرضت له السفارة السعودية، وكان الرئيس حسن روحاني والوزراء مستائين جدا مما جرى، وقد تم توقيف قرابة 60 شخصا وبالامس أقيل مسؤول أمني كبير في طهران، وبرأيي ان قطع العلاقات الدبلوماسية لم يكن الخيار الأنسب، بل كان ينبغي ان يبادر الجميع الى لملمة الازمة بأقل الخسائر الممكنة بدل توسيع مداها.

ويلفت بري الانتباه الى ان احتدام الصراع الاقليمي لا يسمح بحلول جذرية في لبنان حاليا، وبالتالي فان أقصى ما يمكن فعله محليا وسط هذه الظروف هو الترقيع.