منذ سنوات طويلة ينتظر أهالي البقاع الشمالي وصول خدمة الإنترنت السريع (DSL) إلى بلداتهم، لكنهم حتى اليوم لم يحصلوا سوى على وعود خائبة. حرمان أهالي البقاع أبسط حقوقهم في الإستفادة من خدمات شبكة الإتصالات الهاتفية الثابتة من ناحية الإتصالات أو خدمة الإنترنت السريع، يدخل ضمن حلقة الحرمان الواسعة التي يعانونها جراء البعد الجغرافي عن العاصمة في ظل غياب مطلق للتنمية العادلة بين المناطق.
كيلومترات قليلة تفصل بين قرى بقاعية تنعم بخدمات الشبكة الهاتفية الثابتة على اختلافها، وبلدات استفادت من خدمة وغابت عنها خدمات. من إيعات حتى قرى دير الأحمر وبوداي وحدث بعلبك غرباً، ويونين والبزالية واللبوة ورأس بعلبك والفاكهة وصولاً الى القاع، ينوء أبناء قرى البقاع الشمالي وغرب بعلبك تحت نير شبكة هاتف هوائية «WLL» أقل ما يقال عنها من أبناء المنطقة وموظفي أوجيرو أنفسهم انها «رديئة وكارثية وغير ذات جدوى على مستوى الإتصالات». وليس بعيدا عن القاع ورأس بعلبك، يستفيد قضاء الهرمل من شبكة هاتف ثابتة سلكية، لكن مشتركيها لا يزالون ينتظرون منذ أكثر من أربعة أعوام أن يتحقق حلم وصول خدمة الإنترنت السريع (DSL).
يخبر الشاب أحمد الساحلي، ابن مدينة الهرمل، أنّهم «تلقوا وعوداً كثيرة بقرب تشغيل خدمة الإنترنت في الهرمل وآخرها أنه سيبدأ تشغيلها مطلع هذه السنة». الكلام نفسه يردده غالبية المشتركين مع «أوجيرو» في الهرمل، كذلك يقول نائب رئيس بلدية الهرمل عصام بليبل انّ «هناك وعدا ببدء الإستفادة من خدمة الـ DSL هذه السنة». يستند بليبل إلى اتصالاته مع الإدارة المركزية في وزارة الإتصالات، وإلى خلاصة الكتب الخطية التي تطالب بالإنتهاء من التوصيلات المطلوبة لتشغيل خدمة الإنترنت السريع في الهرمل وقراها. ويرى أنه آن الآوان لتتمتع الهرمل بخدمة الإنترنت السريع، أسوة بقرى وبلدات باتت تتمتع بخدمات HDSL، و VDSL +2، موضحاً أن المعدات والتجهيزات اللازمة للتشغيل انتهى العمل بها في مكتب أوجيرو في الهرمل، ولم يبقَ للتشغيل سوى بعض التوصيلات الفنية بين الشمال والهرمل.
إلا أنّ مصادر مطلعة في أوجيرو أكدت لـ»الأخبار» أنه يستبعد أن تنطلق خدمة DSL في الهرمل في شهر كانون الثاني، كاشفة أن كابل الألياف الضوئية الذي من المفترض أن يوفر خدمة الإنترنت السريع من الشمال «تعرّض لأضرار منذ أكثر من شهرين في منطقة وادي فيسان في جرود الهرمل». ورغم تكليف متعهد لإصلاح الضرر في الكابل، إلا أن «امر المباشرة بالاشغال لم يصدر بعد» بحسب ما تؤكد هذه المصادر، التي تتساءل بدورها عن «أسباب التأخير إذ إنّ الذرائع تتوالى من المتعهد، فتارة عدم توافر المعدات المطلوبة، وتارة أخرى عدم ملاءمة الطقس لإجراء التصليحات اللازمة على الكابل».
هذا الوضع ليس جديداً على أبناء قضاء الهرمل الذين ينتظرون وصول خدمة الإنترنت السريع منذ بداية عام 2011 بغية التخلص من «استغلال» مشغلي الإنترنت الخاص «الذين يتحكمون في السرعة وقيمة التعرفة المالية الشهرية» كما يقول مدير إحدى المتوسطات الرسمية في الهرمل. ففي الوقت الذي يدفع فيه أبناء الهرمل 45 ألف ليرة مقابل الإفادة بـ GB 5 بسرعة 2 ميغابيت، تبلغ كلفة أصغر باقة خدمات في الإنترنت السريع في الشبكة الثابتة 24 ألف ليرة لـ GB 40 وبسرعة 2 ميغابيت بالثانية. يؤكد مدير المتوسطة الرسمية أن سعي أبناء الهرمل للحصول على خدمة الإنترنت السريع يرمي الى «ربط المنطقة فعليا بالوطن وبالدورة الإقتصادية والمعلوماتية المعرفية، وتسريع عمل المؤسسات الحكومية والخاصة لإنجاز أعمالها الإدارية والخدماتية من بينها معاملات المواطنين». أمّا رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر ميلاد عاقوري، فيعلن أنّه حصلت اتصالات متواصلة مع وزارة الإتصالات، بالإضافة إلى كتب خطية طالبوا فيها باستبدال شبكة الهاتف الهوائي «الكارثية»، بشبكة بديلة سلكية، «إلا أننا رغم كل ذلك لم نحصل إلا على وعود، ونحن على يقين أنها وعود سرابية وغير جدية».
لكن إذا كانت الهرمل قد وُعدت بتشغيل خدمة الإنترنت السريع، فإن عشرات قرى البقاع الشمالي وغرب بعلبك ما زالت تحلم بيوم يوعدون فيه بتأمين خدمة الإنترنت إلى منازلهم. فشبكة الهاتف الثابت في تلك القرى تعتمد على النظام الهوائي WLL الذي لا يمكن تشغيل خدمات عليه، حتى خدمة إظهار رقم المتصل، ويعد بحسب أحد مسؤولي أوجيرو أنه «نظام فاشل ورديء، إذ يتعطّل مع انقطاع الكهرباء ومع هبوب العواصف والأمطار، ولا بطاريات تستعمل كبديل عن الكهرباء ولا صيانه أيضا». ويؤكد المسؤول في «أوجيرو» أنّ هذا النظام «منذ أن جرى تركيبه أيام وزير الإتصالات جان لوي قرداحي لم يشهد أي تطوير، ليبقى على رداءته منذ سنوات طويلة».