Site icon IMLebanon

أمن المطار غير مطابق للمواصفات!

 

كتب عماد مرمل في صحيفة “السفير”:

بينما يستمر انتظار الإذن الإقليمي والدولي لهبوط طائرة الاستحقاق الرئاسي على مدرج التوافق غير المنجز حتى الآن، يبدو أن مطار رفيق الحريري الدولي يعاني منذ فترة من نقص في بعض المواصفات الدولية الأمنية والتقنية، ما استدعى استفسارات أوروبية، لا سيما فرنسية وبريطانية، بلغت حد التلويح بمقاطعة الهبوط في المطار ما لم تتم معالجة الثغرات فيه.

وهذا الملف الدقيق كان موضع بحث بين الرئيس نبيه بري والسفير الفرنسي في بيروت الذي حصل على تطمينات من رئيس المجلس، كما ناقشه وزير الداخلية نهاد المشنوق مع السفير البريطاني الذي أبدى قلقا حيال واقع المطار الأمني.

ويعكس واقع المطار الكثير من معالم الأزمة الوطنية الأوسع في لبنان، لجهة الصراع على النفوذ والأدوار، وتضارب الصلاحيات والمصالح، والتفنن في إضاعة الوقت، وتقاذف المسؤوليات، والتسلح بالحمايات السياسية والطائفية، لكن مع فارق وحيد، وهو أن العبث بمرفق كالمطار ينطوي على مخاطر فادحة ومباشرة، لا يجوز الاستهتار بها.

وللعلم، فإن لبنان لا يزال موضوعا على اللائحة السوداء للشحن في أوروبا برغم إنجاز مركز الشحن الجديد بكلفة 30 مليون دولار، وذلك لاستمرار عمل المركز القديم الذي كان ينبغي إقفاله، كما أن المنظمة العالمية للطيران تعتبر أن إدارة الطيران المدني في لبنان غير مطابقة للمواصفات، وبالتالي فإن التصنيف المعتمد لوطن الأرز هو «حذر في السلامة».

وفي المعطيات، إن أبرز مكامن الضعف والخلل في الجسم الأمني والفني للمطار هي:

ـ دخول وخروج حقائب المسافرين، وضرورة الكشف عليها بطريقة متطورة، لا سيما في ما يتعلق بمسار صعود الحقائب إلى الطائرات، وهذا مشروع كان يُفترض تلزيمه منذ قرابة سنتين.

ـ تراجع مستوى بعض الأنظمة والتجهيزات الأمنية (من حيث المراقبة والكاميرات والـ«سكانر» وغيرها) ما يستدعي تطويرها بسرعة.

ـ سور المطار ( إنارة وكاميرات..) الذي صدر قرار ببنائه منذ عام 2010، لكن تنفيذه تأخر.

ـ وضع الرادارات التي تتطلب تحديثا.

ـ العديد القليل لعناصر قوى الأمن الداخلي، بالمقارنة مع احتياجات المطار، في حين أن المطلوب الاستعانة بأعداد مضاعفة، والأهم إجراء مناقلات، خصوصا على مستوَيَي الجمارك والدرك.

ـ تقلص العديد من الخدمات الحيوية.

ـ العلاقة المتوترة تاريخيا بين الشركة الوطنية الأم ووزارة الوصاية ممثلة بالأشغال العامة.

ـ تضارب الصلاحيات بين الوزارات والأجهزة المختلفة، ما أدى إلى غياب المرجعية الموحدة للمطار.

ـ التجاذب المتوارث بين وزارتَي الداخلية والأشغال.

ويبدو أن كلفة تحديث أمن المطار وتجهيزاته التقنية، انسجاما مع المواصفات العالمية، تستوجب قرابة 55 مليون دولار أميركي، كان يفترض تأمين 27 مليونا منها عبر الهبة السعودية، وهو الأمر الذي لم يحصل.

وبينما جرى مؤخرا تلزيم بناء سور المطار بقيمة تقارب خمسة ملايين دولار أميركي، عُلم أن غياب الاعتمادات اللازمة يعطل أو يؤخر تلزيم المشاريع الأخرى الملحة لتطوير وتحسين الشروط الأمنية في المطار، تبعا للمعايير التي تفرضها كل من المنظمة العالمية للطيران والاتحاد الأوروبي.

وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ «السفير» أن المطار يعاني من مشكلات عميقة لم يعد مقبولا التغاضي عنها، كاشفا عن أن لندن وباريس لوَّحَتا بالتوقف عن استخدام المطار، «وهذا التهديد جدي ولكنه ليس نهائيا بعد في انتظار ما يمكن أن تفعله الدولة اللبنانية لإقفال الثغرات وتحصين الأمن في هذا المرفق الحيوي».

وأوضح أنه ناقش هذا الملف مع الرئيس بري «الذي أبدى تجاوبا معي وهو يبذل مساعيه لإزالة مكامن الخلل في المطار»، مستغربا كيف أن موضوعا بهذه الحساسية يلاقي اهتماما ضعيفا إلى هذه الدرجة، «ولولا تحرك رئيس المجلس والجهد الذي أبذله لانعدمت أي متابعة رسمية لهذه القضية».

أما وزير الأشغال العامة غازي زعيتر فقال لـ«السفير» أن أمن المطار وسلامة المسافرين هما خط أحمر ممنوع القفز فوقه، مشددا على أن هذا الملف يشكل أولوية لديه، انطلاقا من الحرص على تقيد لبنان بالاتفاقيات الدولية وحماية مصداقيته. وأكد أن العمل جار على قدم وساق لاستكمال المواصفات المطلوبة وفق معايير المنظمة العالمية للطيران والاتحاد الأوروبي، موضحا أنه بادر إلى تلزيم بناء سور المطار لشركة كندية، لكنه لفت الانتباه إلى أن تنفيذ المشاريع الأخرى يحتاج إلى أموال غير متوافرة حتى الآن، «وأنا سأطرح هذا الأمر على مجلس الوزراء وسأطلب تأمين الاعتمادات اللازمة حتى نستطيع استكمال الشروط الأمنية والتقنية المطلوبة منا».

وأشار إلى أنه سيعقد خلال أسبوعين مؤتمرا صحافيا يشرح فيه كل جوانب ملف المطار، ويعرض التلزيمات التي تمت وتلك التي تنتظر، استنادا إلى جدول زمني وبرنامج عمل واضح.