Site icon IMLebanon

بورصة بيروت “كبش محرقة”

BeirutStockMarket6

عزة الحاج حسن

“شاخت” بورصة بيروت كما الكثير من مؤسسات الدولة غير الناجعة، لأسباب لا تبعد كثيراً عن التجاذبات السياسية، فباتت أشبه بـ”دكان” لأسهم بعض الشركات العائلية التي لا يتعدى عددها 11 شركة تتصدرها شركة سوليدير وعدد من المصارف اللبنانية مثل بنك عوده ولبنان والمهجر والبنك اللبناني للتجارة وبيبلوس… وغيرها.

بورصة بيروت وبعد فترة ذهبية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، تعيش عزلة مالية بكل ما للكلمة من معنى، حتى يكاد المرء يظن أنها تتمركز على جزيرة مجهولة، فلا يعنيها التداخل مع أي من الأسواق المالية العالمية أو الإقليمية، ما جعل من خصخصتها حلّا نهائياً لإخراجها من “قمقمها”، ومن أجل هذا الهدف استُصدر قانون يحمل الرقم 161، لكنه ركن في أدراج مجلس الوزراء لأعوام، وما يزال.

التجاذبات السياسية التي عرقلت تطبيق القانون 161 المعني بخصخصة بورصة بيروت وتحويلها الى شركة متطورة، دفعت بمصرف لبنان وهيئة الاسواق المالية الى العمل على تأسيس بورصة جديدة أو بالأحرى منصة إلكترونية في بيروت لتمكين الشركات كافة من طرح أسهمها، فيُدرج فيها المهنيون والمصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة والمكاتب العائلية المتخصصة بادارة الثروات الخاصة، وتكون وسيلة تداول قانونية وشفافة للمؤسسات المالية المحلية والأجنبية.

ولكن ما مصير بورصة بيروت؟، ولماذا لا يتم تحديثها وتطوير قوانينها بما يتلائم ومقتضيات السوق اللبنانية؟ وما العوائق أمام تطبيق قانون خصخصتها؟ والى أي مدى ستصمد في وجه منصة تداول إلكترونية عصرية؟ وما الذي يحمي بورصة بيروت والشركات المُدرجة فيها حالياً من أن تكون “كبش محرقة” بين طبقة سياسية مستهترة ومعرقلة لتطور البورصة منذ العام 2012 من جهة، وبين شركات ومؤسسات تتوق الى إيجاد منصة إلكترونية تعبر بها الى الاسواق العالمية من جهة أخرى؟
العراقيل السياسية وتعطّل المؤسسات الدستورية لاسيما مجلس الوزراء، لهما اليد الطولى بإضعاف البورصة والحد من توسّعها، لكن الذهاب الى إنشاء منصة إلكترونية خلال الأشهر القليلة المقبلة، هو، وفق رئيس بورصة بيروت بالإنابة غالب محمصاني، أمر “متسرّع” نوعاً ما، إذ أن الحل الأمثل في الوقت الراهن، وفق ما يراه محمصاني في حديث لـ”المدن”، يتمثّل بالضغط على مجلس الوزراء لتشكيل لجنة تباشر في إجراءات خصخصة بورصة بيروت وتحويلها الى بورصة تشمل مقومات المنصة الإلكترونية المنوي تأسيسها من قبل هيئة الأسواق المالية.

وفي حين لا يخفى على أحد “ترهل” بورصة بيروت وهو ما يؤكده الخبراء الماليون، يرى مصدر في بورصة بيروت (يفضل عدم ذكر اسمه) أن المنصة الإلكترونية المرتقب تأسيسها ستشكّل عامل ضغط إضافياً على بورصة بيروت، إذ من المتوقع أن يخرج منها المساهمون تدريجياً بحثاً عن أرضية للتداول أكثر حداثة وتطورا من البورصة الحالية. ويؤكد في حديث لـ “المدن” أن آلية عمل المنصة الإلكترونية لا تزال غير واضحة وغير دقيقة حتى بالنسبة الى المساهمين المفترضين أنفسهم.
ورغم تأكيدات الخبير الاستراتيجي في أسواق البورصة العالمية جهاد الحكيّم لـ “المدن” أن المنصة الإلكتروية الجديدة ستكون متمّمة لعمل بورصة بيروت لا بل أكثر شمولية وانفتاحاً منها، خصوصاً أنها تهدف الى تأمين السيولة التي من شأنها خدمة قطاعات كثيرة لاسيما الشركات الناشئة، تبقى المخاوف كبيرة حول مصير بورصة بيروت ومصير الشركات المساهمة فيها.