Site icon IMLebanon

لبنان عاد إلى… “بيت طاعة” التهدئة

 

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية أنّه فيما تتجه الأوضاع الداخلية في لبنان نحو تهدئة جديدة، بات عنوانها العريض يتلخّص بالتوافق السياسي على إعادة تفعيل العمل الحكومي، يبدو المشهد المتصل بالاستحقاق الرئاسي في الأسابيع المقبلة أمام تطورات، قد تكتسب أهمية كبيرة، وخصوصًا على صعيد فرز الاصطفافات والمواقف الداخلية.

وأمس، كشفت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ“الراي” أن “الإجماع السياسي الذي برز في جولتيْ الحوار اللتين أجريتا في يوم واحد الإثنين في مقرّ رئاسة مجلس النواب في عين التينة على تفعيل العمل الحكومي لم يكن سوى انعكاس لحسابات القوى الداخلية الأساسية، ولا سيما منها الفريقان السنّي والشيعي، بضرورة العودة الى تهدئة الواقع الداخلي بعد موجة التصعيد الحاد الذي نشأ بين المملكة العربية السعودية وإيران، والذي كاد يطيح بتداعياته الهدنة السياسية اللبنانية السائدة منذ أعوام”.

وتضيف المصادر أن “قرار العودة الى التهدئة برز بقوة في جولة الحوار التي عُقدت بين تيار المستقبل (يقوده الرئيس سعد الحريري) و “حزب الله”، مساء اول من أمس الثلاثاء، عقب جولة الحوار الوطني الموسعة التي سبقتها بساعات قليلة. ذلك أنّ الفريقين قرّرا تَجاوُز السجالات الحادة والعنيفة التي تبادلاها الاسبوع الماضي، والمضي مجدداً في الحوار والتهدئة ما أمكن، لأن محاذير التصعيد الإعلامي والسياسي كانت تهدّد هذه المرة بانقطاع الحوار فعلاً، وبعودة التوتر المذهبي الى الشارع، الأمر الذي أَبرزَ حياله الفريقان امتناعاً عن الانزلاق الى التصعيد”.

وأكد “المستقبل” و”حزب الله” في البيان الذي صدر بعد جولة الحوار الثنائي بينهما انه “جرى نقاش حول تطورات الأوضاع الراهنة وعرض للمواقف من القضايا المطروحة. وأكد المجتمعون انه على رغم التباينات في الموقف حول عدد من القضايا الخارجية فإنهم يجددون الحرص على استمرار الحوار وتفعيله وتجنيب لبنان أي تداعيات تؤثر على استقراره الداخلي. وتناول البحث أيضاً تكثيف الاتصالات من أجل تفعيل عمل الحكومة”.

وأشارت المصادر السياسية الواسعة الاطلاع نفسها، الى ان “رئيس مجلس النواب نبيه بري بدا كأنه يحمل عصا المايسترو، عندما دفع بدوره بجولة الحوار النيابي الموسع نحو تَجاوُز تداعيات الموقف الذي اتخذه وزير الخارجية جبران باسيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، والذي امتنع فيه لبنان وحده، من دون سائر الدول العربية، عن تأييد بيان إدانة التدخّلات الايرانية في العالم العربي”.

وإزاء هذه التهدئة المتعددة الوجوه، توضح المصادر أن “البلاد ستكون مجدداً أمام مرحلة تقطيع الوقت الضائع بالتي هي أحسن، وخصوصاً أن أيّ أفق واضح للاستحقاق الرئاسي لا يَظهر حالياً، ويصعب التكهن بأيّ خط بياني من شأنه ان يبلور مسار أزمة الفراغ الرئاسي”.

وتشير هذه المصادر في هذا المجال، الى “استبعاد الكثير من المطّلعين أنّ تحصل تطوّرات دراماتيكية وشيكة، من مثل ما تضجّ به وسائل الإعلام والصحافة اللبنانية حول اقتراب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون من تَفاهُم تاريخي، يدعم عبره جعجع عون لانتخابه رئيساً للجمهورية. ذلك أنّ خطوة كهذه، وإنّ كان يجري العمل على بلْورتها بقوّة في الاتصالات والزيارات التي لا تنقطع بين موفدي عون وجعجع الذين يعملون على إنضاج ورقة سياسية – رئاسية تكمل اعلان النيات الذي تم التوصل اليه بينهما العام الماضي، إلا أنّها لن تكون بالسرعة التي يتصوّرها كثيرون، ولو حصلت زيارة محتملة لعون الى معراب (حيث مقرّ جعجع) كثر الحديث عنها أخيراً”.

وتلفت المصادر الى أنّ “مخاضاً حاداً تشهده قوى “14 آذار” في الآونة الأخيرة هو السبب في إثارة أجواء ساخنة حول الاتجاهات المحتملة لجعجع او مصير مبادرة الرئيس سعد الحريري في دعمه ترشيح زعيم “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية. وإذ زادت الطين بلّة شائعات عن لقاء جديد حصل او سيحصل في الساعات المقبلة بين الحريري وفرنجية في باريس، بما يعني مضيّ الحريري في مبادرته، فإنّ ما تَسرّب عن اللقاء الاخير لقوى “14 آذار” في بيت الوسط مساء الأحد، فاقم الالتباس والتوتر من خلال الكلام عن اتجاه القوات اللبنانية الى تأييد عون للرئاسة”.

وتقول المصادر ان “الساعات الأخيرة شهدت اتصالات كثيفة لإعادة تصويب النقاش داخل قوى “14 آذار”، بعدما توجّست بعض القوى من بعضها الآخر في الكباش التصاعدي حول ترشيح عون او فرنجية. ويبدو أنّ إعداداً لاجتماع آخر لقوى 14 آذار يجري راهناً من اجل منْع الخلافات حول الملف الرئاسي من التفاقم داخل هذا التحالف. ولكن المصادر عيْنها تعترف بدقة الواقع الذي تجتازه هذه القوى التي باتت امام خيارات ضيقة للغاية، ولذا يُجري بعض أفرقائها محاولات لتبريد الوضع وتجميد اي تحركات جديدة على قاعدة تمديد الانتظار ما دام الأفرقاء الآخرون اعتمدوا هذا التجميد الآن على الاقل تحت عنوان تفعيل العمل الحكومي”.

وقبل يومين من موعد جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً، بدا واضحاً ان ثمة مناخاً دافعاً لجعلها جلسة منتِجة، يحضرها جميع مكوناتها، ولا سيما وزراء عون، على قاعدة ان البنود المطروحة حياتية ملحة، ولا خلاف عليها يستدعي أصلاً طرح مسألة آلية اتخاذ القرار في الحكومة في غياب رئيس الجمهورية، وسط معلومات عن مساع تُبذل في الساعات الفاصلة عن الغد، لبلوغ صيغة ما لمعالجة إصرار عون على بت قضية التعيينات الأمنية وذلك على قاعدة حصول تعيينات في المجلس العسكري تشمل مواقع شاغرة بما لا يمس بالمواقع التي سبق ان جرى التمديد لها ولا سيما قائد الجيش العماد جان قهوجي.