IMLebanon

الترحيل خلال 25 يوماً!

Bourj Hamoud Waste

 

لم تحترق طبخة الترحيل مع النفايات التي تحرق في أنحاء بيروت. وزير الزراعة أكرم شهيب لا يزال يؤمن أن العملية قائمة وصارت على أبواب التنفيذ.

وفيما تردد نهار أمس أن الشركة الهولندية قد انسحبت، أكد شهيب لـ «السفير» هذا الأمر، معللاً هذه الخطوة، برفض الحكومة لشروطها في ما يتعلق بالكفالة. وكانت الشركة التي مددت فترة تقديمها للكفالة من الجمعة الماضي إلى الاثنين، قد طلبت مخالفة شروط الكفالة التي ينص قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 كانون الأول الماضي عليها، إذ إن القرار يشير إلى أنه في حال عدم تقديم المستندات المطلوبة (موافقة إحدى الدول على التخلص من النفايات على أراضيها، وفقاً للمعاهدات الدولية والقوانين المحلية للدول المصدرة إليها النفايات)، يحق للدولة اللبنانية مصادرة الكفالة التي تبلغ قيمتها 2.5 مليون دولار.

وقد أرادت الشركة ضمان موافقة لبنان على المستندات، بما يحميها من مصادرة كفالتها، فيما رأى شهيب أن المطلوب التأكد بداية من استيفاء الشروط المطلوبة للتصدير، كالحصول على موافقة الوزير المعني ووزير الخارجية والسفارة اللبنانية في البلد المعني، قبل التوقيع النهائي. وعليه، فقد ألغيت الموافقة المبدئية على العقد لعدم تقديم الشركة للكفالة المصرفية في الموعد المحدد.

وبذلك، تكون الشركة الإنكليزية «شينوك» قد بقيت في الساحة وحدها، حيث ستكون مسؤولة عن تصدير كل النفايات، بما يعني أيضاً أنها ستكون معنية بدفع الكفالة الإجمالية البالغة قيمتها 5 ملايين دولار.

وعملياً، فقد كان هذا السيناريو متوقعاً من المتابعين لتفاصيل المناقصة. كما تأكد هذا المنحى، بعد الرفض السيراليوني الصريح لتصدير النفايات إلى أراضيها، وذلك اثر كشف «السفير» للرسالة التي كان قد أرسلها مستشار الرئيس السيراليوني إلى الشركة الهولندية في السابع من الشهر الحالي، وفيها يؤكد موافقة فريتاون المبدئية على استقبال النفايات اللبنانية.

وبعد الكشف عن مضمون هذه الرسالة، نجحت الجمعيات البيئية في منطقة غرب أفريقيا في إنشاء لوبي فاعل أدى إلى إصدار رئيس الجمهورية بياناً يؤكد فيه أن الحكومة لم توافق على استقبال النفايات اللبنانية، كما لم تعطِ أي مسؤول حكومي حق الموافقة على العملية، مؤكدة أنها لن تقبل بتعريض صحة المواطنين وبيئتهم إلى الخطر.

وقد صدر هذا البيان الرئاسي، بعدما تم التأكد أن الرسالة وصلت بالفعل إلى الشركة المعنية وأن مستشاراً للرئيس هو من «طبخ» العملية برمتها، حيث زار السفارة اللبنانية حاملاً معه مستنداً موقعاً من قبله وينص على الموافقة المبدئية لفريتاون على ترحيل النفايات إليها، لتصديقه، في انتظار موافقة الحكومة بشكل رسمي.

وبالفعل تم تصديق المستند في السابع من كانون الأول. علماً أن السفارة حرصت على مهره بعبارة «دون أن تتحمل البعثة (اللبنانية) أية مسؤولية»، كونه لا يتضمن موافقة واضحة من الحكومة السيراليونية.

ولم تهدأ عاصفة هذه الرسالة في فريتاون، حيث علمت «السفير» أن وزير الخارجية السيراليوني طلب لقاء السفير اللبناني نضال يحيى للتباحث بشأن ما نشرته «السفير» في التاسع من الجاري عن تقديم مستشار الرئيس موافقة مبدئية على استقبال سيراليون للنفايات اللبنانية، وبشأن تصديق السفارة اللبنانية على المستند الموقّع من مستشار رئيس الجمهورية. كذلك علمت «السفير» أن المستشار استدعي إلى التحقيق واحتجز لبعض الوقت قبل أن يفرج عنه، علماً أنه كان سيتخلى عن منصبه قريباً، بسبب فوزه في الانتخابات الفرعية، حيث تنص القوانين السيراليونية على عدم جواز الجمع بين النيابة وأي منصب تنفيذي آخر.

وبعدما أقفل ملف تصدير النفايات إلى سيراليون نهائياً، بفضل موقف الرئيس نبيه بري «حماية للجالية اللبنانية» وتحرك جماعات الضغط التي نجحت في إبعاد شبح النفايات عن غرب أفريقيا، صدر أمس بيان موقع من ثلاث منظمات بيئية دولية متخصصة بمراقبة تطبيق اتفاقية بازل ومنع انتشار النفايات السامة، يدعو الحكومة اللبنانية إلى إعادة النظر بقرار تصدير النفايات. كما يدعوها إلى قراءة الاتفاقية التي وقع لبنان عليها جيداً، مذكرة أن هذه الاتفاقية لم تكن لتشهد النور لولا الفضيحة التي حصلت من خلال تصدير إيطاليا نفاياتها الصناعية إلى لبنان في العام 1988.

في هذا الوقت، لا تزال شركة «شينوك» تعمل لتحضير الأرضية الملائمة لبدء التصدير، من دون أن تقدم حتى الآن المستندات المطلوبة من الدول التي سترحل النفايات إليها. وفيما توقع الوزير شهيب أن تبدأ عملية الترحيل خلال 25 يوماً، تستمر الشركة في دراسة وتقييم حالة معامل الفرز الموجودة ولوائح الموظفين اللبنانيين والأجانب في معملي العمروسية والكرنتينا، علمت «السفير» أن اختصاصيين من شركة «سيشي» الفرنسية، وهي شريك بالباطن لـ «شينوك»، سيصلون الاثنين إلى لبنان، لتقييم حالة النفايات المنزلية القديمة وتحديد الكمية الموجودة وإعداد تقرير واضح بشأنها.

50 محرقة تنتظر إدخالها إلى لبنان؟

بالتزامن مع الكلام عن فشل صفقات ترحيل النفايات، تردد أن بعض النافذين في السلطة ينوي إدخال 50 محرقة للنفايات لكي توزع على كل الأراضي اللبنانية!

وتزامن التداول بهذا الخبر مع حملة إعلامية للترويج للمحارق تأسست بداية على قرارات سابقة لمجلس الوزراء بدأت من العام 2010 تقول بما يسمى «التفكيك الحراري»، ولا تزال تدرج في كل قرار لمجلس الوزراء ذي صلة.

فهل يمكن، على ضوء كل ذلك، تفسير بيان وزير البيئة محمد المشنوق لليوم الثاني على التوالي لتأكيد دور وزارة البيئة في الترخيص لمحارق النفايات، والذي اكد فيه «أن أي محرقة ستعمل في لبنان، من دون الموافقة المسبقة لوزارة البيئة والإدارات المعنيّة الاخرى استناداً إلى دراسة تقييم الأثر البيئي التي نصّت عليها القوانين والانظمة المرعيّة، سوف يتمّ التعامل معها على أنّها مخالفة صريحة للقوانين ويتحمّل أصحابها مسؤولية الملاحقة القانونية حسب الأصول».

كما أكّد وزير البيئة أنّه طلب من وزارة الداخلية والبلديات ومن جميع المحافظين «المتابعة والاستقصاء عن أيّة محارق صغيرة أو متوسّطة او كبيرة أدخلت إلى لبنان، أو جرى تركيبها في لبنان بصورة غير قانونية، وضبطها في حال تشغيلها في أيّ من المناطق اللبنانية». وأكّد الوزير أنّ «لا علاقة لهذا القرار بواقع النفايات اليوم أو بما يتمّ تداوله عن ترحيلها أو عن أي مشاريع أخرى مستقبلية».