يستغرب مصدر وزاري سابق النهج المتبع ازاء سياسة لبنان الخارجية المتصلة بـ” النأي بالنفس” وتحييد لبنان عن الخلافات العربية ولهب نيران السخونة الاقليمية، لا سيما في ما يتصل بالموقف الذي اتخذه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، بالامتناع عن التصويت على قرار الوزراء العرب والنأي بالنفس عنه، وطلب إزالة الإشارة الى «حزب الله» اللبناني بعد ربطه بأعمال ارهابية في البيان الختامي مسجلا اعتراضه عليه، على رغم تنسيق باسيل الموقف مع رئيس الحكومة تمام سلام، كما اتضح لاحقا.
ويقول المصدر لـ”المركزية” ان النأي بالنفس” اما ان ينطبق على سياسة لبنان الخارجية عموما، والا فان الاستثناء واعتماد هذه السياسة حيث تفترض مصالح بعض القوى السياسية يضع لبنان الرسمي في موقف لا يحسد عليه سترتد مفاعيله على اللبنانيين حكما ولو بقرارات غير معلنة لا سيما اؤلئك الموجودين في دول الخليج العربي. والمضحك المبكي كما يضيف المصدر، ان الفريق السياسي الذي يرفع سياسة “النأي بالنفس” شعارا لحماية لبنان اليوم (قوى 8 اذار) هو نفسه رفضها وشوّهها وضربها عرض الحائط بعدما كان وقع عليها من ضمن “اعلان بعبدا” الشهير في العام 2012 إبان عهد الرئيس ميشال سليمان، من خلال انغماس حزب الله في الحرب في سوريا ودعوته آنذاك الى “غلي اعلان بعبدا وشرب زومه”.
ويعتبر ان حلفاء الوزير باسيل، اي حزب الله، لو لم يحلّوا انفسهم من “النأي بالنفس” وينغمسوا في الوحول السورية لكان الموقف القاضي بالخروج عن الاجماع العربي اليوم مفهوما او مقبولا ولو بالحد الادنى، لكن سياسة “الصيف والشتاء تحت سقف واحد” لا يمكن ان تنطبق والحال هذه. ويتساءل عما اذا كان ما جرى في القاهرة سيشكل انعطافة للقوى السياسية كافة وتحديدا “حزب الله” للعودة الى كنف “اعلان بعبدا” مع بلوغ الازمة السورية مراحل متقدمة في اتجاه التسوية السياسية ستفترض حكما خروج الحزب من سوريا، ام انه سيدفع لبنان مجددا الى تحمّل وزر سياساته المتناسبة مع مصالح ايران وحدها، بعيدا من الاجماع العربي الشامل؟
ويتوقف المصدر امام ما يعتبره مفارقة لا يقبلها عقل تتمثل في ان الخارج، دولا ومنظمات اممية وقوى وهيئات دولية ترى في “اعلان بعبدا” الذي تحوّل الى وثيقة مدونة في السجلات الدولية باب خلاص للبنان ومخرجا لكثير من الازمات في حين يتخلى عنه بعض القوى السياسية في لبنان نفسه.
وفي السياق، سألت “المركزية” وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش عن مقاربة الحزب لسياسة النأي بالنفس فدعا الى “الفصل بين سياسة النأي بالنفس عن قرارات جامعة الدول العربية ومسألة وجودنا في سوريا”، وقال “اين القضية الفلسطينية على طاولة ما يُسمى “جامعة الدول العربية؟ واين هي من موضوع الاعتداءات الاسرائيلية”. اما وجودنا في سوريا فللتصدّي للجماعات التكفيرية ومنعها من استهداف امننا وبلدنا. هناك دول حرّضت ودعمت الارهاب في سوريا و”مكّنت” الجماعات التكفيرية من استهداف امننا وبلدنا، لذلك تصدّينا لهذا العدوان”.
وعن قرار لبنان في اجتماع وزراء الخارجية العرب، سأل فنيش “هل لكل دولة قرارها الخاص تتخذه بناءً على مصلحتها ام ان هناك دولة تريد “حكم” مجموعة دول بالترهيب والوعيد”؟ مشدداً على “حق كل دولة في اتّخاذ القرار الذي تراه مناسباً، ولبنان دولة لها قرارها الخاص بغض النظر عن رأينا بالموقف الذي اتّخذ في الاجتماع” .
واعتبر ان “لا شيء اسمه “اجماع”، لان الاجماع يتكوّن من مجموعة آراء وليس مجرد قرار “تفرضه” دولة على مجموعة دول”، مشيراً الى ان “لبنان امتنع عن التصويت على قرار وزراء الخارجية العرب لان فيه “تجنٍيا” على فريق سياسي اساسي في البلد من خلال وصفه “حزب الله” بانه تنظيم ارهابي، ولا اعتقد ان احداً في لبنان يقبل بهذا””.وسأل فنيش “عن ماذا ننأى بأنفسنا؟ وهل النأي بالنفس بأن “ناكل قتلة” ونُتّهم وان يُعبث بسياستنا؟ قائلا: “ليس كل دولة لديها مشاكل داخلية مع شعبها وترفض الاصلاحات تّتهم الاخرين بالتدخل في شؤونها”.