عاد ملف أمن وسلامة مطار رفيق الحريري الدولي الى الواجهة في لبنان، بعد تقارير صحافية عن افتقاده المواصفات الدولية الأمنية والتقنية، وعن طرح دول أوروبية مثل فرنسا وبريطانيا استفسارات بشأن الأمر، وصلت الى حدّ تلويح لندن وباريس بمقاطعة الهبوط في المطار “وهذا التهديد جدي ولكنه ليس نهائياً بعد، في انتظار ما يمكن أن تفعله الدولة اللبنانية لإقفال الثغر وتحصين الأمن في هذا المرفق الحيوي” بحسب ما نُقل عن وزير الداخلية نهاد المشنوق.
واستدعت هذه التقارير استنفاراً سياسياً في محاولة لقطع الطريق على اي تضخيم لهذا الملف، وحصْراً لتداعياته. وفيما طمأن رئيس المطار فادي الحسن الجميع بأن “أمن مطار بيروت بخير ولا خوف في شأنه إطلاقاً”، شدد مدير عام الطيران المدني في لبنان محمد شهاب الدين في حديث إلى”الراي” على ان “الأمن مستتب والسلامة موجودة”، نافياً حصول تلميحات من شركات طيران فرنسية أو بريطانية الى مقاطعة الهبوط في مطار بيروت، مضيفا: “لا توجد استفسارات فرنسية بريطانية، وفي الساعات الماضية قام وفد من شركة اير فرانس مع جهاز الأمن بجولة في المطار وأبدى بعض الملاحظات الطفيفة التي لا تُذكر ولا تؤثر على الأمن، بل على العكس أظهر الوفد إعجابه بالتدقيق وحرص أجهزة الامن المختصة في المطار على السلامة والأمن في هذا المرفق الحيوي”.
وتابع شهاب الدين أنه إذا كانت المطارات واجهة كل بلد ومرفق حيوي للدولة تعكس قوة أمنها القومي “فكيف للبعض أن يتحدث بأمور غير صحيحة تمس المصلحة العامة للبلاد؟”، مضيفاً: “اننا نقوم ببعض الإصلاحات، لكن ذلك لا يعني أن الأمن والسلامة مفقودان، فمن الناحية الأمنية التشديد في مطار رفيق الحريري تضاعف 5 مرات في الأشهر الأخيرة عنه في الاعوام الماضية، بسبب الوضع الاقليمي الموجود، والآن نحن في صدد شراء معدات متطورة أكثر لتفتيش حقائب السفر وحقائب اليد التي يحملها المسافرون معهم الى الطائرات، وآلات حديثة لكشف المتفجرات، من دون الحاجة الى التفتيش اليدوي، وطرحنا الأمر خلال اجتماع عُقد مع المعنيين”، كاشفاً انه في “نهاية الشهر الجاري، تكون دفاتر الشروط أُنجزت، وتحوّلت الى التلزيم، كما لدينا نظام تفتيش فعّال لحقائب السفر الذي يتم من خلال أجهزة لديها قدرة الكشف على المخدرات وغيرها من المواد”.
إنجازات أمنية عديدة حققها الأمن في المطار خلال الأشهر الماضية، منها توقيف الشيخ الفار من وجه العدالة أحمد الأسير، في شهر آب من العام الماضي، أثناء محاولته الفرار الى الخارج، وتوقيف أمير عربي في شهر تشرين الاول الماضي، بحوزته طنّان من المخدرات، و15عراقياً في الشهر ذاته بحوزتهم بطاقات إقامة دنماركية مزورة.
وردّ شهاب الدين على الثغر التي تم التداول بها، مؤكداً أن “عديد القوى الأمنية الذي قيل إنه قليل مقارنة باحتياجات المطار تم بحثه خلال اجتماع عقدناه مع الأمن، وطرحنا الموضوع من كل جوانبه واتضح أن الأمور تسير على ما يرام، وكل ما يقال عن ثغر أمنيّة هو إشاعات ومحاولة لتحقيق سكوب إعلامي لا أكثر”.
وبشأن سور المطار وما يتعلق به من إنارة وكاميرات، ذكر شهاب الدين: “استغرق العمل كي نلزّمه إلى شركة نحو 9 أشهر، لكننا فوجئنا حين أرسلنا التلزيم الى ديوان المحاسبة بقرار القاضية تخفيض السعر 10 في المئة، ويعمل وزير الاشغال العامة والنقل على تذليل العقبات في ما يتعلق بهذا الموضوع، وننتظر بحرقة أن يُعالَج الأمر، لكن كما نعلم فإن الاجراءات الرسمية تحتاج وقتاً وتوقيعات المختصين، إذ لسنا في شركة خاصة”. واستطرد: “كما تم تلزيم الرادارات، وسُددت الدفعة الاولى، وهي مليون دولار، لتنفيذ المشروع، ولا مشكلة فيه”، وأكمل: “لدينا امكانات مادية محددة من أجل تطوير أجهزة المطار، ونحن ننتظر الهبة السعودية بقيمة 25 مليون دولار، لنؤمّن المطار كي يصل الى مستوى المطارات العالمية، ومع ذلك نعاود التشديد على أن الأمن مستتب”.
لبنان ليس موضوعاً على اللائحة السوداء للشحن في أوروبا، بل هو بحسب شهاب الدين “كان مهدَّداً بالتسجيل على تلك اللائحة، لكن مجلس المنظمة الدولية للطيران المدني أعدّ تقريراً أكد خلاله أن بلاد الأرز قامت بتقدم جيد جداً على صعيد السلامة، وستعلن عن ذلك عما قريب لإزالة هذا الهاجس”، لافتاً الى ان “الشحن يتم بطريقة عادية، ونقوم بتفتيش الشحنات، وأنجزنا ما طلبته منا الدول الاوروبية”.
وكان وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، الذي حاولت “الراي” الاتصال به من دون جدوى، أكد في وقت سابق انه تم إطلاق بعض المواقف حول محاولة منظمة الطيران المدني الدولي والاتحاد الاوروبي إدراج لبنان على اللائحة السوداء وحظر ولوج الطيران اللبناني الى أجواء دول الاتحاد الاوروبي، قائلاً: “نحن كمسؤولين، ملزمون بالعمل وفق القوانين والأنظمة لتحقيق سلامة الطيران المدني، وتابعنا هذا الموضوع وواكبناه بالتعاون مع كل العاملين في المديرية العامة للطيران المدني ومع الأجهزة الأمنية العاملة في المطار. كان هناك بعض الخلل الذي لن أدخل في تفاصيله، ونحن مستمرون في معالجته لإزالته نهائياً، لكن في المقابل ما اود إعلانه، ان الإيكاو والاتحاد الاوروبي قررا في اجتماع بروكسيل الذي عقد في 25 و27 تشرين الثاني الماضي، ان لبنان أصبح خارج دائرة الخطر”.
من جانبه، أكد رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب محمد قباني في اتصال مع “الراي” أن معالجة موضوع سلامة الطيران والمطار تبدأ بخطوة أساسية جداً وهي “تعيين الهيئة العامة للطيران المدني فوراً، وأي أمر خارج هذا الاطار هو معالجات منقوصة وجزئية”، مشدداً على ان “هذه الهيئة تصبح مسؤولة عن الطيران المدني وتتحرك بموجب أنظمة شبيهة بالقطاع الخاص وبالتالي تستطيع ان تطوّر المطار، إذ لم نعد نرى في دول العالم مطارات تكون جزءاً من وزارات”.