ضمن إطار مؤتمر “الإدارة العامة والإندماج الوطني شراكة وتحديث”، وفي افتتاح الجلسة الأولى تحدّث الأب طوني خضره رئيس لابورا عن الوظيفة العامّة والدولة.
واشار الى ان البطريرك الحويك في رسالته عن ” محبّة الوطن” سنة 1930 قال: “محبّة الوطن لا تقوم إلاّ بخدمة المصلحة العامّة. ويريد الله منا أن نحبّ وطننا الأرضي منتظرين الوصول إلى الوطن السماوي. إن حبّ الوطن طبيعي ومن تعرى منه أصبح مسخاً يمقته الجميع. وإن الوطن عند المسيحي هو الأرض التي قسمها الله له، فهو يحبها لإنه يحبّ عطية الله. إن المسيحي الحقيقي والوطني الحقيقي يرى دولته وإدارته العامّة عطية من الله ومن خانها فقد خان الله. لذلك على كل إنسان خدمة وطنه قدر إمكانياته لإن الخير العام يتطلب منّا إداء فرائض مختلفة” .
وإنطلاقاً من هذه المبادىء كانت مؤسسة لابورا وإن ما تقوم به لابورا والأهداف التي وضعت لها يصبّ مباشرة في هذه المبادىء الرائعة وهي تقوم بتوجيه اللبنانيين وبخاصة المسيحيين منهم للإنخراط في الإدارة العامّة وتحفيزهم وتدريبهم للتقدّم والنجاح من أجل الحفاظ على التوازن الحقيقي ووجه لبنان المتعدّد والمتنوّع وبخاصة في هذه الظروف الصعبة وفي قلب حرب الأديان والثقافات الحاصلة. من أجل خلق ثقافة تعتمد على الكفاءات والقدرات الذاتية وليس الواسطة والتشبيح السياسي، أو المحاصصة الطائفية العشوائية. وإذا كان المسؤولون عنّا يؤمنون بما يقولوه: أوقفنا العدد، مناصفة الى الأبد، لو بقي مسيحي واحد التوازن موجود. فلنحافط علىى هذا التوازن ونكرسّه في الدستور ونضع خطّة واضحة له من أجل تطبيق المادة 49 من الدستور التي تنص على الحفاظ على مقتضيات الوفاق الوطني.
أولاً:إنجازات لابورا:
بناء على الأهداف التي رسمتها لابورا نورد بعض ما حققته خلال عملها منذ سنة 2008، أي سبع سنوات من العمل وذلك بعد غياب طويل للمسيحيين وتخليهم عن الوظيفة والإبتعاد عن الدولة :
1ـ برنامج توجيهي كامل يبدأ من العائلة الى المدرسة الى الجامعة الى الرعيّة لتشجيع اللبنانيين الشباب على الدخول الى القطاع العام وتقديم حوافز مهمة لهم .
2ـ التعاون مع المؤسسات التربوية والوطنية والكنسية لتطوير هذا التوجيه وتفعيله .
3ـ نحن بصدد إنهاء كتاب موحد عن هذا التوجيه بالتعاون مع اختصاصيين لتقديم التوجيه مجاناً على كلّ الطلاب والمواطنين .
4ـ إعداد برامج توجيهية عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي.
5ـ المساعدة في تفعيل مؤسسات الدولة وبخاصة دور مجلس الخدمة المدنية والمؤسسات الوطنية للإستخدام والتعريف عنها، الى غيرها من المؤسسات والتعاون معها .
6ـ تمّ وضع برامج مكثفّة وعلمية للتدريب من أجل تحفيز المتقدمّين وخلق ثقافة تعتمد على الكفاءة والعلم وليس على الواسطة.
7ـ إعتماد برامج تدريب متخصصّة تفعّل تعزيز قدرات ومهارات المتقدمين .
8ـ إعلام كل الشباب المعني بالوظائف المعلنة وتحفيزهم ومساعدتهم من أجل العدالة الإجتماعية والمساوات.
ثانياً: إشكالية الوظيفة العامّة:
1ـ إن التوازن مرتبط مباشرة بالمرجع المسيحي القوي شرط أن يكون اي رئيس مقبل للجمهورية مقتنعاً بأهميّة هذا الدور، لنكون من أول مهامه الرئيسية الحفاظ على لبنان المتنوّع. لذلك لا نريد رئيساً للجمهورية يملىء الفراغ، بل رئيساً يحافظ على التوازن والتنوّع ودور لبنان الرسالة .
2ـ إدراج موضوع الوظيفة العامّة وانخراط اللبنانيين فيها والتوازن في لبنان على جدول الحوار الوطني، وجلسات مجلس الوزراء واستراتيجية البيان الوزاري، ولنلتقي معاً وبشكل دائم دولة ومؤسسات ومجموعات تعمل على هذه المبادىء لنجد السبل الفاعلة للحفاظ على تنوعّنا ومشاركتنا جميعاً في كل مرافق الدولة . إن التوازن في وظائف الدولة وتعزيز سبل المشاركة للجميع يؤمّن سداً منيعاً للبنان في وجه التكفير واستبعاد الآخرين وعدم قبولهم، إنه الأمن الوطني الحقيقي بامتياز .
3ـ إن 70 بالمئة من وظائف الدولة هي بالتعاقد أو بالفاتورة وهذا يسبب عدم استقرار في عمل الإدارات والمؤسسات ويبعد بعض فئات اللبنانيين عنها وذلك لعدم استقرار هذه الوظيفة.
4ـ عدم وضع آلية تنفيذية شفافة وعلمية للمادة 49 من الدستور التي نصّت على إلغاء المناصفة من الفئة الثانية وما دون وأصبح التوظيف إستنسابي في لبنان: ألغينا المناصفة ولم نضع آلية للحفاظ على الكفاءة والتوازن .
5ـ شعار مجلس الخدمة المدنية في نظامه الداخلي: “واسطتك كفاءتك”. فكيف يمكننا الحفاظ على هذا الشعار؟ في ظلّ التشبيح السياسي والطائفي وعدم مراعاة القوانين والمهنية واحترام آلية التوظيف في مجلس الخدمة المدنية من قبل بعض رجال السياسة والتدخلات السياسية الفاضحة وجعل التوظيفات على قياس وزراء أو مدراء عامّين للحفاظ على مصالحهم الخاصة أو مصالح طوائفهم الضيقة ؟ وضرورة العمل على تحييد مجلس الخدمة المدنية وإدارات الدولة التي تعنى بهذه المواضيع عن التدخلات السياسية الضيقة والقاتلة، وخلق جو مهني،علمي تنافسي بين كل الفئات حتى يصل الكفوء والأقوى علمياً ومهنياً وقدراتياً وليس المدعوم سياسياً والتابع للتشبيح الطائفي والسياسي، وضرورة حصر كل وظائف القطاع العام في لبنان بمجلس الخدمة المدنية.
6ـ نطلب من كل المسؤولين الروحيين والسياسيين أن يكون موضوع الإدارة العامّة وانخراط اللبنانيين جميعاً في وظائف الدولة أولية في سياساتهم ومشاريعهم، والتعاون معاً من الباب الواسع في فتح أبواب مؤسساتنا التربوية وغيرها لمساعدة الأجيال وتوجيههم وتحفيزهم، الى أهميّة دور وسائل الإعلام المحوري في التوجيه والإعلان عن الوظائف لكل اللبنانيين.
7ـ وضع آلية واضحة في مبارايات الدخول الى الدولة ثابتة وواضحة ليكون جميع اللبنانيين متساويين في القانون ويطبق القانون على الجميع بالتساوي . من آلية تحضير المباريات، الى إعلان المباريات في اللجان الفاحصة وإصدار المراسيم، الى توزيع الناجحين على مؤسسات الدولة وغيرها .
أدعو في نهاية كلمتي الى العمل معاً لتحقيق هذه الأهداف والى سياسة واضحة بموضوع الإدارة العامّة والإنخراط في الدولة وإلى توحيد الجهود والصوت اللبناني عموماً من قبل الجميع مؤسسا وأفراد للحفاظ على التوزازن والمهنية والتنوّع، وخصوصاً توحيد العمل المسيحي في استراتيجية واحدة تنسجم مع استراتيجية وطنية جامعة لكي نتنافس في العمل الصالح وفي إيصال أفضل نوعية الى الوظيفة العامّة، فقوة الموظف في كفاءته ومهنيته وليست في قوّة داعمه وطائفته وواسطته.
شكراً للرابطة المارونية على هذا المؤتمر ودعوة لابورا للمشاركة فيه، ونتمنى أن نجد آذاناً صاغية لما اقترحناه لإنه لا ينفع لبنان واللبنانيين إذا ربحوا العالم كله وخسروا بلدهم وتاهوا فيه وخارجه عنه .