قالت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس، إنها تتوقع انتهاء النزاع القائم منذ 13 عاما بسبب طموحاتها النووية هذا الأسبوع، وتوقعت أن يتم رفع العقوبات الدولية عنها بداية الأسبوع المقبل.
ويجمع الخبراء على استبعاد أن يؤدي رفع العقوبات المفروضة على طهران، إلى تحسن الاقتصاد الإيراني خلال وقت قريب، رغم أنه يمكن أن يعزز الأوضاع الاقتصادية وينعش حركة التبادل التجاري.
وقالت إيران إن تقريرا للوكالة الدولية للطاقة النووية سيصدر اليوم على الأرجح، ليؤكد أن طهران قلصت برنامجها النووي وفقا لاتفاقها مع القوى الدولية، مما يمهد الطريق لرفع عقوبات عنها.
ويعد صدور التقرير أمرا جوهريا لتأكيد وفاء إيران بكامل التزاماتها بموجب الاتفاق، وهو شـرط مـسبق لا غـنى عـنه لرفع العـقوبات.
وأكد عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني أن “منظمة الطاقة النووية ستصدر تقريرها النهائي اليوم الجمعة لتؤكد أن إيران أوفت بكل التزاماتها بموجب الاتفاق النووي”.
وأشار إلى أن الجانب الإيراني يضع اللمسات الأخيرة على صياغة نص تنفيذ الاتـفاق النووي، وأنه منذ اليـوم الذي يتم فيه تنفيذ خطة العمل الشاملة، سيرفع الحظر عن التحويلات المصرفية والعقبات الخاصة بها.
واستبق مجلس النواب الأميركي رفع العقوبات بتمرير مسودة قانون “الشفافية بخصوص تمويل إيران للإرهاب” أمس، من أجل تقييد الرئيس باراك أوباما عن رفع العقوبات، لكن البيت الأبيض وعد باستخدام حق الفيتو ضد هذا التشريع.
ويعتزم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إقامة حفل لهذه المناسبة يوم السبت أو الأحد مع الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في فيينا أو جنيف.
وأكدت طهران أنها أزالت قلب مفاعل آراك النووي وأن مفتشين من الأمم المتحدة زاروا الموقع أمس للتحقق من هذه الخطوة الضرورية لتنفيذ الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية.
وأكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن بدء تنفيذ الاتفاق سيكون “على الأرجح خلال الأيام المقبلة” وأن الولايات المتحدة أبلغت بإزالة الجزء الأساسي من مفاعل آراك وأنه سيملأ بالأسمنت خلال الساعات المقبلة.
وقال دبلوماسي مقيم في فيينا حيث مقر منظمة الطاقة النووية إن “هناك عملا شاقا مستمرا للوصول إلى يوم التنفيذ. تم إحراز تقدم جيد لكن لا تزال هناك بعض الجوانب التي يتعين الانتهاء منها.. لم يتحدد أي تاريخ حتى الآن”.
وبمقتضى الاتفاق الذي أبرم في يوليو الماضي، تعهدت طهران بخفض مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى أقل من 300 كيلوغرام وخفض عدد أجهزة الطرد المركزي من نحو 19 ألفا إلى 6100 إضافة إلى تفكيك مفاعل أراك الذي يعمل بالماء الثقيل.
ودافع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن الاتفاق، يوم الأربعاء، قائلا إن “إيران منحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل غير مسبوق حرية الوصول لمنشآتها”. وقال إنه “اتفاق جيد.. يبعد إيران عن القنبلة النووية لكن علينا أن ندخله بقلب قوي وبعين مفتوحة وبذكاء”.
ويفوض الاتفاق مفتشي الأمم المتحدة، بمراقبة بعض المنشآت العسكرية الإيرانية، وفرض حظر على توريد الأسلحة إلى طهران مدة خمس سنوات. ويقول محللون إن رفع العقوبات سيستغرق وقتا طويلا، وإن إيران لن تتمكن من جني الثمار سريعا، خاصة في ظل مستويات أسعار النفط الحالية.
وأكدت إيران مرارا أنها تعتزم زيادة صادراتها بنحو نصف مليون برميل فور رفع العقوبات وبنحو مليون برميل بعد نحو عام. لكنها عادت وأكدت أنها سترفع الصادرات بشكل تدريجي.
وفرضت الأمم المتحدة في عام 2006 عقوبات اقتصادية للمرة الأولى على إيران بسبب برنامجها النووي. وكثفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الضغوط على طهران في عام 2012، بفرض عقوبات على قطاعي الطاقة والمصارف الإيرانية. ومع افتقارها إلى الآليات الفعالة لإجراء التحويلات المالية الدولية، بعد منعها من التعامل عبر شبكة سويفت المصرفية، أصيب الاقتصاد بالشلل مع جفاف السيولة.
ورغم تسابق الشركات العالمية منذ يوليو الماضي على استكشاف الفرص في إيران، إلا أنها قد تردد في الاستثمار فيها، بسبب خطر إعادة فرض العقوبات في حال أخلت طهران بوعودها.
ويمهد الاتفاق الطريق أمام الشركات الدولية التي لطالما اعتبرت إيران سوقا غير مسثمرة. ويقول الخبراء إن سنوات العقوبات الطويلة، خلقت الكثير من المشاكل، لكنها راكمت أيضا الكثير من الفرص.
ويعتبر قطاع الطاقة الإيراني هدفا دسما، حيث تمتلك إيران رابع أكبر احتياطيات النفط في العالم والثاني من الغاز، لكن احتمال استمرار انهيار أسعار النفط، يقلص العوائد المتوقعة. وأعلنت وزارة النفط أنها تأمل في جذب ما يصل إلى 100 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية لتحديث القطاع، الذي لم يشهد تطورا طيلة 10 سنوات.
ويرى الخبير الاقتصادي الإيراني محمد غولي يوسفي أن الاستثمار الأجنبي وحده لن يكون كافيا وأن إيران “تحتاج إلى إصلاحات اقتصادية أساسية” لدفع عجلة الإنتاج وتجنب أزمة أخرى، مشيرا إلى ضرورة اجتثاث الفساد وسوء الإدارة.