عقد وزير العمل سجعان قزي بالتنسيق والتعاون مع منظمة العمل الدولية – المكتب الاقليمي للدول العربية في بيروت وبالشراكة مع الجامعة الاميركية في بيروت – كلية العلوم الصحية مؤتمرا صحافيا في فندق “الموفنبيك” جرى خلاله الاعلان عن “دليل استخدام المرسوم 8987 لاسوأ اشكال عمل الاطفال” و “استراتيجية التوعية الوطنية لمكافحة أسوأ اشكال عمل الاطفال في لبنان” حضره ممثلون عن وزارات العدل، الداخلية، التربية، الشؤون الاجتماعية وعن سفارات الولايات المتحدة الاميركية، الاتحاد الاوروبي، منظمة العمل الدولية، اليونيسف وعدد من المؤسسات الدولية وناشطون.
استهل قزي المؤتمر بالقول: “كان لا بد أن يأخذ هذا المرسوم شكلا تطبيقيا، لان المراسيم لا تكفي في مكافحة اسوأ اشكال عمل الاطفال”، مشيرا الى ان “تعبير اسوأ اعمال الاطفال هو خاطئ لان عمل اي طفل هو سيىء”، وقال: “نحن في وزارة العمل نتحمل جزءا من عملية مكافحة أسوأ عمل الاطفال ولا ندعي اننا المعنيون الوحيدون في ذلك، ليس من باب رفع المسؤولية انما هذا العمل يتطلب تعاونا بين وزارات العمل، والشؤون الاجتماعية، والداخلية، والعدل”.
أضاف: “صحيح ان التنسيق قائم بين هذه الوزارات ولكن ما زال يحتاج الى تعزيز في مرحلته الحالية، والمشكلة انه ما لم يكن هناك تعاون جدي بين الوزارات الاربع فإنه يتعطل، ولذا يجب ان يكون هناك انسجام وتكامل وتعاون بين هذه الوزارات المعنية”، موضحا انه “سبق ان وجه رسائل الى المعنيين بهذا الخصوص ولم يتلق الاجوبة الشافية من البعض”.
وتابع: “لم أدع الى هذا المؤتمر لكي اتحدث بشكل دبلوماسي فعلينا الانتقال من العمل بالمشاعر الى العمل بمسؤولية ثابتة يفرضها القانون والواجب الوطني”.
وأطلق قزي “صرخة بأن يكون هناك تعاون وتكامل بين هذه الوزارات المعنية ومنظمة العمل الدولية التي نأمل ان نعمل معا يدا واحدة ونتوجه في المرحلة المقبلة الى معالجة القضايا الاساسية وان يكون لدينا سلم اولويات”.
أضاف: “نحن حاولنا في وزارة العمل بالتنسيق مع الوزارات المعنية نقل المرسوم الى دليل عملي وان يكون لدينا خارطة عمل أي ان نعمل كشبكات متكاملة مع الجمعيات التي عليها ان تكون صلة الوصل بيننا وبين المجتمع الذي يعمل فيه الاطفال”.
وأعلن “اننا من خلال وضع الدراسات مع الخبراء حول كيفية مكافحة أسوأ عمل الاطفال نرى المشكلة وليس لدينا وسائل للمعالجة، ففي الوزارة على سبيل المثال ليس لدينا القدرة على القاء القبض على الاطفال الذين هم ضحايا الحروب والازمات، وواقع الاهل، وليس من واجبنا ادخالهم الى السجن، ومن هنا يجب ان يعالج الموضوع انسانيا، وعلى هذا الاساس اطلقت منذ اكثر من سنة نداء الى المنظمات الدولية التي تدفع الملايين الملايين على توظيف مشاريع غير ذات جدوى وطالبناها بالمساهمة في انشاء مأوى اطفال لإيوائهم مؤقتا تمهيدا لإعادتهم الى بيوتهم واقناع اهلهم بذلك، وحتى الآن لم يأت التمويل مع العلم بأن الموازنة السنوية للمأوى لا تتجاوز المئة او المئتي الف دولار في الوقت الذي تذهب فيه ملايين الدولارات الى مشاريع اقل اهمية واولوية”.
وقال: “نحن في وزارة العمل نستطيع معرفة وجود هؤلاء الاطفال من بيروت الى الجنوب والشمال والبقاع ولكن ليس لدينا القدرة على مكافحة هذه الآفة الاجرامية التي تحصل ضد الاطفال، لان هذه الآفة هي نتيجة شبكة منظمة قائمة وهي تنظيم قائم بين البلد المصدر للأطفال وسماسرة نقلهم”، مشددا على ان “هناك جريمة انسانية كبرى ترتكب بحق عائلات واطفال يعملون بشتى انواع الاعمال الممنوعة”.
واردف: “سبق ان اطلقت منذ ثمانية اشهر نداء الى جمعيات المجتمع المدني وقلنا لهم نحن بحكم وضع الدولة اللبنانية غير قادرين على التوظيف لا بالفاتورة ولا بالتعاقد ونحن على استعداد لإعطائكم بطاقات كفرق عمل من هذه الجمعيات للانتشار في الاراضي اللبنانية والقيام بمهمات وقد أخذت ذلك على مسؤوليتي لمكافحة أسوأ اشكال عمل الاطفال ولم الق اي تجاوب من هذه الجمعيات بل على العكس لم أر إلا الانتقادات غير المبررة في الصحافة وهو امر جائر وخاصة من جمعيات تنتمي الى دول هي من تصنع الحروب في منطقتنا. فنحن في لبنان غير مسؤولين عن نتائج الحروب التي تصنعها الدول التي تطالبنا بمكافحة اسوأ اعمال الاطفال”.
وشدد على ان “كل منظمة او جمعية في لبنان تريد انتقاد الحكومة من دون وجه حق ليس لها الحق ان يكون لها اجازات عمل على الاراضي اللبنانية، لأننا نعمل ليلا نهارا في الوزارة ويعمل بعض الموظفين طيلة ساعات النهار لمكافحة اعمال الاطفال وتحسين شروط العمل ورغم ذلك نرى انتقادات جائرة بحقنا وهو ما لا نقبله”.
أضاف: “ان من خلق ازمة النازحين السوريين في لبنان عليه ان يوقف الحرب في سوريا عوض ان يغذيها ويأتي لانتقاد الحكومة اللبنانية”. وقال: “اوقفوا هذه الحرب يقف النزوح السوري الى لبنان فعندما يتحدثون عن أسوأ اعمال الاطفال عليهم ان يتحدثوا عن أسوأ اشكال المؤامرات الدولية على منطقتنا وشعوبنا، فلا يكفي ان يشيد السفراء والدبلوماسيون بلبنان لاستقباله النازحين فوق قدراته بينما نرى في تقاريرهم الى بلدانهم انتقادات للحكومة والوزارات اللبنانية، وهذا ما نرفضه”.
وتمنى قزي “الانتقال من السلبية الى الايجابية ومن الانتقاد الى التعاون وكل منظمة او سفارة تستطيع ان تكون جزءا من وزارة العمل التي تفتح ابوابها للجميع لان هدفنا ان ننجح في مكافحة أسوأ عمل الاطفال”.
ثم فتح باب الحوار فأكد الوزير قزي ردا على سؤال ان “لا حل للبطالة في المجتمعات الحديثة وخصوصا لبنان الا اذا عززنا التعليم المهني وشجعنا العائلات لإرسال اولادهم الى القطاع المهني”.
وأمل من الدول المانحة “تمويل المشاريع اكثر الى لبنان”، لافتا الى ان ” 40 بالمئة من المساعدات التي تقررت في مؤتمر الكويت وصلت الى لبنان، على امل ن يخصص مؤتمر لندن اموالا كافية في هذا الخصوص”.
وقال: “نحن لسنا ضد عمل السوريين في لبنان او اي اجنبي آخر فلبنان كان قبل الحرب منفتحا على كل الجنسيات وخاصة السوري والفلسطيني غير ان ما يحصل اليوم ان السوريين من اصحاب عمل وعمال اجتاحوا كل قطاعات العمل في لبنان وهذا ما لا قدرة للبنان على تحمله في الوقت الذي يوجد فيه اطباء ومؤسسات ايضا لا تعمل”، مشددا على “وجوب الابتعاد عن العنصرية ورفض الآخر لان لبنان لا يعود لبنان اذا لم يكن منفتحا على الثقافات الاخرى”.
نويهض
ثم عرض الدكتور إيمان نويهض، عميد كلية العلوم الصحية، الجامعة الأميركية في بيروت” دليل استخدام المرسوم 8987 لأسوأ أشكال عمل الأطفال”.
وقال: “صحيح أن المرسوم والدليل هما خطوة ايجابية في طريق مكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال ولكن يبقى هدفنا الأول والأخير أن لا يضطر طفل، ذكرا أم أنثى، صغيرا أم كبيرا، لبنانيا أم غير لبناني لترك مدرسته ودفء بيته وعائلته للعمل في أية ظروف كانت”.
اضاف: “قد تكون مسؤولية وزارة العمل مركزية في مسألة الحد من عمل الأطفال ولكن هذا الموضوع يتخطى ظروف العمل وأشكاله ليشمل حقيقة الأمر وهو الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المتردي. من هنا يتوجب التعاطي مع هذا التحدي من جوانبه المتعددة وخاصة تأمين وحماية الحق في التعليم والصحة”.
واكد ان “الوزارة تعمل جاهدة وبالتعاون مع مديرية الاحصاء المركزي على تحديد عدد الأطفال العاملين في لبنان ولكن واقعيا قد تختلف الأرقام وتتبدل حسب تغير الأوضاع السياسية والاقتصادية. هناك عدد لا يستهان به من الأطفال العاملين اللبنانيين والمشكلة ليست طارئة على لبنان بالرغم من ازدياد حجمها مع ازدياد عدد النازحين السوريين والأطفال السوريين العاملين في الزراعة وغيرها من النشاطات الانتاجية”.
جرادات
وتحدثت المديرة الإقليمية للدول العربية في منظمة العمل الدولية الدكتورة ربا جرادات، فلفتت الى ان “تقديرات منظمة العمل الدولية تشير إلى وجود أكثر من 9 ملايين طفل عامل في البلدان العربية حاليا. وفي لبنان، لا توجد للأسف أرقام دقيقة حتى الآن، كما ازدادت صعوبة تقدير عدد الأطفال العاملين فيه جراء التدفق الأخير بأعداد ضخمة من اللاجئين السوريين، نصفهم تقريبا من الأطفال”.
واعلنت بأن “المنظمة سيتكون لديها معلومات حديثة عن عمل الأطفال في لبنان بحلول شهر آذار من هذا العام بمجرد الانتهاء من المسح الوطني الشامل لعمل الأطفال الذي تجريه إدارة الإحصاء المركزي بدعم من المنظمة”.
اضافت: “يعتبر دليل المرسوم أداة بسيطة يسهل على جميع الجهات المعنية فهم وتطبيق المرسوم المذكور فيه لائحة الاعمال الخطرة وأسوأ اشكال عمل الاطفال. وتشمل تلك الجهات الوزارات المعنية والمؤسسات والمنظمات الخاصة وأصحاب العمل والعمال”.
ودعت الى “تضافر الجهود للاستفادة من استخدام الدليل كأداة مرجعية لما هو مقبول وغير مقبول في موضوع عمل الأطفال. هذه الأداة لن تحسن حاضر الأطفال وآفاق مستقبلهم فحسب، بل ستساهم في إنقاذ حياتهم في بعض الأحيان. من هنا نؤكد استعداد المنظمة لتقديم الدعم التقني اللازم عبر عقد دورات تدريبية للمسؤولين كافة عن تطبيق هذا الدليل”.
وتمنت على سائر الدول والمنظمات المانحة أن “تدعم حكومة لبنان في سعيها للقضاء على أسوأ اشكال عمل الأطفال”.