وصف الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري إخلاء سبيل ميشال سماحة بالعمل الوقح الذي استفز اللبنانيين، والذي لا يمكن تبريره، مشيراً إلى أن “سماحة ضُبط بالجرم المشهود مع متفجرات نظام بشار الأسد التي كان ينقلها إلى لبنان، لاستكمال أسلوب النظام السوري المعهود بتفجير الفتنة في لبنان، بين المسلمين والمسيحيين، تنفيذاً لتهديدات هذه النظام بتحويل لبنان إلى جهنم، إذا ما استمر موقف أكثرية اللبنانيين داعماً الثورة السورية”.
الحريري، وفي حديث لـ”إذاعة الشرق”، شدد على “المطالبة بمشروع قانون لإعادة صياغة صلاحيات المحكمة العسكرية، وبتغيير ضباط محكمة التمييز العسكرية الذين وافقوا على اخلاء السبيل، وبتسريع إصدار الحكم في قضية سماحة بعد ذلك”، مؤكداً أن “الاجتماعات مفتوحة، وبناءً على التجاوب مع هذه المطالب الثلاثة، سنتخذ المواقف المناسبة، ولن نقف مكتوفي الأيدي”.
وأوضح أن “الحركة الاحتجاجية ستكون تراكمية وصولاً إلى المحكمة العسكرية، رفضاً لأن يكون هناك محكومين بسمنة ومحكومين بزيت، بحيث لا يجوز، بعد ما حصل، إبقاء 400 مواطن من طرابلس في السجن، وإبقاء 200 مواطن من عرسال من دون محاكمات حتى اليوم، فقد تبين من قضية سماحة أن المحكمة العسكرية قادرة على اتخاذ القرارات السريعة متى تريد”، متسائلاً “هل يريدون أن ندعو كل الموقوفين إلى القول بأنهم شركاء سماحة في جريمته، كي يتم تسريع محاكمتهم، وإخلاء سبيلهم ؟ّ!”، داعياً إلى “أهالي طرابلس إلى أوسع مشاركة في اعتصام يوم الاثنين المقبل، ولا سيما نواب المدينة، لأن مخطط استهداف مفتي طرابلس بالمتفجرات كان مخططاً لاستهداف كل مدينة طرابلس والشمال”.
وإذ شدد على أن “إخلاء سبيل المجرم سماحة ينطوي على تحليل دم فريق واحد من اللبنانيين، هو فريق 14 آذار”، اعتبر أحمد الحريري أنه “لا يمكن للبعض أن يدعي أنه ذهب إلى سوريا لمحاربة الإرهاب، وأن تكون ممارساته تُشجع على الإرهاب في لبنان”، لافتاً إلى أنه “إذا كانوا يريدون فعلاً محاربة الإرهاب، فليحاربوه بتقوية الاعتدال، وليس بالممارسات التي تزيد الاحتقان والتشنج”.
وأكد “أن توقيت إخلاء سبيل سماحة سياسي بامتياز، على تقاطع احتدام الصراع الاقليمي ما بين المملكة العربية السعودية وإيران، حيث أن إيران تستخدم كل ما تملكه من أوراق للتعطيل، وتحديداً في لبنان”، محذراً من “خطورة السياسة الايرانية بممارسة شيعية الدولة، في موازاة سياسة العدو الاسرائيلي بالتمهيد للإعلان عن يهودية الدولة، خصوصاً وأن إيران تنصب نفسها مدافعة عن شيعة العالم، في استغلال خطير لصراع ديني عمره أكثر من ألف سنة، بدأ يأخذ دولنا العربية إلى التفتيت، كما هو حاصل في سوريا والعراق”، مشيراً إلى أن “الإيراني لم ينجح في تطبيق مشروعه في لبنان، رغم كل المقدرات لدى الفريق الذي يمثله، لأننا تصدينا له كفريق سياسي، وما زلنا صامدون رغم كل الاغتيالات”.
وقال: “لم نستغل قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بل رفعنا الدم عن الأرض ووضعناه في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ولم نكن مخطئين أبداً بعدما رأينا ما حصل في المحكمة العسكرية، ومن هنا نفهم مدى انزعاج “حزب الله” من وجود المحكمة الدولية، لأن ليس بإمكانه التأثير عليها، أو الضغط على قضاتها، كما يفعل مع المحكمة العسكرية أو المحاكم المدنية في لبنان”.
وأوضح أحمد الحريري “أن هاجسنا الأساسي اليوم هو كيفية إنهاء الفراغ الرئاسي لإنقاذ لبنان، لإعادة تسيير مصالح الناس المعطلة، وذلك لا يمكن أن يتم من دون تسوية سياسية تنهي الشلل القائم في مؤسسات الدولة، وهذه التسوية تحتاج إلى كل الأطراف للوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتحصين لبنان من المجهول في وجه كل المخاطر، جراء النار المشتعلة من حولنا”، موجهاً التحية إلى “وعي الشعب اللبناني الذي يرفض العودة إلى الأيام السوداء”.
وإذ أشار إلى أن “المبادرة الرئاسية ستبقى حية ما دام الفراغ مستمراً”، دعا إلى “نزول المرشحين إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية ديموقراطياً، بدل الاستمرار في تعطيل النصاب”، لافتاً إلى أنه “تم الاتفاق ما بين “تيار المستقبل” وجميع الحلفاء، وعلى رأسهم “القوات اللبنانية”، بأن الخلاف في وجهات النظر في ملف الرئاسة لا يعني الاختلاف، أو إنهاء التحالف المستمر منذ عشر سنوات”.
واعتبر “أن “حزب الله” يتلطى خلف النائب ميشال عون للاستمرار في خطف الاستحقاق الرئاسي، في انتظار الاملاءات الايرانية، في ضوء البدء برفع العقوبات والانتخابات النيابية الايرانية في شباط، وبالتالي هدفه اليوم، ريثما تنجلي صورة الاستحقاقات الايرانية، هو الابقاء على ورقة التفاهم من عون، كغطاء مسيحي، بعدما بات عارياً من أي غطاء آخر”.
وأكد الحريري “أننا لا نراهن على أي متغيرات اقليمية، وسنبقى في موقع تقديم المبادرة تلو المبادرة لإنقاذ لبنان من تداعيات الفراغ، بحكم التجارب المؤلمة للفراغ في الماضي، وآخرها في العام 2008، حيث كانت أحداث 7 أيار لملء الفراغ”.
وقال :”يتملكنا الخوف على عرسال، انطلاقاً من موقعنا السياسي وموقفنا المتعاطف مع الظلم اللاحق بأهالي عرسال، ذلك أن المخطط بات واضحاً بعد ما حصل في الزبداني من وقف لإطلاق النار وفي مضايا من تجويع، وهو تأمين الخط الذي يريده “حزب الله” لفصل مناطقه عن أي تغيير في سوريا، أمنياً وعسكرياً”.
وإذ رأى أن “العقبة الوحيدة أمام “حزب الله” لتأمين هذا الخط هي عرسال”، دعا “أهلنا في عرسال إلى التنبه لأي مخطط للإيقاع بينهم وبين الجيش اللبناني، لتفويت الفرصة على هذا المخطط”، موجهاً “صرخة لحماية عرسال مما يجري، لأن هناك معركة على هذه البلدة اللبنانية لتهجير أهلها”، مشدداً على أن “وعي أهلنا في عرسال بالتعاون مع الجيش اللبناني هو الذي يحمي عرسال، ويعطل كل مخططات “حزب الله” لتبرير أي معركة يريدها لإخضاعها”.
وتوقف عند الأوضاع المعيشية والاقتصادية في لبنان، فدعا كل الأطراف “إلى التبصر في أوضاع الأكثرية الصامتة في البلد التي تئن من تدهور الاوضاع، ولم تعد قادرة على البقاء في البلد”. وأكد “أن “تيار المستقبل” مع إجراء الانتخابات البلدية في مواعيدها، لأن الاستمرار بالفراغ والشلل وبتأجيل الاستحقاقات الديموقراطية يعيد انتاج ظروف الحرب الأهلية، وهذا ما يجب ان لا نسمح به”.