كتبت مرلين وهبة لصحيفة “الجمهورية”: تحت ستار الحرية والانفتاح تتفلّش ظاهرة عبدة الشيطان التي تتخفى حيناً وتعود بسحر ساحر إلى العلن حيناً آخر، ولبنان يشهد اليوم توسّع هذه العبادة الشيطانية ونموّها. فهل ظهورها يحدث بالصدفة؟ وماذا يخطط أتباعها للبنان؟ وكيف نقف لها بالمرصاد خصوصاً أنّ مقاربتها هو موضوع حساس وشديد الخطورة؟ وهي حرب بين الشر المطلق والخير المطلق إذ إنّ مبادئ عبدة الشيطان شديدة التعارُض مع الانسان الطيب، فهل يستطيع هذا الانسان المحبّ إعلان الحرب على الظواهر الشيطانية التي اعلنت الحرب على قيَم السماء؟ وكيف ستكون المواجهة؟
بدعوة من اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام وبالتعاون مع جمعية “جاد”، نظّم المركز الكاثوليكي للاعلام ندوة في مركزه حول التوعية من أخطار ظاهرة عبدة الشياطين، تخللها معرض توعية من خلال الإضاءة على الموضوع من مختلف جوانبه.
كلمة البداية كانت للخوري عبده أبو كسم الذي اعتبر أنّ المسؤولية الكبيرة تقع على الأهل والكنيسة والمرجعيات الدينية والمجتمع المدني، مشيراً الى “الإساءة التي تتعرّض لها العائلة والأديان في لبنان من مختلف الطوائف، فلا يمر أسبوع إلّا ويكون هناك من يحاول المسّ او التطاول على الكنيسة، على المجتمع أو على القيم الإنسانية التي نؤمن بها مسلمين ومسيحيين”.
وقال: “أسأل من ينتقدوننا وينعتوننا بالتخلّف إذا حافظنا على القيم وحماية شبابنا من آفة الكحول والمخدرت وممارسة الآفات والشعوذات وانتهاك كرامة الإنسان، أين التقدّم؟ أهو في ممارسة العهر والتفلّت وانتهاك كرامات الأشخاص!”، مؤكداً أنّ “لا أحد وَصيّ علينا غير الكنيسة والمسؤولين فيها، وسنبقى ندافع عن القيم والآداب والأخلاق والعائلة والشبيبة، ولن نقف مكتوفي الأيدي أبداً”.
ثم كانت كلمة لممثل دار الفتوى اللبنانية الشيخ سعدالله السباعي، فحذّر من أنّ “هذه الجماعة اخترقت بلادنا ومجتمعنا وتقاليدنا وعاداتنا وقد دمّرت عائلات بموت أبنائها انتحاراً ولم ننس بعد فترة التسعينيات ونحن نرى أبناءنا وبناتنا يسقطون واحداً تلو الآخر ضحايا هذه الحركة الشيطانية”، مؤكداً “انها حركة عالمية وهذا الأمر يزيد من خطورتها… فظاهرة عبدة الشيطان تشكل عبئاً كبيراً على رجال الدين وتحمّلهم مسؤولية التحذير منها، خصوصاً أنهم متنفذون ومنهم أتباع من الطبقة النافذة، ما يستدعي ان تقوم الدولة بدورها وتطبّق القانون”.
ثم تحدث ممثّل عن مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ دانيال عبد الخالق، فلفت إلى أنها “عادات دخيلة على مجتمعنا، تغزو عقول الشباب لتحررها من ارتباطها بدينها وتاريخها وتراثها وتقاليدها الحميدة، مستغلَّة هذا الجموح في جوارح الشباب خصوصاً المراهقين، الذي يغذيه الانتشار غير المحدود للوسائل والقنوات السمعية والبصرية، وكذلك الغياب الملحوظ للحشمة عند فئات كثيرة.”
يُضاف إلى هذه الأسباب سبب أساسي هو ارتفاع نسبة البطالة، وقلّة فرَص العمل وفراغ قاتل في وقت الشباب. وكلُّ فراغ يُملأ. ودعا الى تحصين المجتمع عبر خمس قنوات: التربية الأُسَرية، المؤسسات التربوية، المؤسسات الدينية، المؤسسات الإعلامية والقوانين عبر التشريع الملائم من جهة، والتفتيش النزيه والمحاسبة الفاعلة من جهة أخرى للمُخلّين.
أما ممثّل المجلس الشيعي الأعلى السيد وسام ترحيني فاعتبر أنّ “هذه الظاهرة أضحت كبيرة جداً وشاملة في غالبية بلدان العالم، لذا تحتاج إلى مواجهة مخططة ومدروسة”.
وشدد على أنّ التنمية التربوية ضد ظاهرة عبدة الشيطان هي مطلبنا وتعتمد على التوعية من أخطارها المخيفة، ونراها مثمرة إذا اجتمعت في ثلاثة محاور أساسية، ألا وهي:
1ـ تعاون الدولة من خلال وزارة الشؤون الإجتماعية أو وزارة الداخلية بالتنسيق مع كلّ الأجهزة المعنية بهذه الظاهرة، وإلزام وسائل الإعلام بتحمّل دورها الأخلاقي الكبير لعدم التسويق لهذا الأمر ولَو بطرق غير مباشرة.
2ـ المؤسسة الدينية.
3ـ العائلة التربوية، بالإضافة إلى العائلة ببعدها الإجتماعي وما تعنيه من العمل على شدّ الأواصر التي شهدت دراسات عديدة بتراجعها وتراجع دورها على مستوى الفرد والجماعة وتأثير ذلك على مستوى التوجّه الفردي، ما يدفع الكثيرين لعدم المبالاة للقيَم التي يحملها الأهل لأبنائهم.
ودعا المؤسسة الدينية الى “أن تعد نفسها لتلعب دوراً مضاداً في البيئات المكوِّنَة لهذا الجيل من عبدة الشيطان، إذ لا يكفي أن نلوم الفساد القانوني والإستهتار التشريعي والفساد التطبيقي، لأنّ خسارة الخير تعني نهاية تاريخ الإنسان ونهاية لبنان”.
وقد خصّ رئيس جمعية “جاد” جوزف حوّاط “الجمهورية” بحديث، كشف فيه التحديات وخطة مواجهة هذه الظاهرة بعد البلبلة التي أحدثتها أخيراً، معتبراً أنّ “أسباب عودة هذه الظاهرة التي تَخبو فترة لتعود وتظهر، هو الوضع الراهن والدولة المفككة والعائلة المفككة والمجتمع القابل للانجرار”.
وأشار إلى أنّ “عبدة الشيطان هم جماعة غير منظمين لأنّهم يرتبطون بالخارج”، مؤكّداً أنّ “الجمعيات والكنيسة والأمنيين والمنظمات ورجال الدين والاعلاميين سيكونون لهم في المرصاد”، كاشفاً أنّ “العمل الحالي سيكون بالخفاء وليس بالعلن للحدّ من التدخلات والتهديدات والاستفادة من اللجان التي تألفت مع المعنيّين من مختلف الطوائف لمحاربة عبدة الشيطان”.
وكشف حواط أنّ هذه الظاهرة تكبر في لبنان ونحن للأسف بلد الـ”Alo”. وشهدنا في بداية التحقيقات جدية، ثم عُدنا ولاحظنا النفوذ الذي يمارسه أهالي الشباب الذين تورّطوا، وهم من النافذين في لبنان.
وتمنّى من جميع المسؤولين الابتعاد عن تلقّي اتصالات الـ”Alo” (الواسطة) في ما يخصّ المخدرات وعبادة الشياطين، لافتاً إلى أنّ الواسطة تكون للطلّاب الذين يريدون دخول الجامعات وليس للشباب الذين يروّجون المخدرات ويشوّهون الصليب ورموز الأديان، كاشفاً “اننا انتقلنا الى العمل السري لأنّ التهديدات تلاحقنا”.
وأوضح أنّ غالبية حفلات عبدة الشيطان مرتبطة بالجماعات التي تتعاطى المخدرات. فعندما تمارس فتاة الجنس مع عشرة رجال، وعندما يمارس عشرة اولاد قصّار الجنس مع بعضهم البعض، فهذا الأمر يحصل بالتأكيد تحت تأثير مخدّر ما وليس أمراً طبيعياً أو تلقائياً، وهم يلجأون الى “LSD” مخدر الهلوسة، وهو من اقوى انواع المخدرات.
وأعلن: “نحن نعمل مع خبراء للتمييز بين الموسيقى الحقيقية والموسيقى الممزوجة بالاغنيات والابتهالات المرتبطة بالشيطان، وذلك للمساعدة على رصدها على أمل ان تكتمل اللجنة مع المعنيّين من مختلف الطوائف”.
وأشار إلى “اننا نتلقّى تهديدات بالصورة والصوت والاسم، وهم معروفون وبدأنا بتحضير الشكاوى وألغينا حفلات رأس السنة بعدما كانوا ينوون بيع المخدرات خلالها ليستفيدوا، وقد وَردتنا 42 ألف رسالة إلكترونية تؤيّدنا، من هنا نعلن أنّ الحرب اصبحت علنية بيننا وبينهم، ولن ندع الشيطان يغلبنا”.