رأت أوساط مستقلة في “14 آذار” في حديث لصحيفة “الراي” الكويتية ان هذا التحالف تعرّض أخيراً لأكثر من انتكاسة، من النوع الذي لا يمكن التقليل من وطأته، وهو أمرٌ ناجم عن اختلالٍ فاضح في إدارة التوازنات الداخلية سببه صعود الخيارات الخاطئة لـ “14 آذار” على حساب ثوابتها الاستراتيجية، وفشلها في إدارة خلافاتها تحت سقف وحدة أهدافها.
وفي قراءة هذه الأوساط لمظاهر الاختلال، الذي كشف هشاشة “14 آذار” وتَراجُع دورها كلاعب محوري في إرساء التوازن الداخلي وما يمليه من سياسات تتعلّق بموقع لبنان الاقليمي، تحدّثت عن ثلاث وقائع لا يرقى اليها الشك هي:
- خروج لبنان عن الإجماع العربي، في موقف غير مسبوق على الاطلاق. وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل حين انفرد في عدم تبنّي البيان الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة (الذي ايّده حتى العراق) لمجرّد ان البيان أعلن تَضامنه مع السعودية في وجه تدخلات ايران في المنطقة.
وبدا ان الترجمة الرمزية لموقف باسيل (حليف حزب الله) تعني ان لبنان اختار إدارة الظهر للإجماع العربي استرضاءً للمحور الايراني في المنطقة، وتالياً شكّل رسالة لحلفاء السعودية، أكان الحريري او جعجع، اللذين تحوّل خلافهما “الرئاسي” خاصرة رخوة أفاد منها حلفاء ايران في لبنان.
- إخراج سماحة من السجن بعدما قضى محكوميته، رغم الطعن بالحكم بحقه، وهو تطوّر انطوى في ملابساته القضائية على رسالة سياسية بالغة الدلالة برسم “14 آذار” التي سيكون من الصعب عليها إعادة سماحة الى سجنه نظراً لاختلال موازين القوى، رغم كل ما يقال عن وصمة العار التي شكلها الافراج عن “المجرم ميشال سماحة الذي ضُبط متلبساً بالصوت والصورة”.
- الاعتقاد الذي صار راسخاً بأن ذهاب الحريري الى ترشيح (حليف حزب الله) سليمان فرنجية، وعزم جعجع على ترشيح (مرشح حزب الله) العماد عون، لن يؤدي الى الافراج عن الانتخابات الرئاسية، التي يريدها “حزب الله” بتوقيته وشروطه، وتالياً فإن النتيجة الوحيدة لخيارات من هذا النوع ستكون تعميق الشرخ بين المكوّنات الرئيسية لـ”14 آذار” وربما الإجهاز عليها.
وتحدثت اوساط واسعة الاطلاع في بيروت لصحيفة “الراي” عن ان الحراك الرئاسي، في صعوده وهبوطه ومبادراته المتعدّدة الاتجاه، محكوم بأفق مسدود، لافتة الى ان ما من شيء في الداخل والخارج يشي بأن الظروف مؤاتية لانتخاب رئيس جديد للبنان.
ورأت هذه الأوساط ان مبادرة الحريري بترشيح فرنجية سقطت عندما أبلغ “حزب الله” الأخير ان لا حظوظ له وهو ما زال في عمرٍ يسمح له بالانتظار لفرصة مؤاتية، وتالياً من الصعب انتزاع اي ضوء أخضر من الحزب لمباركة تفاهم الحريري – فرنجية الذي يتعاطى معه حزب الله “كأنه لم يكن”.
وأشارت الاوساط عيْنها الى ان لا حظوظ عملية لترشيح جعجع لعون. فـ “حزب الله” الذي يعرف تماماً ما يريده من اي تسوية للإفراج عن الاستحقاق الرئاسي لن يُحرج بمناورة من النوع الذي يتحدث عن انه بمجرد تأييد جعجع لعون سيفتح أبواب القصر أمامه، فالمسألة تتجاوز مَن يجلس على الكرسي الاول.
وأبدت هذه الأوساط ميلاً للقول ان الحراك الرئاسي في لبنان لا يعدو كونه تحركات بلا أفق، فالمنطقة في ذروة تحولاتها الخطرة مع اشتداد الصراع وبلا قفازات بين السعودية وايران، واللاعبون الاقليميون الآن عيونهم على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لا الانتخابات الرئاسية في لبنان.