IMLebanon

المستقبل: صدمة نفسية تهين الشعور الوطني وتُعبّد طريق الهجرة

michel-samaha

كتبت مهى حطيط في صحيفة “المستقبل”:

توقّع اللبنانيون كل شيء في بلد باتت النفايات جزءا من الجغرافيا والدولة فكرة تبتعد عنهم أكثر وأكثر يوما بعد يوم، لكنهم لم يتوقعوا حتى في أسوأ تخيلاتهم ان من شاهدوه على شاشات التلفاز يتحدث عن اهداف للتفجير وشخصيات للاغتيال وهو يأكل الصبير اصبح حرا طليقا.

هكذا وبقرار من محكمة التمييز العسكرية وبكفالة مالية 150 مليون ليرة لبنانية، عاد سماحة الى منزله، والذي للصدفة يقع على بعد أمتار قليلة من منزل اللواء الشهيد وسام الحسن الذي اغتيل أمامه بعد شهرين على توقيف سماحة، كأن شيئا لم يكن ليصرّح بعد خروجه انه سيعود الى نشاطه السياسي.

لم يكن سهلا على اللبنانيين ان يتقبلوا قرار المحكمة العسكرية، فالجريمة هذه المرة كانت موثقة بالصوت والصورة وهم شاهدوا بأعينهم كيف نقل سماحة المتفجرات والصواعق وكواتم الصوت بيديه من سيارته الى سيارة المخبر كفوري. فعبّروا عن استنكارهم لهذا القرار بمختلف الطرق من مواقع التواصل الاجتماعي وصولا الى قطع طرقات في بيروت والمناطق.

يقول الدكتور في علم النفس الاجتماعي زهير حطب لـ”المستقبل” ان “الموضوع ليس اقتصاديا او اجتماعيا بل يمس أمن كل لبناني لان برنامج ميشال سماحة للتفجير كان يشمل جميع المناطق ويتناولها بالتساوي وهناك اصرار على ان عمله الجرمي يطال جميع المواطنين ولا يمكن لاحد ان يجد له اعذاراً او مبررات”.

أما الرسالة من قرار المحكمة العسكرية فهي، بحسب حطب، ان “القرار النهائي بإصدار مواقف حاسمة، في البلد يخضع لتأثير قوى سياسية لا تتأثر بالرأي العام ولا تتفاعل مع الواقع اللبناني المجتمعي”. ويضيف: “الناس تلقوا بنوع من الدهشة والاستغراب والخيبة وعدم التصديق ان المؤتمنين على الامن والعدالة تواطأوا على افشال الذين كشفوا الجريمة!، والأثر الآخر الذي تركه قرار تخلية سماحة عند اللبنانيين هو ان اللبناني البسيط الذي كان يقول اننا مهددون بالامن والاقتصاد والعلاقات الاجتماعية والنظام الطائفي اكتشف البارحة انه مهدد ايضا بان النزاهة والقانون أصبحا في خبر كان، والقضاء لم يعد لديه مصداقية او اعتراف او انه فعلا قد يحميه وينظر اليه كمرجعية”.

ويضيف حطب: “إن الرسالة المباشرة من قرار المحكمة العسكرية هي عدم الاكتراث واهانة الشعور الوطني. يمكن ان يحصل سماحة على لقب سياسي في المستقبل من قبل جهة سياسية وهنا تصبح الحياة الوطنية مهزلة وتتبخر فكرة بناء دولة حديثة واجهزة وومؤسسات، كل هذا تبخر في الهواء امام قرار ذهب بأحلام المواطن اللبناني العادي بانه من الممكن ان يحصل على حقه.”

ويختم حطب حديثه بالتأكيد على ان “اطلاق سماحة له تأثيراته على المدى الطويل وليس فقط على الوضع الراهن فهو يؤسس لخيبة كبيرة تُسرّع من حركة نزوح وهجرة الشباب الذين تأكدوا ان لا مستقبل لهم في الوطن طالما ان هناك استهانة كبيرة بكل ما يبني البلد ومؤسساته وخصوصا ان هذه الاستهانة تأتي، وهنا المهزلة الكبيرة، باسم النظام وأجهزة الدولة”.