موريس متى
“لأنه من الضروري العمل على تنمية الاخلاق وتغليب العلم على المال والانسانية على الجشع، ولأننا نشهد للأسف الكثير من الجشع في العديد من القطاعات، أطلقت وزارة الصحة حملة الاصلاح الشامل”، بهذه الكلمات لخّص وزير الصحة وائل ابو فاعور لـ “النهار” الحملة الاصلاحية التي أطلقتها وزارته لدى تسلمه مهماته.
مجموعة من الانجازات حققتها وزارة الصحة في العام المنصرم تضاف الى ما كانت قد انجزته عام 2014، مع تأكيد وزيرها ان الحملات والاجراءات مستمرة في 2016. واعتبر أبو فاعور ان وزارته “تحاول ان تقدم نموذجاً إصلاحياً واقعياً رغم كل الضغوط السياسية، وحجم الفساد الهائل المستشري في الادارات والمؤسسات”. ووصف سنة 2015 بأنها كانت “سنة منتجة تخللها الكثير من الإنجازات”.
الدواء والاستشفاء
في ملف الدواء، اعلن ابو فاعور ان ما تحقق يمكن اعتباره إنجازاً مهماً، اذ استطاعت الوزارة خفض سعر الدواء بمعدل وسطي عند 25% ووصل حجم الخفض على بعض الادوية الى 70%. اضاف: “بتنا نملك آلية رقابة لسوق الدواء أكثر فعالية، ما يساهم في الحد من دخول الادوية المهربة والمزورة الى لبنان، نتيجة الاجراءات القاسية التي اتخذت”، كاشفاً عن مشروع سيبصر النور خلال 3 الى 4 أشهر يقضي بوضع Barcode على كل دواء، يتضمن كل المعلومات عنه ما يساهم في تحديد مصدره، ومدى جودته، واي صيدلية باعته ومَن الطبيب الذي وصفه. كما اعتبر ان “بدء العمل بالوصفة الطبية الموحدة هو إنجاز مهم تحقق عام 2015 رغم انها لا تزال تواجه معاندة من بعض اصحاب المصالح والاطباء”.
وشدد على اهمية اعتماد وزارة الصحة نظام تدقيق لتصنيف المستشفيات، يستند إلى معايير جديدة تضاف إلى المعايير السابقة التي كانت محض تقنية؛ ترتبط بقدرة المستشفيات على استقبال مزيج من الحالات المرضية، ومرضى العناية المركزة، والإستشفاء الجراحي، إضافة إلى عدم تمييز المستشفى بين مريض وآخر، أو انتقاء الحالات التي يستقبلها. وذكّر بأن الوزارة قامت بإقفال عدد من المستشفيات وتم فسخ العقود مع عدد آخر نتيجة التجاوزات التي قامت بها، محذراً كل المستشفيات من إمكان التعرض لعقوبات في حال رفضها استقبال أي مريض او سوء معاملته، مهما كان وضعه المادي.
المستشفيات الحكومية
وعن المستشفيات الحكومية، لفت وزير الصحة الى ان الوزارة “حققت انجازا في هذا المجال، فقد نجح اكثر 95% من المستشفيات الحكومية في تحقيق توازن مالي للمرة الاولى، علماً أن لا رواتب متأخرة فيها. فالمستشفى الحكومي في زحلة مثلاً يشهد وفراً يساهم في اضافة معدات وأجهزة جديدة فيما تم دفع كل الرواتب المتأخرة. وفي ما يتعلق بالوضع في منطقة عكار، نسعى الى تعزيز دور مستشفى الحكومي فيها. ثمة مفاوضات مع دار الفتوى للحصول على مبنى تملكه لتحويله مستشفى بإدارة الوزارة مباشرة، ما يوفر لأهالي المنطقة صرحاً إستشفائياً”. وعن مستشفى البترون اعلن ان “وزارة الصحة ستتسلمه وهذا امر طبيعي. المطلوب هو إجتماع مجلس الوزراء وإقرار مرسومين، الاول إنشاء مؤسسة عامة تحمل إسم مؤسسة مستشفى اميل بيطار الحكومي، لتكون للوزارة صلاحية ادارتها، والثاني يتعلق بإستيعاب الموظفين في هذا المستشفى، لتقوم بعدها الوزارة بتسلمه تلقائيا”. واكد ابو فاعور ان الوزارة مستمرة في مراقبة التضخم الذي يشمل الفواتير المقدمة اليها، مشيراً الى السعي لوضع آلية لدفع أموال عقود المصالحة للمستشفيات بالتنسيق مع وزارة المال. ولفت الى ان الوزارة ستستمر في إحالة الأطباء الذين يخالفون أصول المهنة على القضاء المختص، بالاضافة الى إحالة كل خطأ طبي على المراجع المعنية لاتخاذ الاجراءات الملازمة.
ملفات أخرى
ضمن سلسلة الاجراءات التي اتخذتها وزراة الصحة خلال عام 2015، فتح ملف مراكز بيع النظارات غير المستوفية للشروط المطلوبة بالاضافة الى مراكز نقل العيّنات والمستوصفات والمختبرات الطبية، اذ قام مراقبو الوزارة بإقفال المؤسسات غير المرخصة والتي لا تراعي الشروط وأنذروا العديد من المؤسسات لتحسين وضعها. وعن مراكز التجميل التي تم إقفالها، والتي تدور شبهات عن قيام عدد منها بنشاطات تجميلية لتغطية عمليات تبييض اموال، قال ابو فاعور: “ما زلنا نحاول كشف مراكز مُخالفة لم نتمكن من الوصول اليها بعد، ولكنني أؤكد لأصحابها اننا سنصل اليهم وستتم معاقبتهم”.
في ملف آخر، كشف ان الوزارة ستقوم قريباً بإقفال عدد كبير من الاندية الرياضية التي تعطي منشطات يمنعها القانون، ولا تتبع الشروط والمواصفات، مشيراً الى أنه سيتم الاعلان عن نتائج الحملة خلال الايام المقبلة. ومن الاجراءات التي ستتخذها الوزارة قريباً، الاقفال النهائي لجميع مراكز تعبئة المياه غير المرخصة بعدما تم تمديد مهلة الاستحصال على الرخص المطلوبة أكثر من مرة.
في ملف الغذاء، اعتبر وزير الصحة ان الوزارة مستمرة في مراقبة المؤسسات ومدى التزامها المعايير والمواصفات المطلوبة في تجهيز منشآتها وتحضير المواد الغذائية وحفظها، والتشديد على ضرورة حيازة جميع العاملين في قطاع الغذاء على الشهادة الصحية حرصا على صحة المواطن، مع إستمرار مفتشي الوزارة في القيام يومياً بحملات الدهم وصدور سلسلة إحالات على النيابات العامة للتحقيق وقرارات بإقفال مؤسسات ريثما تقوم بتصحيح وضعها”. وأثنى على الدور الذي تؤديه دورات التدريب التي تجريها غرفة بيروت وجبل لبنان للعاملين في قطاع التغذية والمطاعم، والجهد الذي تقوم به نقابة أصحاب المطاعم والملاهي، كاشفاً ان الايام المقبلة ستشهد على معاقبة عدد من الملاهي التي تقدم مشروبات غير مطابقة للمواصفات.
قضية السكر والقضاء
وفي ملف السكر المحتجز في مرفأ طرابلس منذ أشهر، اعتبر ابو فاعور ان “هذه الكميات يجب ان تتلف علماً ان الصلاحية في هذا القرار تعود الى وزارة الاقتصاد. لكن تقرير وزارة الصحة أظهر أن هذه الكمية من السكر غير مستوفية للشروط ويجب تلفها. لذا نطالب القضاء بمعرفة أين أصبح الملف، مَن المسؤول عن ادخال 25 الف طن من السكر الفاسد الى الاسواق؟. أعلم جيداً حجم الوساطات السياسية والضغوط التي مورست على القضاء لإخراج من تمّ توقيفهم، لكننا لن نبقى صامتين لوقت طويل”.
وعن كيفية تعاطي القضاء مع الاحالات التي تقوم بها وزارة الصحة، اعترف ان “ثمة قضايا أحالتها وزارة الصحة على القضاء عام 2008 ومنها أدوية سرطان مزوّرة، ولم نعرف حتى اليوم اين هو الملف؟. بعض القضاة لديهم حماسة كبيرة ولكن الحركة بطيئة في بعض الاجراءات القضائية وهناك أحياناً تدخلات سياسية. بعض الإحالات على النيابة العامة المالية لم تكن نتائجها مشجعة”.
وختم وزير الصحة بالقول “قطار الاصلاح مستمر ولن يتوقف. اذا كان هناك من رهان فالرهان الوحيد يجب أن يكون على القانون والتزام تطبيقه. مهمتي في النهاية أن احافظ على كرامة المواطن”.