تستمر تحركات المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في الداخل السوري بمسعى للتخفيف من وطأة الحصار المفروض على بلدتي مضايا والزبداني في ريف دمشق وكفريا والفوعة في ريف إدلب٬ نظرا لكون دخول قوافل من المساعدات الغذائية الأسبوع الماضي لم يضع حدا للمأساة المستمرة في هذه المناطق٬ خصوصا في مضايا؛ حيث سجل وفاة 5 أشخاص من الجوع قبل أيام٬ بينما يعاني 30 آخرون من وضع صحي صعب نتيجة المجاعة التي رزحت تحتها البلدة لأكثر من شهر.
وُسجلت دخول قوافل جديدة من المساعدات إلى البلدات المذكورة٬ يوم أمس٬ بحيث تم إدخال مادة المازوت إلى مضايا ومائتي سلة غذائية لمقاتلي المعارضة المحاصرين في الزبداني٬ بالتزامن مع دخول وفد أممي إلى بلدتي الفوعة وكفريا٬ المحاصرتين من مسلحي المعارضة٬ برفقة ممثلين عن الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوري للاطلاع على الأحوال الإنسانية للمحاصرين هناك٬ وتبيان الاحتياجات الطبية للبلدتين حيث الغالبية من الشيعة.
وكانت الحكومة السورية والمعارضة المسلحة قد اتفقتا على إدخال المساعدات إلى البلدات المذكورة وبشكل متزامن بإشراف الأمم المتحدة لإنقاذ سكان البلدات الذين يتضورون جوعا٬ علما بأن النظام السوري كان يلقي للمحاصرين في الفوعة وكفريا المساعدات من خلال المروحيات٬ مما كان يخفف من وطأة معاناتهم.
وقال محمد الشامي٬ عضو الهيئة الطبية في مضايا٬ إن “شاحنات محملة بالمازوت تتحضر للدخول إلى البلدة مساء بالتزامن مع إدخال مئتي سلة غذائية لنحو 700 مقاتل للمعارضة محاصرين في الزبداني”٬ لافتا إلى أن “عيادة متنقلة وصلت الجمعة إلى مضايا تابعت أحوال 30 شخصا يعانون مشكلات طبية كبيرة نتيجة الجوع٬ غادرت البلدة بعد يومين”.
وأوضح الشامي الذي يوجد في مضايا وتحدثت إليه “الشرق الأوسط” هاتفيا خلال انتظاره وصول قوافل الأمم المتحدة عند مدخل بلدته٬ أن أحدا لم يتحدث معهم بإمكانية إجلاء المدنيين أو حتى المرضى٬ وأضاف: “أوضح لنا المسؤولون في الأمم المتحدة أنه تم إدخال العيادة المتنقلة للاعتناء بأكثر من 400 شخص كان يتوجب خروجهم لتلقي العلاج”.
وأشار الشامي إلى أن أعدادا كبيرة من نازحي الزبداني يرغبون بمغادرة مضايا٬ أما أهل البلدة الأصليين فليسوا متحمسين كثيرا لخطوة مماثلة٬ على الرغم من خوفهم من تكرار سيناريو المجاعة في الأسابيع المقبلة. وإذ نفى وجود مدنيين في الزبداني٬ أكد أن كل المحاصرين هناك من المقاتلين. وقال: “العدد الإجمالي للمقاتلين في المدينة كان 228 ٬1200 منهم قتلوا خلال المعارك و300 أصيبوا٬ كما أن البعض سلم نفسه أو هرب.. ويتبقى حاليا ما بين 600 و700 مقاتل محاصرين فيها”.
من جهتها٬ تحدثت وسائل إعلام مقربة من “حزب الله” عن أنه من المقرر أن يتم إدخال كميات كبيرة من مادة المازوت إلى بلدات مضايا والفوعة وكفريا بغاية التدفئة في فصل الشتاء٬ لافتة إلى أنه سيتم إدخال عشرة آلاف ليتر مازوت إلى البلدات المذكورة٬ تطبيقا للاتفاق الموّقع بين مقاتلي المعارضة من جهة والنظام السوري وحزب الله من جهة ثانية برعاية تركية – إيرانية٬ على أن يتم تطبيقه برعاية الأمم المتحدة.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة٬ يعيش نحو 4.5 مليون شخص في “مناطق يصعب الوصول إليها في سوريا”٬ بينهم نحو 400 ألف في 15 موقعا محاصرا لا يستطيعون الحصول على إغاثات ضرورية لإنقاذ الأرواح.
وقال تقرير أصدرته الأمم المتحدة إن خمسة أشخاص ماتوا من الجوع الأسبوع الماضي في بلدة مضايا السورية لينضموا إلى 32 آخرين ماتوا جوعا خلال الشهر الماضي.
ونتيجة الحصار المستمر منذ أكثر من 6 أشهر على مضايا التي تأوي 42 ألف شخص٬ ترتفع أسعار المواد الغذائية ومواد التدفئة فيها لحدود غير مسبوقة.
ويصل سعر قطعة البسكويت إلى 15 دولارا٬ وكيلو حليب للأطفال إلى 313 دولارا٬ وذلك رغم وصول قافلتي مساعدات طارئتين تابعتين للمنظمة الدولية إلى البلدة المحاصرة.
وأشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن عشرات الأشخاص يحتاجون إلى رعاية طبية متخصصة على الفور خارج مضايا حتى لا يموتوا. لكن عاملين في مجال المساعدات تابعين للمنظمة الدولية والهلال الأحمر العربي السوري٬ لم يتمكنوا سوى من إجلاء عشرة أشخاص فقط.
وقالت الأمم المتحدة إن العاملين في المجال الإنساني الذين دخلوا البلدة٬ الأسبوع الماضي٬ سمعوا أن ألغاما أرضية زرعت منذ أواخر أيلول٬ لمنع الناس من الرحيل٬ وأن مدنيين كثيرين استمروا في محاولة البحث عن طعام على مشارف البلدة وأن بعضهم فقدوا أطرافهم في انفجار الألغام الأرضية.
وأوضح التقرير الأممي أن المقاعد والمكاتب المدرسية تستخدم للتدفئة٬ وأن تقارير غير مؤكدة تحدثت عن تعرض نساء للتحرش في نقاط تفتيش عسكرية وأعمال عنف على أساس النوع.