فاديا دعبول
تستمرّ مشكلات اصحاب مزارع الابقار في الكورة، في ظل غياب اي وجه من اوجه الاعمال التعاونية المتعلقة بهذا القطاع في القضاء، اذ ان وجود تعاونية يؤمن الارشاد المطلوب، ويوفر الكثير من المال؛ وليس من يعمل على خلق وحدة تعاونية زراعية من حيث تشكيل عامل ضغط لتخفيض اسعار بيع الاعلاف، وبيع الحليب باسعار مرضية، برغم ان وجود مركز الارشاد الزراعي في الكورة ساهم بعض الشيء في تحسين وضع اصحاب المزارع ودعمهم من حين لآخر بالتقديمات العينية والارشادية.
لذا، فان المهندسة الزراعية ميساء حلبي تتابع ندوات مركز الارشاد بغية انشاء مزرعة نموذجية تهتم بتربية الابقار، لا سيما ان المنتجات المعروضة في الاسواق من الاجبان والالبان، وفق رأيها «لا تشجع كثيرا على الشراء، في ظل تكاثر الامراض».
الا ان اهم المشكلات التي تعترض اصحاب مزارع الابقار في الكورة وفق حنا الشعار الذي يملك ما يقارب الـ 60 رأس بقر مع اخيه، تتركّز في موضوع اسعار الحليب المتدنية، وفق تسعيرة الوزارة، مقابل سعر الشعير. ويصف الشعار هذا الواقع «بالمؤلم ويؤدي الى توقف العمل»، الا انه ليس باليد حيلة سوى مطالبة الدولة بالمساعدة، اذ ان قسيمة واحدة منها للعلف بالسنة بقيمة 200 كلغ لا تكفي ابقاره، كونها تستهلك في الشهر ما يقارب الـ 30 طناً من العلف.
حال الشعار ليس افضل من حال كابي عبدو وهو صاحب مزرعة في فيع ولديه 40 رأس بقر تقريبا، فهو حينما يستلم قسيمة العلف للاستفادة منها مجانا من وزارة الزراعة تكون الكمية قد نفدت على حد تأكيده، فيطلب منه اعادة القسيمة من دون ان يستفيد بشيء، ويشير الى ان «سعر كيلو الحليب هو الف ليرة وكيلو العلف بـ 800 ليرة، هذا عدا عن مصاريف الاجراء والعمال وغير ذلك». ويضيف: «حالة القطاع مزرية»، مطالباً الدولة «بدعم المزارع وتأمين تصريف انتاجه باسعار معقولة، والا فانه لا يتردد بالتفتيش عن عمل آخر».
اما جرجس خوري صاحب مزرعة في برسا تحوي على ثلاثة ابقار فيطالب بتأمين طبيب بيطري دائم في الكورة نتيجة معاناته مع الاطباء البيطريين في طرابلس والبداوي، داعيا للمحافظة على هذه الثروة الحيوانية الطبيعية المهمة للصحة.
ونظرا لاهمية هذا القطاع بادرت راهبات القديس يعقوب الفارسي المقطع في دده الى تربية بعض الابقار، لتأمين انتاج صحي نظيف من الالبان والاجبان، غني بالكالسيوم بديل عن اللحوم، غير المحبذة وفق طبيعة الحياة الرهبانية. ففي فترات الصوم تعمد الراهبات الى بيع المنتجات لاصدقاء الدير، ما يؤمن للراهبات مردودا يساعد على شراء الاعلاف. والجدير ذكره ان ابقار الدير لا تتعرض للامراض نظرا لاسلوب التربية الذي يعتمد على المراعي الطبيعية المحيطة بالدير.
امام الصعوبات التي يعاني منها اصحاب مزارع الابقار في الحصول على مساعدات بالاعلاف من الوزارة توضح مسؤولة مركز الارشاد الزراعي في الكورة المهندسة مروى حمود ان «لا خطة خماسية لتوزيع الاعلاف مجانا». لذلك تبقى عملية التوزيع غير مستقرة وغير مستمرة.
ازاء المشكلات الصحية التي تعاني منها الأبقار وتراجع الإنتاج يؤكد المساعد الفني البيطري فرانسوا الشدياق ان «الوزارة حرصت على اعادة الندوة المتعلقة بنظافة المزارع بعد متابعتها لاوضـــاعها واكتشافها ان العديد منها لا تستعمل ما يتم توزيعه مجــانا من مواد معقمة ومطهرة للوقاية من الامراض والمحافظة على جودة الانتاج.
وبما ان نديم مرشد لديه مزرعة مؤلفة من عشر ابقار في اميون لا يحفظ الارشادات ولا يتقيد بها، عرض عليه الشدياق المشاركة بمدرسة حقلية بغاية تأمين الارشادات العملية بشكل افضل كي لا ينساها. الا انه اعتذر لعدم توفر الوقت لديه.
ومن الاقتراحات المهمة لتحسين الانتاج عرضها طوني الهندي من حيث تعهد وزارة الزراعة ببيع الاعلاف تلافيا للغش.
وفي الخلاصة، هذا القطاع الذي يمكن أن يدرّ أموالاً وخيرات على العاملين فيه وعلى الدولة، يبقى كقطاعات كثيرة بلا عناية، وبلا عمليات إرشاد متواصلة ولا دعم مادي ولا حتى معنوي. فمثلاً، جزء كبير من المزارعين لا يعرفون ان البقرة التي تزن اكثر من 35 كيلو يمكن ان تحلب ثلاث مرات باليوم وليس مرتين، ان عمل صاحبها على مراقبتها والاهتمام بغذائها ونظافتها ونظافة المكان. وهي تشكل موردا اقتصاديا مهما يمكن الاعتماد عليه في المعيشة نظرا للطلب اليومي عليه من الاجبان والالبان التي تعتبر ركيزة اساسية في الغذاء الكامل والسليم للانسان.
