Site icon IMLebanon

طرابلس: سوق القمح من محور مواجهات إلى ساحة للتلاقي

wheatmarket-tripoli
عمر ابراهيم

كسر «مجلس شباب التبانة» الصورة النمطية عن سوق القمح الذي كان يضم أخطر محاور المواجهات المسلحة التقليدية بين التبانة وجبل محسن، واستطاع بالتعاون مع جمعيات ومتطوعين من جبل محسن محو مظاهر الحرب التي كان شهدها منذ عقود ومؤخرا، وذلك عبر مشروع انمائي تطوعي بدأ قبل ثلاثة اشهر، واستُكمِلت قبل اسبوع مرحلته الثانية والاخيرة، والتي يتوقع لها ان تعيد السوق الى سابق عهده كنقطة تلاق بين ابناء تلك المناطق الذين يتشاركون مؤسساته التجارية.
ويعتبر سوق القمح من اوائل محاور المواجهات بين التبانة وجبل محسن، حيث كان قد شهد في السبعينيات بداية شرارة تلك المواجهات بين المقاومة الشعبية حينها بقيادة علي عكاوي، والحزب العربي الديموقراطي بقيادة علي عيد في جبل محسن، قبل ان تعود تلك المواجهات وتتجدد في الثمانينيات بين حركة التوحيد الاسلامي بقيادة خليل عكاوي (ابو عربي) والجيش السوري ومعه الحزب العربي، وأدت الى إلحاق دمار كبير في هذا السوق الذي كان يعتبر ولا يزال مدماك الحركة الاقتصادية في المدينة، وكان يضم مؤسسات تجارية عريقة يملكها تجار من طرابلس وجبل محسن.

200 مؤسسة تجارية

والسوق الذي يضم نحو 200 مؤسسة تجارية لم يشهد اي مشروع انمائي يذكر لاعادته الى سابق عهده، وترك منذ ذلك الحين عرضة للتهميش والحرمان والاستغلال السياسي، انطلاقا من موقعه المتوسط بين التبانة وجبل محسن، وهو ما ساهم في اعادة استثماره في العام 2007 حتى العام 2014 خلال جولات العنف التي شهدتها طرابلس، وانتهت مع تنفيذ الخطة الامنية فيه، لكن من دون ان تتم اقامة اي مشروع للسوق الذي تضاعفت الاضرار المباشرة وغير المباشرة فيه، فضلا عن المخاوف التي كانت تنتاب اصحاب المؤسسات من المنطقتين من العودة اليه وتفعيل تجارتهم قبل ان تكون هناك مصالحة جدية بين الاهالي بعيدا عن السياسة، وهو ما تكرس من خلال مشاركة ابناء المنطقتين جنبا الى جنب في اعمال الترميم القائمة.
وكان مجلس شباب التبانة قد أنجز المرحلة الأولى من مشروع ترميم السوق وشملت ترميم واجهات المحال التجارية وطلاء جدرانها وتمديد انارة للسوق وتركيبها، إضافة إلى إنشاء أسقف بطريقة تراثية تحافظ على الطابع الأثري للسوق وتحمي المتسوقين من الأمطار والحرارة خلال فصلي الشتاء والصيف، فضلا عن إنشاء حديقة بيئية عند مدخل السوق أضفت عليه طابعا جماليا مميزا، وقد استكمل العمل قبل ايام على ان يستمر لثلاثة اشهر، قبل الاعلان عن انتهاء هذا المشروع حيث سيقام حفل واطلاق يوم للتسوق لدعم التجار ولتشجيع الناس على العودة اليه.
واشار رئيس مجلس شباب التبانة خالد الشخشير الى «ان المجلس بالتعاون مع جمعية لبنان المحبة وشباب الغد من جبل محسن قد اطلق المرحلة الثانية من العمل، بعد انتهاء المرحلة الاولى التي شارك فيها متطوعون من جبل محسن والتبانة عملوا يدا بيد لإزالة مظاهر الحرب من هذا السوق».

صورة طرابلس الحقيقية

وأضاف: «هذا العمل يعطي صورة حقيقية عن طرابلس والعيش المشترك فيها، ويؤكد ان هذه المدينة قابلة للحياة وتستحق ان تعيش بسلام إذا توفرت الظروف، ونحن مستمرون في التبانة بالتعاون مع اهلنا في جبل محسن لإزالة ما خلفته هذه الحرب في مناطقنا، حيث كان لنا العديد من المشاريع المشتركة».