نجلة حمود
لا تعكس ورش قطاف الحمضيات والبرتقال المنتشرة في مختلف بلدات سهل عكار حقيقة الواقع الذي يعيشه المزارعون المنكوبون جراء عدم قدرتهم على تصريف الإنتاج، إضافة الى نكبة العوامل الطبيعية والعواصف التي ألحقت الكثير من الأضرار بالموسم الحالي.
يحتار مزارعو الليمون في كيفية تصريف الموسم بسبب أزمة النقل البري مع سوريا، وإقفال الحدود أمام انتقال الإنتاج الزراعي الى الخليج والأردن، ما يدل على وجود هوة كبيرة بين الإنتاج والتصريف.
ويمكن القول إن المزارعين يسعون لتصريف إنتاجهم، الذي يصفونه «بالممتاز»، من حيث الكمية والنوعية عبر بيعه بأبخس الأسعار، إذ يبلغ سعر صندوق البرتقال ستة آلاف ليرة، في حين أن كلفته تقارب الثمانية آلاف ليرة.
وتحتل زراعة الحمضيات مكانة مرموقة في سهل عكار بأصنافها المتعددة، اذ تعتبر من الزراعات الرئيسية التي يعتمد عليها نسبة كبيرة من أبناء المنطقة، إذ تقدر المساحات المزروعة بآلاف الهكتارات وتتركز في بلدات: تلمعيان، القليعات، تلحياة، تلعباس، بلانة الحيصة، تل اندي، تلبيرة، المسعودية..
ويلفت المزارعون الانتباه الى الكلفة العالية للإنتاج، التي تبدأ بأجور اليد العاملة وكلفة التوضيب والتخزين والنقل والأسمدة والزراعة والقطاف، والسعي لمطابقة المواصفات المعتمدة للتصدير.
ويؤكد هؤلاء «أن كل ذلك يجري، والدولة غائبة عن السمع، تعتمد سياسة إدارة الظهر كلياً للقطاع الزراعي، الأمر الذي يدفع بالبعض الى بيع أراضيهم والهجرة».
ويتحدث المزارع رجب الحسن عن «تحكم السماسرة بجيوبنا وغلاء أسعار التوضيب والتصريف»، لافتاً الى «أن الربح المتبقي لنا هو ألف ليرة عن كل صندوق برتقال، الأمر الذي لا يتناسب إطلاقاً مع الجهد والتعب، الذي يقوم به المزارع على مدار العام».
يضيف: «الموسم خسارة بخسارة، نحن نطالب الدولة بالكشف على الأضرار التي خلفتها العاصفة الأخيرة، أقله لتأمين صمودنا، لأن لا بديل عن هذه الزراعة التي ورثناها عن أجدادنا».
ويشير المزارع عبد الحليم طيبة الى «الخسائر المتتالية التي مني بها في السنوات الماضية، فهو خسر 22 خيمة بلاستيكية في العام الماضي، والعاصفة الأخيرة نكبت موسم البرتقال وفي كل مرة يعدوننا بالتعويضات، من دون أن تبادر الوزارة أقله الى مساندة المزارع بالأسمدة والمبيدات».
ويتساءل: «كيف سنسدد ديوننا، ومن يهتم بالمزارع، في الوقت الذي لم تجد فيه الدولة حلولاً ملائمة للتصدير؟ والإنتاج يذهب هدراً من دون أي مردود يذكر، وإلى متى سنتمكن من الصمود في ظل الواقع القائم؟».
ويتحدث المزارع والمصدر محمد المبيض عن «تدهور أوضاع المزارعين والتجار والمصدرين نتيجة تراجع التصدير الى الخارج، وتراجع الأسعار في الداخل بسبب كثرة العرض وقلة الطلب»، لافتاً الانتباه الى «ارتفاع كلفة التصدير الى الخارج حيث تبلغ كلفة العبّارة الواحدة خمسة آلاف و500 دولار الى العقبة في الأردن».
ويضيف: «نحن مضطرون للتصدير بهذه الأسعار، في ظل عدم وجود بديل، خصوصاً أن خسائرنا منذ بداية الأزمة السورية حتى اليوم كبيرة الى أبعد الحدود».