وبعدما انشغلت المرجعيات السياسية، خصوصاً المسيحية في الآونة الاخيرة في الاستحقاق الرئاسي وتسجيل الاهداف السياسية، متناسية هموم المجتمع المدني وظروفه الاجتماعية والاقتصادية التي وصلت الى مستويات متدنية لم يشهدها من قبل، ارتأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي دعوة بعض رجال الاعمال بصفتهم الخاصة والعامة لمناقشة التحديات الاقتصادية الخطيرة التي يمرّ بها اللبنانيون نتيجة الظروف السياسية الراهنة وتفشي الفساد.
وترأس لهذا الغرض، اجتماعاً في الصرح البطريركي في بكركي أمس، للفاعليات الاقتصادية، في حضور الوزير السابق نقولا نحاس، رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه، عميد الصناعيين جاك صراف، رئيس اتحاد النقابات السياحية بيار الأشقر، رئيس نقابة المقاولين مارون الحلو، رئيس نقابة المستشفيات سليمان هارون، رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك، نائب رئيس جمعية الصناعيين جورج نصراوي، المدير العام لجمعية تجار بيروت نبيل حاتم والخبير الاقتصادي ايلي يشوعي.
تداول المجتمعون في المعضلات الاقتصادية عموماً، وبعض الشؤون القطاعية الخاصة وفي التحديات الاقتصادية الخطيرة نتيجة الظروف السياسية الراهنة وتفشي الفساد بما يعيق عملية الاصلاح في ظل غياب المحاسبة والمساءلة. وأوضحت مصادر لـ»الجمهورية» «أن الاجتماع جاء بناء لطلب من البطريرك الراعي، وهو الاجتماع الأوّل التمهيدي الذي نعقده للاطّلاع على المشاكل الاقتصادية الاجتماعية الذي يواجهها المجتمع».
واشارت المصادر الى ان اهتمام البطريرك في الشق الاقتصادي والاجتماعي نابع من المطالب المتراكمة التي ترده يوميّاً، مما دفعه الى عقد اجتماع مع أصحاب الاختصاص في الشأن الاقتصادي لمساعدته في وضع تصوّر لحلّ تلك الأزمات الحياتية، «لأنه عازم على تحريك الملفات الحياتية الملحة ووضع استراتيجيات لحلّها في ظلّ غياب تامّ لأي معالجات على الصعيد الحكومي».
وقد تلقف البطريرك نصيحة سفراء عدد من الدول، كونه مرجعية كنسية أولى، في المبادرة بطرح الامور الحياتية الملحّة التي تطال خصوصاً المجتمع المسيحي الذي يواجه لامبالاة لأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية مقابل عدم انتخاب رئيس للجمهورية.
لذلك، طلب البطريرك من المجتمعين أمس، تحديد الملفات ذات الاولوية، مشيرا الى ان تدخّل بكركي في الملفات الاجتماعية والاقتصادية في السباق أثمر نتائج ايجابية، على سبيل المثال ملف الحوض الرابع وقانون استعادة الجنسية.
وشرحت المصادر ان المجتمع المسيحي فاقدٌ اليوم لمرجعيات يمكنها أن تبتّ أو تحلّ الأزمات الاقتصادية التي يواجهها، لافتة الى أن الطوائف الاخرى في المقابل، تتجّه فوراً لمرجعياتها الدينية أو الحزبية التي هي على استعداد دائم لتقديم خدماتها والمساعدة في حلّ مشاكل أبناء طائفتها ورجال أعمالها.
نتيجة لذلك، قرّر المجتمعون البدء بدراسة المواضيع الاقتصادية والاجتماعية الاكثر إلحاحاً، وتحضير طرحٍ للملفات التي ستتم معالجتها في المرحلة الاولى، وهو الملف الاستشفائي، على أن تتم بلورة الطرح في غضون 10 أيام وتعود اللجنة الى الاجتماع في بكركي بعد شهر، على أن يتابع المطران سمير مظلوم بتكليف من البطريرك، هذا الموضوع.
واوضحت المصادر ان الملف الاستشفائي هو أول الملفات التي ستعمل عليه اللجنة حيث ستضع طرحاً يتضمن حلولاً لكل المشاكل المرتبطة بالضمان، المستشفيات، الطبابة، الدواء وغيرها.