أصدرت وكالة ستاندر أند بورز تقييماً يفسّر سبب نظرتها السلبية للبنان. الوكالة ترى أن مخاطر نظام التمويل ارتفعت مقارنة مع الفترة الممتدة بين 2007 و2011، نظراً إلى التراجع الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي ودول أوروبا، لأن هذين المصدرين يمثّلان مصدر الدخل الرئيسي من المغتربين
محمد وهبة
جاء تقرير وكالة ستاندر أند بورز بعنوان «مخاطر الصناعة المصرفية» ليؤكد ما كان متداولاً خلال الأشهر الأخيرة عن انعكاسات التباطؤ الاقتصادي في الدول التي يعمل فيها مغتربون لبنانيون.
الوكالة تحدّثت عن تباطؤ في التدفقات المالية ناجم عن ضعف مصادر تمويل الودائع المصرفية التي تأثّرت بالمخاطر الجيوسياسية، مشيرة إلى أن حاجات الدولة التمويلية قد تزداد نظراً إلى التوقعات الاقتصادية السيئة.
بنت «ستاندر أند بورز» تقييمها لمخاطر الصناعة المصرفية في لبنان على ثلاث نقاط ضعف وثلاث نقاط قوّة. الضعف يكمن في «انكشاف المصارف الكبير على الدين السيادي، وهشاشة الاقتصاد الكبيرة للمخاطر السياسية الداخلية والخارجية، والدولرة المرتفعة في ميزانيات المصارف والاقتصاد أيضاً». أما نقاط القوّة فتتمثّل في وجود «أنظمة وإشراف مناسب على القطاع المصرفي يساعد على تعزيز الثقة معزّزاً بقدرة الزبائن، تنافس وازدحام مصرفي يرتكز إلى عشرات اللاعبين في القطاع، قدرة المصارف على استيعاب كلفة المخاطر الكبيرة في مجال التسليفات». خلاصة القول لدى الوكالة، إن المخاطر الاقتصادية والمصرفية هي سلبية.
من أبرز أوجه نقاط القوّة المصرفية، وفق ستاندر أند بورز، هي أن القطاع الخاص في لبنان يظهر مقاومة للأزمة الحالية، نظراً إلى ما أظهره سابقاً «لكن نوعية الأصول في بعض القطاعات ستنخفض تدريجاً». إلا أنه بات واضحاً لدى الوكالة أن منحى المخاطر الاقتصادية هو «سلبي»، فإلى جانب «التراجع الاقتصادي، هناك انكشاف مصرفي على بنية مثقلة بالديون السيادية وهي تجثم على أصول المحافظ المصرفية». هذا الانكشاف يحمل مخاطر واسعة ولا سيما أنه قد يطول أمد فترة عدم الاستقرار السياسي ما سيؤثّر على النمو الاقتصادي ويحدّ من قدرة اللاعبين السياسيين وشهيتهم على إجراء أي إصلاحات».
التقييم يظهر أن مخاطر نظم التمويل في لبنان ارتفعت مقارنة مع الفترة الممتدة بين 2007 و2011 بالتزامن مع تراجع اقتصادي في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي وفي أوروبا أيضاً حيث تعدّ هاتان المنطقتان من مصادر الدخل التقليدية للبنانيين العاملين في الخارج.
وعلى الصعيد الماكرو اقتصادي، ترسم «ستاندر أند بورز» مساراً لمرونة الاقتصاد مشيرة إلى أن «مصرف لبنان نجح في الدفاع عن تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار، إلا أن هذا الأمر حدّ من مرونة مصرف لبنان النقدية ومن قدراته لدعم القطاع المصرفي، في حال وجد، ولا سيما نسبة الدولرة المرتفعة في الاقتصاد». وتفسّر الوكالة هذا التقييم، بالإشارة إلى أن التدفقات المالية بالعملات الأجنبية (الدولار) تجد طريقها إلى القطاع المصرفي حيث تستعملها المصارف لتشتري سندات الدين السيادية من الحكومة، وهذه الأخيرة تستعمل المبالغ لتمويل عجز الموازنة العامة. كلفة الدين تستوعب نحو 40% من الإيرادات الحكومية سنوياً ولا يتوقع أن تزيد عن 45% خلال السنتين المقبلتين. وبالتالي فإن «الثقة في القطاع المصرفي واستقراره هو حجر الزاوية بالنسبة للمالية العامة».
هذا يعني أن استدانة الدولة بالعملات الأجنبية في اقتصاد مدولر تحدّ من القدرة على ضخّ الدولارات في السوق عند الحاجة.
في المقابل، يبقى الاقتصاد اللبناني مقاوماً للأزمة «غير أنه سيصبح أكثر هشاشة بسبب عوامل بنيوية. فالاقتصاد اللبناني يعكس تذبذبات الصراعات الداخلية والخارجية، ومنذ بدء الأزمة السورية في مطلع عام 2011، تراجع الأداء الاقتصادي ولا يتوقع أن يكون هناك انتعاش قريب فيما لا تزال المنطقة غير مستقرّة. نتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي 2.5% خلال 2015 و2016. ورغم تراجع نمو الناتج الفردي منذ عام 2011 إلى اليوم، إلا أنه سيرتفع في عام 2015 إلى أكثر من 10 آلاف دولار».