رأت دوائر سياسية لبنانية في حديث لصحيفة “الراي” الكويتية أن “استخدام الدكتور سمير جعجع خرطوشة ترشيح النائب ميشال عون جعلت الأخير المرشح المسيحي الاول، لكنها لم تكرّسه رئيساً، في ظلّ اصطدام وصوله الى قصر بعبداً بعقبتين معلنتين متداخلتيْن، هما تمسّك النائب سليمان فرنجية بترشيحه ورفْضه الانسحاب له، ووقوف تيار المستقبل مع زعيم المردة والاصرار على دعمه تحت عنوان انه من الأقوياء الاربعة الذين كرّستهم الكنيسة المارونية المرشحين المسيحيين الأكثر تمثيلاً (الى جانب عون وجعجع والرئيس امين الجميل) وان الانتخابات الرئاسية استحقاق وطني وليس مسيحياً فقط، وان البرلمان يبقى الوعاء الديموقراطي لحسْمه بالانتخاب وليس بفرْض مرشّح”.
وبحسب هذه الدوائر، فإن “تبنّي رئيس القوات خيار زعيم التيار الحر، من شأنه ان يكشف حقيقة نيّات حزب الله حيال عون كما إزاء مجمل الاستحقاق الرئاسي، فإما سيجد نفسه محرجاً امام الجنرال فيسلّم بلبْننة الانتخابات، محاوِلاً تحصيل ما أمكن من شروطه، وإما أن يستفيد من استمرار فرنجية بترشيحه فلا يضغط عليه لينسحب ولا على بري لانتخاب عون، ما يجعل زعيم”المردة”، وعلى الورق، صاحب الأكثرية العددية للفوز بالرئاسة في حال تنافس مع عون في جلسة انتخاب، في ظل تأييده من المستقبل ومن النائب وليد جنبلاط (حتى الساعة) والرئيس بري ومستقلّين. وفي هذه الحال سيتكفّل عون تمديد حال الانتظار الرئاسي، إذ لن يشارك في جلسة لا يضمن انتخابه فيها، والحزب سيسير مجدداً خلفه”.
وأوضحَت مصادر مطّلعة لصحيفة ”الجمهورية” أنّ “حزب الله لم يُفاجَأ بخطوة الدكتور سمير جعجع بترشيح العماد ميشال عون، بل كان يتوقع ان يُقدِم عليها بناءً على معطيات عدة، أبرزُها الظروف التي أحاطت بها والتطوّرات الاخيرة التي شهدها الملف الرئاسي، لا سيّما مبادرة الرئيس سعد الحريري الباريسية، كما كان يتوقع خطوة جعجع نتيجة قراءة سياسية أجراها لعقلِ الأخير وتفكيره ومنطقِه”.
وفي المعلومات أنّ الحزب المستمر في تريُّثِه في انتظار تبلوُر موقف الآخرين، خصوصاً موقف الحريري، يرَكّز جهوده الآن على استمرار التهدئة لكي تؤدّي الى التوافق بين اطراف الفريق الواحد، وحتى تجاه الفريق الآخر.
وفي الوقت نفسه يترقّب الحزب ان يقوم عون بخطوة إيجابية باتّجاه فرنجية، معَوّلاً كذلك على خطوات إيجابية يقوم بها “التيار الوطني الحر” باتّجاه الآخرين، تشمل ايضاً فريق 14 آذار وتيار”المستقبل” ، وإذ يَعتبر الحزب أنّ المواقف الإقليمية في النهاية تؤثّر على مواقف أصدقاء محليين فهو يراهن على إنجاز لبناني ـ لبناني.
ويرفض الحزب اتّهامَه بأنّه لا يريد إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ويكرّر دعمَه ترشيحَ عون ووقوفَه الى جانبه حتى النهاية، “علماً أنّ فرنجية يُعَدّ بالنسبة اليه حليفاً استراتيجياً وأساسياُ لكنّه يلتزم بوعده لعون، ويَعتبر أنّ فرنجية مرشّح استراتيجي ودائم لرئاسة الجمهورية في المستقبل.
ويصف الحزب بيان كتلة “المستقبل” الأخير بأنّه موقف المتريّث والذي يفتح الامور على كلّ الاتجاهات، إلّا أنّه ينتظر الموقف النهائي للحريري متمنّياً أن يأخذ الحريري الموقف الذي يَخدم الوطن.
وفي هذا الوقت تترقّب الأوساط السياسية الموقفَ الذي ستُصدره كتلة “الوفاء للمقاومة” إثر اجتماعها الأسبوعي بعد ظهر اليوم.
اعتبرت أوساط في “حزب الله” لصحيفة “اللواء” أن ثلاثة عوامل تتحكم بموقف الحزب في الإطار المحلي، في انتظار بلورة الصورة الإقليمية المتعلقة بموقع الرئاسة الأولى على رقعة شطرنج التسويات المطروحة في المنطقة:
1ـ يعتبر الحزب أنه نجح في حصر انتخابات الرئاسة بمرشحين اثنين من 8 آذار.
2ـ التزام الحزب بدعم النائب ميشال عون المستند إلى حسابات “أخلاقية” وسياسية تتعلق بدعم المقاومة من قبل “التيار الحر” لا ينسحب على دعم حلفائه أو فرض هذا الدعم عليهم كحركة “أمل” و”الحزب القومي” و”البعث”.
3ـ تخشى أوساط الحزب أن يكون هناك “قطبة” مخفية تحت الطاولة مدعومة بغطاء دولي – إقليمي رتّبت “إتفاق معراب”، وفي مثل هذه الحالة، قد يحصر الحزب موقفه بدعم كتلته بانتخاب عون ضمن معركة ديمقراطية، وهذا ما لا يروق “للتيار الوطني الحر”.
لكن مصدراً ديبلوماسياً في بيروت يعتبر أن “كلمة السر” محصورة بالموقف الإيراني وحساباته الإقليمية، في ضوء علاقاته المستجدة والسلبية مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، والتي يمكن أن تتضح مع انعقاد مؤتمر الحوار السوري بنسخته الجديدة قبل نهاية هذا الشهر، فإذا تبنّت إيران ترشيح عون، في إطار تفاهم إقليمي – دولي، فإنه سيُنتخب رئيساً للجمهورية من دون أن يكون هناك مرشّح آخر، إلا إذا أصرّ النائب وليد جنبلاط على استمرار ترشيح النائب هنري حلو تجنباً للوقوع بين “شاقوفين” 8 و14 آذار كما تقول مصادر الحزب الاشتراكي.
وأعلنت أوساط قريبة من “حزب الله” ان النقاط العشر التي أعلنها الدكتور سمير جعجع في معراب لا ضرر فيها ولا تتعارض مع ما يطالب به الحزب. وقالت الاوساط نفسها لصحيفة “النهار” إن الوضع يقتضي مزيداً من الوقت ربما للتفاهم على انسحاب أحد الحليفين لمصلحة الآخر وانجاز الاستحقاق الرئاسي، وليس بالضرورة أن يكون ذلك في الجلسة المقبلة أو الشهر المقبل، وقد تزهر هذه المساعي قبل انتهاء فصل الربيع.
وأكد مسؤول بارز في “حزب الله” لصحيفة “القبس” الكويتية أنّ نواب “كتلة الوفاء للمقاومة” لن يذهبوا من دون النائب سليمان فرنجية الى ساحة النجمة لانتخاب رئيس، مع التشديد على الالتزام بانتخاب النائب ميشال عون رئيساً.
وعلّق سياسي عتيق لـ”القبس”: تريدون أن تعلموا متى يتمّ انتخاب رئيس؟ حين يظهر حسن نصرالله وسمير جعجع في صورة واحدة. من دون أن يرى ذلك مستحيلاً.