IMLebanon

«التأمين»: يتحضر للمولود النفطي اللبناني

insurance

رضا صوايا

كثر ينتظرون المولود النفطي المرتقب. فترة الحمل في لبنان غير طبيعية ويعجز العلم عن تفسيرها في كثير من الاحيان. في الطب قد يكون الحمل كاذباً، لكن المعطيات والخرائط والوثائق تحسم وجود النفط. اذاً المولود موجود في بطن البحر ولا خوف على صحته. في العادة يتأخر بعض الازواج في الإنجاب ريثما يتجهزون نفسياً ومادياً لاستقبال الثمرة المرجوة، أما في لبنان فالعكس صحيح: الثمرة جاهزة والاهل عاجزون. لكن لا يزال في الإمكان إيجاد بعض المتفائلين بأن النفط «مهما تأخر فهو قادم»، ومن بين هؤلاء شركات الضمان في لبنان التي بدأت بإعداد «المغلي»!

«لا تكره شراً لعله خير لك». يتلهى بعض الخبثاء بالدعاء ان يطول ملف النفط، لأنه من الأفضل ان يتبخر في البحر من ان يتبخر في الصفقات المشبوهة وبين الايدي المتربصة به. ولأن التجربة خير دليل، لن يكون من التجني أو التشاؤم اعتبار ان «الذهب الاسود» سيصبغ بالسواد بعض الاتفاقيات المافياوية. لكن بعض القطاعات بدأت تتجهز بالفعل وتعد العدة لتحصل على جزء من كعكة النفط ولكن… بشرف ومهنية.

«جمعية شركات الضمان في لبنان» بدأت الأعداد لإنشاء تجمع من شركات التأمين لإدارته في عمليات مرتقبة حين تنطلق عمليات التنقيب عن النفط. الهدف من التجمع توفير التأمين للصناعة الجديدة المرتقبة والتي ليس بمقدور شركة واحدة تغطيتها منفردة. وعملاً بمبدأ «في الاتحاد قوة»، يكمن المسعى في ان تشارك جميع الشركات المسجلة في لبنان في تأمين هذا القطاع.
يشير رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان ماكس زكار الى ان «ادارة الجمعية هي من سيدير التجمع الذي يعمل على تأسيسه، ويؤكد ان الجمعية هي من اخذت المبادرة وحصلت على مباركة وزارة الطاقة والهيئة الناظمة لقطاع النفط لمباشرة مساعيها». صحيح ان الموضوع لا يزال قيد الدرس والمناقشات والتفاوض، إلا ان الخطوة مهمة وضرورية كونها ستحجز لشركات الضمان اللبنانية دوراً في القطاع النفطي بدل ان تستفيد شركات أجنبية من الموضوع، ما سيؤمن فرص عمل كبيرة ويساعد في تنشيط قطاع الضمان في لبنان وفتح آفاق جديدة له في قطاع لا خبرة تاريخية له فيه.

وفي مؤشر على جدية التحضيرات لمواكبة قطاع النفط، تسعى الجمعية الى تحضير كادر من الموظفين من اصحاب الخبرة في المجال، من خلال اعطاء دروس وندوات حول تأمين قطاع النفط. ففي حزيران الماضي، على سبيل المثال، عقدت ندوة للإضاءة على التأمين النفطي وإعداد الموظفين الحاليين ومن يرغب في العمل في هذا المجال مستقبلاً.

يلفت زكار الى ان «الجمعية، ومن خلال مسعاها، ستساهم في تأمين الكثير من فرص العمل، لا سيما الخبيرة منها، ما سيؤدي الى نمو قطاع التأمين في لبنان وينشر هذه الثقافة، خصوصاً انه في حالة بدء التنقيب وانطلاق العمل فستكون الاعين مسلّطة على هذه الصناعة الجديدة». ويؤكد انه في ما يختص بالاقساط «فإنها ستوزع في لبنان بين شركات الضمان، والاقساط التي ستدفع سيجرى استثمارها في لبنان ما يعزز الدورة الاقتصادية».
ومن المطالب الاساسية لشركات الضمان ان تفرض الدولة اللبنانية على الشركات التي قد ترسو عليها مناقصات التنقيب عن النفط ان تؤمن مع شركات تأمين لبنانية.

القانون والمراسيم؟

لم يتطرق قانون الانشطة البحرية 132 في لبنان بشكل مباشر الى مسألة الضمان، لكن المرسوم 10289 الخاص بالانظمة والقواعد المتعلقة بالانشطة البترولية تطبيقاً للقانون 132 تطرق في المادة 158 الى موضوع الضمان والزاميته، وفقاً لثلاث قواعد هي: قانون البترول، القوانين المرعية الاجراء وحسب ما يفرضه الوزير. المادة 158 عادت وفصلت موضوع الضمان واشارت الى ان تغطية الضمان يجب ان تؤمن للدولة حماية كاملة عن اي مطالبة ناتجة عن الانشطة البترولية، او ناشئة عن حقوق والتزامات ممنوحة وفقاً لأي حق بترولي.
بالنسبة لاختيار الشركة فإن المرسوم لم يفرض على صاحب الحق التعاقد مع شركة تأمين لبنانية او عالمية بل منحه الحق في الاختيار.
وبحسب المحامية كريستينا نصر الله، الخبيرة في قطاع النفط والغاز، فإن «خطوة جمعية شركات الضمان المتمثلة بالسعي لإنشاء تجمع من شركات التأمين مهمة جداً، كون النشاط البترولي محفوف بالمخاطر، وقد يصل حجم الخسائر والاضرار فيه الى ملايين وعشرات الملايين من الدولارات، وبالتالي يفترض أن يتوفر لشركة التامين رأس مال ضخم لا يمكن لشركة تأمين لبنانية منفردة تغطيته، ومن هنا أهمية تكتل الشركات».
وتشير نصرالله الى أن «هنالك مطالبات من شركات الضمان لتعديل الشق المتعلق بها في المرسوم. لكن في حال عدم حصول اي تعديل، فإن المرسوم يمنح الوزير صلاحيات واسعة، وتكتل الشركات يساعده في مطالبة صاحب الحق عن التنقيب باختيار تجمع شركات الضمان اللبناني اذا كانت لدى هذا التجمع الامكانيات المادية والفنية والتقنية التي تضاهي الشركات العالمية وفق معايير يضعها الوزير».
الاستعدادات جارية على قدم وساق من النواحي التثقيفية واللوجستية والقانونية والبنيوية لاستقبال المولود النفطي، وتبقى الانطلاقة الحقيقية عند بدء عمليات التنقيب وفي مدى التزام الدولة بتشجيع هذه المبادرات وفرض شروطها على الشركات الاجنبية بما يخدم المواطن اللبناني والاقتصاد الوطني. وما على الدولة إلا ان تتذكر ان الاجنبي في هذه الحال ليس سائحاً و«بيمون» وتفترض مراعاته، كي لا تصبح نعمة النفط، نقمة على اللبنانيين وجنة للأجانب.