أظهر تقرير الأمم المتحدة بشأن الحالة والتوقعات الاقتصادية لعام 2016، بشأن لبنان والأردن، أنه من المتوقع أن تشهد الآفاق الاقتصادية تحسناً خلال الفترة قيد الدرس، إلا أنها ستظل مرتبطة بالنزاع في الجمهورية العربية السورية. ويستفيد كلا البلدين من التحويلات المالية المرسلة من المواطنين المهاجرين العاملين في القطاعات غير النفطية في بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
وذكر التقرير الذي صدر أمس، أن النزاعات العسكرية وانخفاض أسعار النفط، إضافة إلى تعثر الاقتصاد العالمي في عام 2015، تسببت في تراجع النمو الاقتصادي في غرب آسيا.
وأظهر التقرير أن متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي في غرب آسيا في عام 2015 تراجع إلى 2 في المئة ويتوقع أن يشهد عام 2016 تسارعاً متواضعاً بنسبة 2.4 في المئة، ولكن ينتظر أن يظل النشاط الاقتصادي في المنطقة ضعيفاً جداً مقارنة مع متوسط النمو خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. وفي عام 2017، يتوقع أن تستفيد الاقتصادات المصدرة للنفط من انتعاش معتدل في أسعار النفط يؤدي إلى نسبة نمو في حدود 3 في المئة للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي.
لقد خفت ضغوط التضخم في معظم البلدان في ظل الانخفاض العالمي لأسعار السلع الأساسية. وفي حين تم احتواء التضخم في العراق رغم الصراع المسلح، تواصل التضخم المفرط في الجمهورية العربية السورية في عام 2015 كنتيجة مباشرة للقيود الحالية على الصرف الأجنبي. كما شهد اليمن، في ظل اشتداد النزاع المسلح، ضغوطاً تضخمية عالية وتضخماً قدر بنسبة 22 في المئة في عام 2015.
البطالة في غرب آسيا لا تزال مرتفعة
ينتظر أن تواصل منطقة غرب آسيا تسجيل أحد أعلى معدلات البطالة بين الدول النامية. ولا ينتظر أن تتحسن هذه المعدلات في ظل البطالة الهيكلية الشديدة الارتفاع، خاصة بين الشباب، وأيضاً في ظل العديد من النزاعات المسلحة التي تتطلب حلولاً ذات مدى أطول.
وفي الأردن ولبنان، من المتوقع أن تشهد الآفاق الاقتصادية تحسناً خلال الفترة قيد الدرس، إلا أنها ستظل مرتبطة بالنزاع في الجمهورية العربية السورية. ويستفيد كلا البلدين من التحويلات المالية المرسلة من المواطنين المهاجرين العاملين في القطاعات غير النفطية في بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
صناديق الثروة السيادية
في قطر والسعودية
نظراً لانخفاض أسعار النفط، ستعتمد آفاق النمو في البلدان المصدرة للنفط بشكل أكبر على الأنشطة الاقتصادية غير النفطية. وفي قطر والمملكة العربية السعودية، حيث الاحتياطيات المالية كبيرة بما فيه الكفاية، واصل الإنفاق المالي على مشاريع البنية التحتية دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، وسيستمرّ على نفس النسق، وإن بشكل أقل، في عام 2016. فالمملكة العربية السعودية لديها مخزون احتياط كافٍ لتغطية ما يقرب من 5.3 سنوات من العجز المالي المتوقع لعام 2015. في المقابل ينتظر أن يشهد العام القادم ضبط أوضاع المالية العامة في العديد من البلدان الأخرى في المنطقة.
ولقد تراجعت العائدات المالية في البلدان المصدرة للنفط مع انخفاض أسعار النفط، ما يحد من مجال التدابير المالية لمواجهة التقلبات الدورية إزاء تباطؤ الطلب العالمي، كما أدى إلى عملية تعديل مالي، وخفض الإنفاق وإصلاحات في سياسات الدعم. فقد قامت كل من البحرين وعمان بخفض دعم بعض المواد الغذائية. وهناك أيضاً مجال لخفض دعم الوقود في العديد من البلدان. فمتوسط معدلات دعم الوقود الأحفوري في البلدان المصدرة للنفط في المنطقة من بين أعلى المعدلات في العالم، إذ تتراوح بين 53.3 في المئة في العراق و78.5 في المئة في قطر. ورغم ذلك يمكن أن تمثل معالجة الدعم تحدياً سياسياً. ففي عام 2014 قام اليمن بإصلاحات لخفض دعم الوقود لكنه تراجع عنها بعد أشهر بسبب ازدياد الاضطرابات الاجتماعية.
وتظل توقعات العائدات عموماً ضعيفة سواء بالنسبة للبلدان المصدرة للنفط أو ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً. وبالنسبة لبعض البلدان مثل الأردن واليمن، صارت المساعدات الخارجية المباشرة وغير المباشرة أساسية للحفاظ على مستويات الإنفاق.
النزاعات في الشرق الأوسط
تظل الاضطرابات الجغرافية السياسية والنزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية عبئاً ثقيلاً على اقتصادات العراق والجمهورية العربية السورية واليمن. وتجتاح العراق والجمهورية العربية السورية على وجه الخصوص صراعات أدت إلى دمار كبير في بناها الاقتصادية. وتبرز آثارها على المالية العامة من خلال تزايد الإنفاق، وعلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة والسياحة في المنطقة. وقد تسببت الكلفة الكبيرة للنزاعات في فرار أعداد كبيرة من اللاجئين إلى أوروبا.
وتشمل المخاطر السلبية الرئيسية في غرب آسيا امتداد النزاعات إلى خارج العراق والجمهورية العربية السورية واليمن، وانخفاضاً للطلب الخارجي على النفط، والذي ربما نتج عن كساد اقتصادي أكثر وضوحاً في الصين، إضافة لنزوح أكبر لرؤوس الأموال وارتفاع أسعار الفائدة المرتبطة بتشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة.
ويوقع التقرير بدء تحسن متواضع في السنة المقبلة، بحيث يبلغ النمو العالمي ما نسبته 2،9 في المائة و 3،2 في المائة في عامي 2016 و2017 على التوالي. ومن المتوقع ان يؤدي توقيت وخطى تطبيع الولايات المتحدة لاتجاه سياستها النقدية كالمتوقع، الى الحد من بعض الشكوك المتصلة بالسياسات، مع الحيلولة دون التقلبات المفرطة في معدلات الصرف واسعار الاصول. وبينما سيؤدي التطبيع في نهاية المطاف الى زيادة تكاليف الافتراض، فمن شأن ارتفاع اسعار الفائدة ان يشجع الشركات على زيادة الاستثمارات في المدى القصير. ويعتمد تحسن النمو العالمي ايضا على تخفيف الضغوط النزولية على اسعار السلع الاساسية، مما سوف يشجع الاستثمارات الجديدة ويزيد النمو، ولا سيما في الاقتصادات المعتمدة على السلع الاساسية.
كما ويتوقع ان تواصل الاقتصادات المتقدمة النمو اكتساب زخم في عام 2016، متجاوزة نسبة 2 في المئة لأول مرة منذ عام 2010. وقد تباطأ النمو في بلدان الاقتصادات النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية في عام 2015 فمر بأضعف خطواته منذ الازمة المالية العالمية وسط انخفاض حاد لأسعار السلع الاساسية، وتدفقات كبيرة لرؤوس الاموال الى الخارج، وزيادة تقلبات السوق المالية. ومن المتوقع ان يصل النمو الى ما نسبته 4،3 في المئة في عام 2016، و 4،8 في المئة في عام 2017، بزيادة عن النمو المقدر بنسبة 3،8 في المائة في عام 2015، وبالرغم من حدوث تباطؤ في الصين، سيظل شرق وجنوب آسيا اسرع منطقتين نموا في العالم، مع استفادة كثير من اقتصادات المنطقة المستوردة للسلع الاساسية، من انخفاض اسعار النفط، والمعادن والأغذية، ومن المتوقع اني عاود الناتج المحلي الاجمالي النهوض في اقل البلدان نمواً من نسبة 4،5 في المئة في عام 2015 الى ما نسبته 5،6 في المئة في عام 2016، بيد انه لن يبلغ غاية هدف التنمية المستدامة اي ما نسبته 7 في المئة على الاقل لنمو الناتج المحلي الاجمالي في السنة في الأجل القريب. ولئن كانت البلدان النامية هي قاطرة النمو العالمي منذ الازمة المالية، يتوقع ان تسهم البلدان ذات الاقتصادات المتقدمة النمو، لا سيما الولايات المتحدة الاميركية، بالمزيد في النمو العالمي خلال الفترة المرتقبة.