Site icon IMLebanon

ما لا تعرفه عن أكبر إقتصادات العالم

ChinaEcon
عد سنوات من النموّ السريع يبدو أنّ اقتصاد الصين، أحد أكبر اقتصادات العالم، بدأ يتراجع. وما يخشاه الاستراتيجيون والمستثمرون هو أن ينسحب هذا الوضع على الاقتصادات العالمية لا سيما أنها استفادت في نموّها والى حدٍّ بعيد من هذه الطفرة في النموّ الصيني.قد تختلف الآراء في هذا الموضوع لكن يجب القول إنّ تباطؤ الصين يؤثر في العالم أجمع خصوصاً في أميركا، وفي مطلق الاحوال لا يساعد في أيّ نموّ إن كان في أميركا أو في العالم الآخر. وبدا المشهد واضحاً للعيان عندما بدأت البورصة الصينية بالتهاوي في أواخر حزيران وأوائل تموز ولم تستقرّ إلّا بعد تدخّل جَذري للحكومة الصينية.

وإذا ما كان العالم يعاني من تراجع ولو بطيء، يبقى القول إنّ تباطؤ الصين يؤثر سلبا في الولايات المتحدة الأميركية، وبالمطلق هناك على الأقل مجموعة أسباب تجعل الولايات المتحدة تتطلّع الى الصين بعين القلق للأسباب التالية:

1 – تباطؤ التجارة: والتجارة الخارجية تُعتبر أكبر همزة وصل بين الولايات المتحدة والصين ومن المتوقع خلال السنتين المقبلتين أن تتخطّى قيمة التجارة الأميركية الكندية والتي تُعتبر الأكبر عالمياً. لذلك أيّ تباطؤ في النموّ الصيني يؤثر سلباً على استيرادها للبضائع لا سيما الأميركية منها. إنما مقدار هذاالتأثير يبقى نسبياً لا سيما أنّ الولايات المتحدة، وبفضل ديناميكية اقتصادها، لا تتأثر كثيراً بالتجارة الخارجية- للعلم التصدير لا يشكل أكثر من ١٣ بالمئة من الناتج المحلي الأميركي بينما يشكل الانفاق الاستهلاكي أكثر من الثلثين.

2 – الأعمال الأميركية: سرعة تباطؤ النموّ في الصين سوف تضرّ وبشكل قوي الشركات متعدّدة الجنسيات وفي الأسبوع الفائت فقط خفّضت UTX توقعاتها عازية ذلك لوضعية الصين قائلة إنّ الطلبات على مصاعد OTIS انخفضت بنسبة ١٠٪‏ في الربع الأخير من العام ٢٠١٥ – هذا بالمطلق لا يعني أنّ هذه الوضعية تنسحب على كلِّ الشركات خصوصاً الأميركية إذ إنّ APPLE وNIKE يقدّمان أداءً رائعاً في الصين- لذلك تبقى الأمور متفاوتة والإتجاهات يحكمها تحرّك الفديرالي الاميركي واذا ما كان قلقا في شأن أداء الصين.

3 – أزمة مالية محتمَلة للصين وهذا غير مستبعد مع انفجار أزمة الديون وثمّة مخاوف من القروض السامة والتي يمكن أن تنتشر في أنحاء العالم كما حدث في أميركا في العام ٢٠٠٨ نتيجة سوق العقارات. وما يخفّف هذا القلق هو أنّ الصين تملك حوالى 4 تريليون دولار من الاحتياط، كذلك فإنّ غالبية المصارف فيها مملوكة من الدولة ما يعني إمكانية إبقاء تردّدات هذه الأزمة ضمن الحدود الصينية.

كلّ هذه الامور تظهر أهمية الاقتصاد الصيني ومدى تاثير التطوّرات في الاقتصاد الصيني سلباً وإيجاباً في أكبر اقتصاد في العالم وفي الاقتصاد العالمي ككلّ.

لكنّ هنالك طرقاً أخرى يمكن أن تؤثر التطوّرات في الصين من خلالها في الاقتصاد الاميركي لا سيما بيع سندات الخزينة، إذ إنّ الحكومة الصينية قد تريد بيع جزء من هذه السندات واستخدام عائداتها في تحفيز الاقتصاد ما يعني تهديداً للاقتصاد الأميركي.

4 – ضعف العملة اليوان يؤثر في الصادرات الأميركية الى الصين. ولكن بتخفيف عملتها تسعى الصين الى زيادة صادراتها واستعادة قدرتها التنافسية، ويتفّق الاقتصاديون على القول إنّ هذه الخطوة تؤثر سلباً في صادرات أميركا الى الصين إنما تدعم النموّ الصيني الذي تباطأ كثيراً في العام ٢٠١٥. كذلك تخفيض قيمة العملة الصينية تزيد من الضغوط على الدولار.

5- شفافية الأسواق لا سيما أنّ المستثمرين يحتاجون لبيانات جيّدة تساعدهم في اتخاذ القرارات إنما صعود الصين والهند على هذا النحو ساهم والى حدٍّ بعيد في إضعاف نوعية هذه البيانات. النمو الحالي للصين ٧،١ بالمئة والهند ٧،٤ بالمئة، وقد يعتبر، حسب العديد من المحلّلين، مبالَغاً فيه سواء عمداً أو سهواً إنما يزيد من التشويش والتشويه في البيانات ويزيد من صعوبة التنبّؤات الميكرو والماكرو اقتصادية.

الى هذا لا يعني تباطؤ الاقتصاد الصيني فقط آثاراً سلبية على الاقتصاد الأميركي بشكل خاص والعالمي بشكل عام وتراجع اسعار النفط بهذا الشكل يمكن إيعازه الى تشاؤم النظرة الى الاقتصاد الصيني المتراجع وتُعتبر الولايات المتحدة الاميركية من أكبر الرابحين في هذه المعادلة وسجلت ما نسبته ٧،٢ مليون برميل في نيسان ٢٠١٥- وانخفاض اسعار النفط يعني وبالمطلق تاثير ايجابي في الميزان التجاري.

وفي النهاية الصين- الدولة العملاقة- لها تاثير كبير في اقتصادات العالم وانخفاض الطلب المحلي في الصين سوف يؤثر سلباً ويساهم الى حدٍّ بعيد في تباطؤ النموّ وأميركا إحدى أهم هذه الدول، إنما يبقى القول إنّ أسعار النفط بتراجعها تساهم والى حدٍّ بعيد في قلب المعادلة والتخفيف من أثر تراجع النمو في الصين على الاقتصاد الاميركي. أما الحذر فيبقى لا سيما أنّ النظام المالي العالمي ما زال هشاً وأميركا لا تزال في أولى فترات انتعاشها بعد عقد تقريباً من الركود ما يعني أنّ الأمور جميعها جملة وتفصيلاً لها آثارها الاقتصادي الفاعل في الأقتصاد العالمي بشكل كامل.