Site icon IMLebanon

المصارف الجزائرية تلجأ الى البنك المركزي لإنقاذها من الإفلاس

AlgeriaCentralBank1

صابر بليدي

كشف مصدر مصرفي في الجزائر أن بعض الوكالات التجارية، تشهد بوادر إفلاس بسبب تراجع السيولة، وركود النشاط التجاري والمعاملات الاقتصادية العادية، مما أثر على أداء البعض منها.
يأتي ذلك في حين لجأت الجزائر إلى الصين لتمويل عدة مشاريع تخص البنية التحتية بعد التراجع الحاد في عوائد صادرات الطاقة، وفي ظل الشلل الاقتصادي بسبب ارتباك السياسات الحكومية.

وذكر المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، في تصريح لـ”العرب”، أن حالة من القلق والركود المالي تخيم على المشهد العام بسبب ضبابية المستقبل المالي للبلاد، والتداعيات غير المعلنة للأزمة الاقتصادية.

وقال إن “النشاط المالي والتجاري تراجع إلى مستويات قياسية، رغم عدم الدخول في التدابير التقشفية التي أعلنتها الحكومة في قانون الموازنة العامة للعام الجاري، بغية مواجهة تداعيات تهاوي أسعار النفط”.

كما أكد أن السيولة المتوفرة لدى الوكالات التجارية لم تعد كافية لتلبية طلبات الزبائن، بسبب تقلص مداخيل معاملات الحسابات الكبرى.

واضطر مندوب إحدى شركات الخدمات الخاصة، إلى قضاء 3 ساعات بأحد البنوك في العاصمة، من أجل سحب مبلغ نقدي يقدر بثمانية آلاف دولار، بسبب ندرة السيولة المالية في صندوق البنك، رغم أنه أبلغ طلبه لموظفي البنك قبل يوم من السحب، كما هو جار به العمل.

ولفت المصدر إلى أنه لم تتم الاستجابة إلى عملية الامتثال الضريبي الطوعي التي أطلقتها الحكومة منذ شهرين، لاستقطاب رؤوس الأموال الناشطة خارج القنوات الرسمية والتي تقدر بحوالي 37 مليار دولار.

ولم تعد العملة الجزائرية (الدينار) مصدر ثقة أو ملاذا آمنا للمودعين والموفرين، حيث باتت فئات اجتماعية تسحب أموالها من أجل تحويلها إلى اليورو أو دولار، بسبب الأفق المبهم للوضع الاقتصادي والمالي للبلاد.

وأرجع خبراء اقتصاد، الوضعية غير المسبوقة للبنوك التجارية إلى عدة اختلالات تؤشر إلى التداعيات الأولية لتقلص مداخيل البلاد من العملة الأجنبية إلى قرابة النصف خلال العام المنقضي، وإلى تراجع مداخيل عوائد الصادرات النفطية التي كانت تغطي قرابة 70 بالمائة من النشاط الداخلي.

وكانت حسابات الشركات الضخمة سابقا مصدر سيولة للوكالات، ومع تقلص مداخيلها تراجع منسوب السيولة في صناديقها، مما أدى إلى هذا الارتباك، خاصة بالنسبة إلى الوكالات البنكية محدودة النشاط، ومع تفاقم حركة السحب إلى وجهات مختلفة.

وتتحدث عدة مصادر متابعة لحركة التجارة والأسواق المختلفة في الجزائر عن ركود غير مسبوق للنشاط التجاري، بسبب ارتفاع الأسعار، مقابل إحجام المستهلكين عن التبضع، ويتم الاكتفاء بضرورات الحياة اليومية من غذاء وشرب ونفقات محدودة.

وينتظر أن يتدخل البنك المركزي الجزائري، في غضون فبراير القادم، بضخ كميات من السيولة للبنوك التجارية، وهي العملية الأولى من نوعها منذ 13 عاما، حيث كانت الوكالات التجارية تكتفي بمداخيل صناديقها للإيفاء بمعاملاتها اليومية للزبائن.

وكان المدير العام للمركزي الجزائري قد أعلن خلال عرض للوضعية المالية للبلاد منذ أسبوعين، عن تدخل البنك لضخ كميات من السيولة في البنوك التجارية، لضمان النشاط العادي للبنوك التجارية.

وأمام مؤشرات الإفلاس التي تلوح في الأفق، فإن تساؤلات المختصين ذهبت إلى مدى قدرة البنك المركزي على الإيفاء بطلبات البنوك التجارية، وإلى إمكانية لجوء الحكومة إلى إجراءات أكثر قسوة للتحكم في حركة السيولة بين الاستهلاك والبنوك، خاصة في ظل الفشل في استقطاب رؤوس الأموال الناشطة في الأسواق الموازية، ونزيف العملة نحو وجهات غير اقتصادية.

وأفادت تقارير بأن إمكانية لجوء الحكومة إلى وقف تصدير النفط، بسبب تهاوي أسعاره إلى ما دون الـ30 دولارا للبرميل، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج التي بلغت حدود 20 دولارا للبرميل، أصبح أمرا أكثر ترجيحا.

ويرى المختصون أن تلك الخطوة ستقلص هامش الربح إلى نحو 10 دولارات في البرميل، مع توقع توجهه إلى سقف 20 دولارا، ما سيفاقم الوضع الاقتصادي للبلاد أكثر، بالنظر للتآكل المستمر لاحتياطات الصرف، وغياب أي مؤشر لانتعاش السوق النفطي.

وحسب تقديرات البنك الدولي، فإن الجزائر محتاجة إلى سعر برميل بقيمة 120 دولارا للحفاظ على توازناتها المالية ومستوى إنفاقها الحالي، والحكومة تبدو في ورطة حقيقية وعاجزة عن تفادي تداعيات ما يحصل في سوق النفط العالمية.

وأقر الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، مطلع يناير الجاري، بعمق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بلاده بسبب الانخفاض المهول في أسعار النفط.

يذكر أن الجزائر أنهت العام الماضي على إيقاع عجز تجاري مقلق بلغ 12 مليار دولار، جراء انهيار أسعار النفط بحوالي 50 بالمائة من الموارد المستخلصة من النفط.