Site icon IMLebanon

توتال: «تفاهم الكبار» المخرج الوحيد لمأزق أسعار النفط

total
واصلت أسعار النفط الخام أداءها الهزيل في الأسواق العالمية، وسجلت تراجعات جديدة لليوم الخامس على التوالي متأثرة ببيانات عن ارتفاع المخزونات النفطية واستمرار حالة تخمة المعروض في مقابل ضعف الطلب.

وشهدت السوق وصول شحنات جديدة من النفط الأمريكي إلى السوق الأوروبية فيما تكثف إيران جهودها لرفع الصادرات بنحو نصف مليون برميل يوميا وفي المقابل تسعى الصين إلى الإسراع في برنامج التحفيز الاقتصادي الذي تتعلق به الآمال في تحسين منظومة الطلب العالمي على النفط الخام.

واستبعد المختصون فكرة إقدام “أوبك” على عقد اجتماع وزاري طارئ بمقترح من عدد من الدول الأعضاء فيما يعكس قناعة المنظمة باستمرار سياسية الإنتاج الحالية، وعزز هذا التوجه تصريحات عادل عبد المهدي وزير النفط العراقي الذي استبعد فيها عقد هذا الاجتماع في ظل عدم التوصل إلى تفاهمات مسبقة مع المنتجين المستقلين على خطوة جماعية لخفض الإنتاج.

وقال لـ “الاقتصادية”، جوي بروجي كبير مستشاري شركة “توتال” العالمية للطاقة، “إن استقرار سوق النفط العالمية مرهون بإرادة أكبر قوى متحكمة فيها وهما في تقديره السعودية والولايات المتحدة، اللذان يمكنهما بمزيد من التنسيق والتفاهم إعادة الحيوية والزخم إلى السوق”، بحسب تعبيره، مشيرا إلى أن سوق الغاز الطبيعي في العالم تتحكم فيها أيضا روسيا وقطر بشكل رئيسي، مشددا على أن التفاهم والتعاون بين كبار المنتجين خطوة مهمة لتجاوز الأزمات الراهنة.

وأشار بروجي إلى أن عودة النفط الإيراني جاءت في ظروف صعبة للسوق التي تعاني تخمة حادة في المعروض، ومن الصعب أن تستعيد حصصها السوقية السابقة قبل رفع العقوبات الاقتصادية في ضوء تردي الأسعار وانكماش الاستثمارات.

وأضاف بروجي أن “عملية نمو الطلب التي يراهن عليها أغلب المنتجين عملية صعبة ومعقدة بسبب الصعوبات الواسعة التي تواجه التنمية في الدول الفقيرة والنامية خاصة في وسط آسيا”، مشيرا إلى أن النمو الاقتصادي العالمي يحمل بعض التوقعات السلبية بحسب تقديرات المؤسسات المالية الدولية.

ويرى بروجي أن الاقتصاد الصيني الذي تتعلق به آمال واسعة في النمو يكافح من أجل التغلب على عقبات النمو خاصة في ظل حالة انكماش صناعي وتجاري حاد وأزمات متتالية تواجه أسواق المال في الصين ونفس الصعوبات تنسحب على اليابان والهند.

وأعرب عن اعتقاده بأن “أوبك” لن تلجأ إلى خفض الإنتاج إلا بعد تحقيق هدفها في انسحاب واسع لأصحاب الإنتاج عالي التكلفة من السوق، خاصة النفط الصخري الأمريكي الذي بدأ بالفعل تقلصات حادة في الإنتاج ستكتمل ملامحها خلال العام الجاري.

من جانبه، أوضح لـ “الاقتصادية”، رادولف هوبر المختص في شؤون الطاقة، أن مستوى أسعار النفط المنخفضة سيستمر على المدى المتوسط، مؤكدا صعوبة تجاوز حالة تخمة المعروض في المرحلة الراهنة في ظل تسابق المنتجين على زيادة الإنتاج وتمسك كل طرف بعدم قبول فكرة الخفض لتفادي خسارة وجوده في الأسواق.

وقال هوبر “إن الأسعار ستواصل التراجع في الشهور المقبلة مدفوعة بضخ صادرات مرتفعة من إيران والولايات المتحدة”، مشيرا إلى أهمية العمل على تحفيز الاقتصاديات في دول الاستهلاك والإسراع في برامج التنمية كأحد العوامل الرئيسية لاستعادة التوازن في السوق.

ويعتقد هوبر أن أخطر ما تتعرض له سوق الطاقة في المرحلة الراهنة ليس هو تراجع الأسعار، إنما استخدام الطاقة كسلاح في الصراعات السياسية، واصفا هذا الأمر بأنه كارثي على المستويين السياسي والاقتصادي.

ودعا هوبر الحكومات وصناع القرار إلى إبعاد الطاقة عن دائرة التوترات والصراعات السياسية، مشيرا إلى أن هذا الأمر وحده كفيل بمساعدة السوق على استعادة كثير من استقراره وتوازنه.

وأشار لـ “الاقتصادية”، دينيس هسلينج مدير الوكالة الدولية للتعاون في نظم الطاقة إلى أن ملامح السوق تتغير باستمرار، والمستهلكون يحددون كثيرا من العوامل الرئيسية في السوق سواء الأسعار أو الإنتاج، مشيرا إلى أهمية تعزيز برامج الحوار التي تربط المنتجين والمستهلكين.

وشدد هسلينج على أهمية أن يعمل كل الأطراف على تسارع الخطوات نحو أسواق طاقة متكاملة وتشمل تطوير البنى التحتية وتطوير القدرات الإنتاجية من خلال التركيز على التكنولوجيا والتقنيات المتطورة وتعزيز الابتكار.

وأكد هسلينج على ضرورة دراسة المتغيرات في الأسواق، مشيرا إلى أن السوق الأوروبية تتجه الآن بقوة نحو الطاقة البديلة خاصة الطاقة النووية التي يمكن أن تحقق إنجازات هائلة في توليد الكهرباء، موضحا أن الطاقة التقليدية ستظل تلعب دورا مهما في مزيج الطاقة الدولي بشرط سرعة الاهتمام بخفض الانبعاثات الضارة والتوسع في الاعتماد على الغاز الطبيعي خاصة مشاريع الغاز المسال.