Site icon IMLebanon

22 مليار دولار إستحقاقات الدولة حتى العام 2020!

StatePublicDebt-JA

جاسم عجاقة

يواصل الدين العام اللبناني صعوده نتيجة تراجع النمو الاقتصادي ونتيجة العجز المُزمن. وبلغ الدين العام 4 مليار دولار أميركي، في آخر العام 2015، مُحققاً بذلك مستوى تاريخياً. لكن الكارثة تأتي من إستحقاقات الدين العام التي ستصل إلى أكثر من 22 مليار دولار حتى العام 2020.

منذ العام 2004 والعجز في ميزانية الدولة يرتفع بشكل مُقلق حيث زاد العجز من 2 مليار دولار في العام 2004 إلى 3.5 مليار دولار في العام 2015. هذا العجز يأتي بالدرجة الأولى نتيجة الإنفاق المُفرط للدولة اللبنانية (هدر وفساد) كما وتراجع النمو في الأعوام الخمسة الماضية. وبذلك أصبح العجز يتحول إلى دين عام بشكل تلقائي، وذلك منذ بدء الأزمة السورية، وأصبح الدين العام يزيد بقيمة العجز المُسجل في الموازنة.
هذا الواقع يحتاج إلى تحليل أكثر من ناحية أن حجم الدين العام بحد ذاته أصبح يُشكل خطرا على مالية الدولة، إن من ناحية تفاعله الثنائي مع العجز (في الإتجاهين) أو من ناحية الإزدياد السريع. فالدين العام يفرض بحد ذاته خدمة دين عام أصبحت تُشكل عبئاً كبيراً على الموازنة، ذلك أن إيرادات الدولة تذهب إلى الأجور وخدمة الدين العام وكل ما يتمّ صرفه من إنفاق إضافي يتحول إلى دين عام. وبحساب بسيط لمجموع سندات الخزينة (outstanding)، نرى أن قيمة ما ستدفعه الدولة اللبنانية يبلغ 4.11 مليار دولار في العام 2016، و يبلغ 4.76 مليار في العام 2017، و3.95 في العام 2018، و4.02 في العام 2019، و4.42 مليار في العام 2020، أي ما مجموعه 21.26 مليار دولار، وهذا الرقم المُخيف لا يُمكن تمويله إلا بالإستيدان وذلك بحكم غياب النمو.

العجز وإنخفاض أسعار النفط

من المفترض أن ينخفض عجز الموازنة مع إنخفاض أسعار النفط، وذلك بحكم أن خزينة الدولة مُعرّضة لشركة كهرباء لبنان التي تستورد النفط. هذا الأمر تحقق بالفعل، إلا أن التوفير الذي كان من المفترض أن يتمثل بخفض الإنفاق لم يتحقق، بل على العكس نرى أن التوفير تمّ إمتصاصه بزيادة الإنفاق في البنود الأخرى في الموازنة. وهذا بالرغم من سياسة وزير المال التشددية في الإنفاق، ما يعني أن إدارة الحكومة للمالية العامة خاطئة بغياب موازنة. ويبقى التساؤل كيف أن توفيراً بقيمة ملياري دولار ناتجاً عن إنخفاض أسعار النفط، لا يظهر في خفض الإنفاق؟ وهل يعقل أن نزيد الإنفاق في وقت تتراجع فيه الواردات من 10.9 في العام 2013 إلى 9.6 مليار دولار في العام 2015؟ هذه عملية تدمير مُمنهجة لمالية الدولة وهي أخطر من الحرب الأهلية التي خرج فيها لبنان بـ3 مليارات دولارات كدين عام.

الدين العام صعود إسّي

لا يجب أن نتذرع بالثروة النفطية للسماح للدين العام بالإرتفاع بالشكل الذي يرتفع به. فبحساب بسيط آخذين في الإعتبار “أفضل سيناريو”، نرى أن حجم الدين العام سيرتفع إلى 91 مليار دولار في العام 2020، أي ما يوازي ربع الثروة النفطية في لبنان. هذه الأخيرة ملك الأجيال المُستقبلية وليس من المقبول أن يتمّ توريث هذه الأجيال إقتصاداً مزرياً حتى ولو تمّ تسديد الدين العام من مداخيل الثروة النفطية. هذا الدين العام وقبل إستخراج النفط والغاز من البحر، سيتخطى الــ 120 مليار دولار، أي بمرتين ونصف حجم الاقتصاد اللبناني (250% من الناتج المحلّي الإجمالي). وتنص النظرية الاقتصادية على أن التوازن المالي للدولة يُقاس بالميزان الأولي الذي يجب أن يكون أكبر من خدمة الدين العام تحت طائلة بدء مرحلة الصعود الإسّي للدين العام (ليس بشكل مستقيم، بل بشكل منحنى يصبح أكثر حدة أو أقل عمقاً. Exponential). وبالنظر إلى الميزان الأولي في لبنان، نرى أنه في أفضل الأحوال سيُسجّل 890 مليون دولار في العام 2015 (الأرقام الرسمية لم تظهر بعد) مقارنة بـ 4 مليار دولار خدمة دين عام وسدّ قسم من هذا الدين. ما يعني أن الفارق سيتحول تلقائياً إلى دين عام وبالتالي سترتفع خدمة الدين العام. وبحسب توقعاتنا، سيتم إصدار سندات خزينة هذا العام يقيمة تفوق الـ 4.5 مليار دولار أميركي لمواجهة إستحقاقات العام 2016.
وإذا كان لبنان قد أصدر حديثاً سندات خزينة تمتد إلى حدود العام 2035 ما يعفيه من خطر الإفلاس الحتمي، إلا أن الإستمرار على هذا النهج سيرفع من الفائدة على سندات الخزينة بشكل هائل قد يتخطى نصف مدخول الموازنة في الأعوام القادمة. فعلى سبيل المثال، أصدرت وزارة المال سندات بقيمة 1.4 مليار دولار تستحق في العام 2030 مع فائدة 6.65%، ما يعني أن الدولة ستدفع سنوياً ما يوازي 93 مليون دولار على هذا السند وذلك خلال 15 عاماً (1.5 مليار دولار).

لا يُمكن الإستمرار على هذا النهج

إن الإستمرار على هذا النهج هو كارثة للبنان، ويجب اليوم قبل الغد إقرار مشروع موازنة العام 2016 كي لا يستمر الإنفاق على أساس القاعدة الأثني عشرية والتي تُحمل المسؤولية الأولى في العجز الذي تُسجله الموازنة مع بدعة “فتح إعتماد”. كما يجب وضع خطة إقتصادية تسمح بإستعادة النمو الذي هاجر من لبنان مع هجرة شبابه.