شهدنا في السنوات القليلة الماضية تطوراً هائلاً في التقنيات التكنولوجية. وفي هذه الأيام يحجز الناس تذاكر طائراتهم، ويستدعون سيارات الأجرة، ويدفعون الفواتير، ويديرون بعض الأجهزة في منازلهم من هواتفهم المحمولة.
كذلك في الأعمال، فالابتكارات التكنولوجية صارت أساسية في شتى القطاعات، والناس يترقبون طرحها في الأسواق أكثر مما مضى. ومن ناحية الشركات، فالفوائد التي تجنيها من تبني تكنولوجيا أماكن ومساحات العمل المتنقلة مهمة لتوسعها ونمو مشروعاتها. بينما تعي الآن مدى حاجتها إلى ابتكار طرق جديدة وهادفة للتواصل مع الزبائن والمحافظة على استمرارية عملها.
أما التوجهات الأساسية التي يتعين على المنظمات النظر إليها باهتمام، في وقت تستقبل فيه الأجيال المقبلة من القوى العاملة، فهي:
1. القدرة على أداء الأعمال من أي مكان، وفي أي وقت باستخدام أي جهاز: لم يعد العمل مكاناً تذهب إليه، بل أمر تؤديه. ووفقاً لبحث أجرته مدرسة كينان-فلاغلر لإدارة الأعمال، فإن واحداً من أصل 3 موظفين يفضلون المرونة في استخدام الأجهزة الإلكترونية، والحرية في الولوج إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وإمكانية ممارسة الأعمال عن بعد، من خلال الأجهزة المناسبة التي توفر المرونة المطلوبة من دون المساس بالإنتاجية.
2. إدارة محتوى الفيديو: تستخدم الشركات منذ زمن تسجيلات الفيديو لأغراض التدريب والتسويق، وتعتمد عليها في أنظمة اتصالاتها بصورة متزايدة. ومع نمو حجم ملفات الفيديو، ستزداد الحاجة إلى البحث عن محتوى معين، وتحسين تدفق البث من خلال الأدوات والوسائل التي تتيح الدخول، وتحليل الاستخدام. فيما يوفر نظام إدارة محتوى الفيديو هذه الإمكانات كما يفعل نظام إدارة الوثائق المعروف.
3. الآلات الذكية والأتمتة: الآلات الذكية تتفاعل مع المستخدم وفقاً لطبيعة لغته. وخلافاً للأنظمة التي تعمل بقائمة صوت مفعلة، تعالج الآلات الإدراكية ما يقال، وتتعلم وتتأقلم مع المواقف والظروف المختلفة. وستؤثر هذه التكنولوجيا على أماكن العمل من نواحٍ عدة، إذ يمكنها زيادة الطاقة الإنتاجية بسرعة، أو الرد على مكالمات خدمة العملاء من المستوى الأول بعد ساعات العمل الرسمية، أو سد النقص في الوظائف التي غالباً ما يستعان بمصادر خارجية لشغلها.
4. تمكين المستخدمين من استعمال الحواسيب الهاتفية عند التنقل: لم يعد استخدام الحاسوب مقتصراً على الحواسيب المكتبية أو المحمولة. ويمكن اليوم الاستفادة من التكنولوجيا التي توفرها هذه الأجهزة عن طريق الهواتف المحمولة، مما يعني أن المؤسسات يمكنها الاستفادة من هذه التقنية لخدمة المستخدمين المحليين من أماكن بعيدة بسلاسة وباستمرار. فقد ظهر من إحدى البحوث أن 70% من الشركات ترى في زيادة قدرة موظفيها على استخدام الهواتف المحمولة لأداء الأعمال أمراً يحتل الأولوية لديها.
5. الحوسبة السحابية للهواتف النقالة: بهدف إتاحة الولوج المباشر إلى موارد الشركة من أي مكان وباستخدام أي جهاز، لابد من إزالة التعقيدات ومخزن البيانات والحوسبة من جهاز الهاتف المحمول، ونقلها إلى مزود السحابة. ووفقاً لتقرير دراسة الحوسبة السحابية الحديث الذي أجرته (كيه بي إم جي- KPMG) فإن أهم 3 فوائد للقوة العاملة المزودة بالحوسبة السحابية هي: تعزيز الإنتاجية، وزيادة رضا الموظفين، وتحسين الخدمات.
6. الأجهزة القابلة للارتداء: شاعت الأجهزة القابلة للارتداء بين مختلف فئات المستهلكين، إلا أن رواجها كان أقل للأغراض المتعلقة بتأدية الأعمال. ويعود ذلك غالباً إلى محدودية قدرة هذه الأجهزة حالياً. وعلى كل حال، سيزداد استخدامها في مجال الأعمال كلما أضيفت لها خصائص جديدة، وكلما زادت قدرتها على التكامل مع الأنظمة الأخرى. علماً بأن استخدامها في هذا المجال يشمل: إعداد جداول العمل، والاتصالات، ورمز الاستجابة السريعة، وتعريف الدخول، والمدفوعات، ونحو ذلك.
7. المؤسسة الرقمية: ليس المقصود هو التحول إلى العمليات الرقمية، بل إلى الطرق الحديثة لأداء الأعمال، وكيفية تقديم المنتجات والخدمات. وهذا ما يمكن التكنولوجيا من دعم الأعمال مستقبلاً.
8. بناء نمط أعمال شخصي ضمن استراتيجية الشركة لأداء الأعمال عن بعد: إن “مكان العمل” بمفهومه المستقبلي، يعني تأدية العمل من أي مكان وفي أي وقت وباستخدام أي جهاز، لتحقيق أهداف المؤسسة. والشركات التي تبنت أسلوب العمل المتنقل، تجني فوائد عظيمة من رضا موظفيها، والاحتفاظ بالمواهب واستقطابها، وزيادة الإنتاجية. ومن ابتكار طرق أفضل لتحقيق الأهداف التي تسير بالشركة إلى الأمام.
وبينما تشعر القوى العاملة اليوم بالراحة عند استخدام وسائل التكنولوجيا المختلفة، سواء أكان استخداماً شخصياً أو مهنياً- قد يرى بعض أصحاب الأعمال أن المرونة في مكان العمل تنطوي على احتمالية فقدان السيطرة على الموظفين. إلا أن إصرارهم على هذا الرأي سيؤدي بلا شك إلى فقدان المواهب وإبطاء الإنتاج.