IMLebanon

بنك إنجلترا محق في مخالفة نظيره الأمريكي

مارك كارني - محافظ بنك انجلترا
مارك كارني – محافظ بنك انجلترا

مارتن وولف

الأسواق في حالة اضطراب. كيف ينبغي أن يستجيب صناع السياسة؟ هل الاضطراب، على حد تعبير ماكبث، “حكاية يرويها شخص غبي… لا تدل على شيء” أم هي إنذار مبكر لحالة ركود، أم حتى هي انهيار مالي آخر؟ حتى لو كان هو الأول، كما هو مرجح، إلى أي مدى يجب علينا القلق بشأن نتائج الخوف نفسه؟

تصحيح الأسواق لا يستهان به. علاوة على ذلك، هناك أسباب أساسية تدعو للقلق، تباطؤ الصين والمخاوف بشأن كفاءة صناع السياسة في تلك البلاد؛ انخفاض أسعار النفط؛ وتأثير تلك الانخفاضات على القدرة المالية لمنتجي الطاقة – سواء الشركات أو البلدان؛ وحتى علامات على ضعف الاقتصاد الأمريكي.

على أن التفسيرات المحددة للسوق فيما يتعلّق بالاضطراب يمكن معرفتها. هناك سبب واحد لعملية البيع المكثفة هي أن الأسواق المهمة كان يتم تقييمها بقيمة عالية حسب المقاييس التاريخية.

من المنطقي بالنسبة للمستثمرين أن يجنوا الأرباح. علاوة على ذلك، الأسواق هي أقل سيولة من السابق. وهذا لأن التنظيم (بحق) جعل صناعة السوق من قِبل المصارف أكثر تكلفة، وبالتالي أقل ربحية. في هذه الظروف، تأثير سلوك اتباع الجماعة من المرجح أن يكون أكثر تطرفا ما كان في السابق.

يبدو من غير المرجح أن الأسواق تتوقع تباطؤا عالميا كبيرا بشكل صحيح. هذا لن يكون أمرا مفاجئا، الراحل بول سامويلسون، الحائز على جائزة نوبل، اشتهر بمقولة، إن الأسواق كانت قد توقعت تسع حالات من آخر خمس حالات ركود.

إعادة التقييم المتفائل بشكل معتدل من قِبل صندوق النقد الدولي للآفاق العالمية تبدو مقبولة أكثر إلى حد ما.

لنتذكر، على سبيل المثال، أن انخفاض أسعار النفط أيضا يجلب الفوائد، خاصة عندما يكون، كما هي الحال الآن، في الأساس نتيجة التوسع في العرض. علاوة على ذلك، الأزمات المالية تميل لتتبع فترات النشوة.

إذا كانت هناك أزمة ستحدث، من المحتمل أن تكون في الاقتصادات الناشئة أو القطاعات المنتجة للسلع الأساسية من الاقتصاد. مثل هذه الأزمات يمكن أن تكون مهمة، الأزمة الآسيوية في أواخر التسعينيات هي مثال على ذلك.

كما أنه لن يكون لها التأثير نفسه لأزمة في القطاعات المالية الأساسية في العالم الغربي، الذي يبدو أكثر صحة عما كان عليه في عام 2007.

مع ذلك، فإن الاضطراب يحدث في ظل اقتصاد عالمي لم يشفَ بعد من الأزمات المالية التي أصابت البلدان ذات الدخل المرتفع بعد عام 2007. على الرغم من وجود بعض الرفع المالي من قِبل القطاعات الخاصة في البلدان التي أصابتها الأزمة – خاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة – إلا أن المديونية ارتفعت في كل مكان. هذا صحيح بشكل خاص في الاقتصادات الناشئة، لا سيما الصين.

ولعل الأكثر أهمية، هو أن المجال أمام استجابة السياسة محدود، وفقا للمعايير التقليدية. الاستجابة للأزمة المقبلة، ربما يجب أن تشمل أسعار الفائدة السلبية للغاية، وما يسمى توزيع الأموال في الاقتصاد.

التفاؤل الحذر بشأن المستقبل القريب فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي معقول. مع ذلك، هذه الأحداث تعزّز وجهة نظر مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا، من أن الآن ليس الوقت المناسب لتحذو المملكة المتحدة حذو الولايات المتحدة في رفع أسعار الفائدة، وهو قرار نفسه يبدو غير حكيم على نحو متزايد. الثقة الآن بحاجة إلى الدعم.

علاوة على ذلك، الوضع الاقتصادي في المملكة المتحدة لا يتطابق مع الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة. مثل هذا التباين أدى إلى اختلافات كبيرة في السياسات النقدية في الماضي. ليس هناك أي سبب يمنع ألا يكون ذلك هو الحال الآن. في الواقع، هذا الاحتمال هو بالضبط السبب في أن المملكة المتحدة كانت محقّة بالاحتفاظ بعملتها.

يلاحظ كارني أن من بين أوجه التباعد الحالية توجد أربعة منها ذات أهمية خاصة، أولا، ضغوط التكاليف أقوى بكثير في الولايات المتحدة ما هي عليه في المملكة المتحدة. ثانيا، اقتصاد بريطانيا أكثر انفتاحا بكثير أمام الاقتصاد العالمي من الولايات المتحدة، وبالتالي هو أكثر عرضة للضعف العالمي.

ثالثا، لهذا السبب، فإن التضخم العالمي الضعيف من المرجح أن يكون له تأثير أكثر استدامة على التضخم في المملكة المتحدة، خاصة عندما يبقى سعر الصرف قويا.

أخيرا، سواء بشكل صائب أم خاطئ، فإن المملكة المتحدة تخوض أكبر تصويب للأوضاع في المالية العامة بين جميع أعضاء مجموعة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للبلدان المتقدمة.

من المتوقع أن ينخفض عجزها المالي المعدل دوريا بنحو نقطة مئوية واحدة سنويا على مدى الأعوام الأربعة المقبلة. كما أن من المتوقع أن يتم تخفيف السياسة المالية في الولايات المتحدة، على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة.

كما يصرح كارني بالادعاء الجريء من أن سيطرة بنك إنجلترا على التنظيم “الحصيف على مستوى الاقتصاد الكلي” للقطاع المالي يقلّل من الحاجة إلى استخدام السياسة النقدية للتصدي لاعتبارات الاستقرار المالي.

يجب أن نأمل أن يكون هذا صحيحا. مع ذلك، المحافظ محق بالإشارة إلى أن ارتفاع الديون لم يكن يدفع النمو في المملكة المتحدة حتى الآن. المخاوف بشأن المخاطر المالية مشروعة، لكن يجب ألا تحدد السياسة النقدية.

في زمن يتسم بالتضخم الضعيف، والتشديد في المالية العامة، والجيشان العالمي، فإن السياسة الصحيحة هي التمكن من انعدام النشاط النقدي. كان هذا صحيحا في السنة الماضية. وهو صحيح في الوقت الحاضر أيضا.