كتب بيار عطاالله في صحيفة “الجمهورية”:
نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي راض عما يجري بين حزب “القوات” و “التيار الوطني الحر”، وهو من مؤيدي المبادرة والاتفاق “الى الآخر” رغم كل التاريخ الصدامي بينه وبين رئيس “القوات” سمير جعجع. المسألة في رأيه ليست شخصية ولا خاصة، بل “فرصة تاريخية للمسيحيين كي يتوحدوا وينتزعوا حقهم في الشراكة والتوازن وإعادة تشكيل الأوضاع السياسية في البلاد بعدما دارت الأيام وطواحينها على حساب مصالح المسيحيين وحضورهم في الدولة ومؤسساتها”.
ليس إيلي الفرزلي وحيداً في هذا الموقف. يمكن اعتباره عينة من مواقف فئة واسعة من السياسيين المسيحيين المستقلين القريبين من قوى 8 اذار بدون ان يكونوا اعضاء في جبهة أحزابها. بهذا المعنى يمكن استنساخ تأييد الفرزلي لمبادرة معراب على مجموعة لا باس بها من الشخصيات المسيحية الملتفة حول العماد ميشال عون (والأمر ليس سراً) وهم من مختلف المذاهب المسيحية وخصوصاً من أعضاء “اللقاء الارثوذكسي”، الى شخصيات كاثوليكية ومجموعة لا بأس بها من الموارنة غير الحزبيين الذين كانوا يجتمعون في “بيت عنيا”- حريصا، ولم تفض اجتماعاتهم الى موقف حاسم ونهائي.
في تحليل الفرزلي، المرتاح الى تطور الوضع الميداني والسياسي في سوريا وأوجه التدخل الروسي، أن اللعب على التناقضات المسيحية او الخلاف التاريخي بين عون و جعجع لا يمكن الاستمرار فيه الى ما لا نهاية، وما جرى بدءاً من زيارة جعجع للرابية وتوقيع “اعلان النيات” بين الجانبين، وانتهاء بترشيح “القوات” للعماد عون هو لحظة تاريخية لا يجب التعامي عنها. في رأيه ان جعجع لن يتراجع عن خطوته ترشيح عون، والامور امام احتمالين “راديكاليين” كبيرين، فإما ان يسير الأطراف الآخرون بمبادرة عون وجعجع، وعند ذلك لا بد من اعادة انتاج الدور المسيحي ضمن النظام اللبناني، مع ما يعني ذلك من تغييرات في طريقة التعامل مع المسيحيين في كل الملفات المطروحة على صعيد قانون الانتخاب والادارة العامة، أو يرفضون المبادرة مما يستلزم اعادة انتاج النظام اللبناني وتثبيت المشاركة واحترامها بكل اوجهها في كل المستويات، وذلك من ضمن ما يراه الفرزلي “لحظة اعادة تشكيل المنطقة ككل، من سوريا الى العراق وغيرهما من الدول”.
أما موقف “حزب الله” من مبادرة معراب، فيراه الفرزلي “حكيماً” يعالج الأمور بهدوء داخل المكوّن الشيعي وصفوف حلفائه، ويأخذ في الاعتبار ان للمرشح النائب سليمان فرنجيه تاريخاً وتراثاً طويلين في العلاقة التحالفية مع الحزب، والمسألة تحتاج الى التواصل والروية لتظهير أي موقف. والامور بالنسبة الى الفرزلي، ليست في مسار تراجعي بل تدخل في سياق توفير الظروف الملائمة للسير بالمبادرة، وعندما يحسم الأمر على مستوى قرار الرئيس نبيه بري فسيشهد الوضع حلحلة على مستويات عدة، ليس بعيداً عنها موقف النائب وليد جنبلاط وكتلته. لكن الأهم ان الامور لن تطول الى الربيع، وعلى “تيار المستقبل” المتمسك بـ”امتيازاته الوهمية ورفض الشراكة”، استيعاب ان العماد عون “لن ينسحب من السباق الرئاسي حتى لو تركه “حزب الله” وجعجع وجميع مؤيديه، لأن المسألة مبدئية ولا تتحمل التأويل”.
ويكرر الفرزلي بثقة “ان التهويل على المسيحيين والتلويح بعدم موافقة هذه الدولة او تلك على ترشيح العماد عون هو من باب تحريض الخارج على الداخل كما كان يجري في ايام السوريين بأيدٍ لبنانية، لكن هذه الأمور ما عادت تجدي، والمسألة لا تتحمل حتى الربيع”.