Site icon IMLebanon

مشاريع الطاقة: جدل حول توربينات الشمال

WindPower-Electricity
مارسيل محمد

الحديث عن الطاقة في لبنان يفترض إفراد مجلدات بمئات الصفحات، لكن أبرز ما يميّزه هو إمتناع الدولة اللبنانية عن مقاربته بالطريقة العلمية الصحيحة.
كثيرة هي النماذج المقدمة من القطاع الخاص وتلك التي يقررها بعض الوزراء او المستشارين في الوزارات المعنية، لكن شتّان ما بين النماذج النظرية وبين التطبيق العملي.

مشروع “التوربينات” التي تولد طاقة كهربائية من خلال الرياح، هو من المشاريع التي تدور حولها علامات استفهام كثيرة، وبالرغم من ذلك ما يزال مطروحا من قبل المعنيين، ان على مستوى الشركات الخاصة او وزارة الطاقة. وفي السياق، أكد وزير الطاقة ارتور نظريان ان الوزارة انجزت “المناقصة العالمية لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح (60 إلى 100 ميغاوات)، وتم رفع الملف إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، علما أن الشركات الثلاث المؤهلة أعلنت عن مواقعها في الشمال”. كلام نظريان جاء خلال ورشة عمل عن “كيفية حفظ الطاقة وترشيد استهلاكها واستبدالها والتشجيع على استخدام الطاقات المتجددة”، اقيمت في “غرفة طرابلس ولبنان الشمالي”، الاثنين، أشار خلالها نظريان الى ان مثل هذه المشاريع تعطي “دفعا حقيقيا لنمو وازدهار القطاع الخاص في منطقة الشمال”، نظرا لأن تنفيذ هذا المشروع سيكون حكما من قبل القطاع الخاص. وأضاف ان هذه المشاريع تمثل “علاقة شراكة واضحة بين القطاعين العام والخاص، على أن يكون القطاع العام الموجه والداعم”، ورأي نظريان ان هذه العلاقة يجب ان تحصّن “بمجموعة من القوانين والتشريعات ذات الصلة”. وهنا يفتح النقاش على غياب القوانين والتشريعات “ذات الصلة”، وغياب الرقابة المطلوبة في حال وجود القوانين المعنية.
فهل سيستبعد المنتفعون من دائرة أنظارهم مشروعا يتعلق بالطاقة البديلة، يدر ملايين الدولارات ويوفّر أخرى؟ الاجابة بالنفي هي الاجابة الصحيحة، لأن مؤسسة الكهرباء على الاقل هي النموذج الاوضح لما ستؤول إليه تجربة “التوربينات” الهوائية. هذا مع الاشارة الى ان الشركات التي يتحدث عنها نظريان، لم تتّضح معالم التعاقد معها، وهذا ما يدعو للريبة في ظل وجود أزمة النفايات التي افرزت غموضاً وصفقات في ما يخص الشركات التي يفترض انها ستلتزم ترحيل النفايات.
الحديث عن شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص في مجال الطاقة، يفترض بحسب رئيس جمعية الخط الأخضر، الدكتور علي درويش، “وجود علاقة متكافئة بين طرفي الشراكة. ولا تصح الشراكة اذا لم يكن هذا التكافؤ موجودا”. ويشير درويش في حديث لـ “المدن”، الى ان “نسبة التشارك ليست هي المهمة، فحتى لو كانت نسبة القطاع العام 20%، فعلى القطاع العام ان يحافظ على مصلحة المواطن في هذه النسبة، لأن القطاع العام يمثل المواطنين، كما يحافظ القطاع الخاص على مصلحة المساهمين فيه”. وحول التناسب بين القوانين اللبنانية وامكانية تحقيق مشاريع انتاجية مثل مشاريع الطاقة، يؤكد درويش أنّ لوجود القوانين اهمية كبيرة، لكن الاهم التقيد بها. وهذا ما يستبعده درويش، مستذكرا تجاوزات ملف الكهرباء والنفايات. وغياب تطبيق القانون، يفتح المجال اما حركة القطاع الخاص بشكل اكثر راحة، لأن القوانين اللبنانية تتجه نحو السماح بخصخصة كل ادارات الدولة. وهذا ما تتجه إليه مؤسسة الكهرباء. فمن الطبيعي ايجاد صيغة قانونية لتحقيق هذه الخصخصة. وبالتالي، فإن الحديث عن مشاريع طاقة في ظل هذه القوانين وهذه السلطة، أمر مستبعد برأي درويش.
لا يهم الحديث عن استجلاب مشاريع من الداخل والخارج، لأن طرح المشاريع خطوة سهلة امام ايجاد الارضية القانونية والاقتصادية والاجتماعية. ويبقى ان أهل الشمال، عليهم الاستفادة من التجارب التي تقدمها الحكومة والوزارات في ما يتعلق بالمشاريع الانمائية، وهذه التجارب لم تقدم للشمال شيئاً سوى الوعود.