Site icon IMLebanon

كيف فشلت آخر تفجيرات نعيم عباس لحين اعتقاله؟

burj-barajina-explosion

 

كتبت نسرين يوسف في صحيفة “الجمهورية”:

نعيم عباس الإرهابي الأخطر والأذكى استطاع بعد نجاح التفجيرات التي خطَّط لها وأمَّن انتحاريّيها أن يشبك ارتباطاته بين «داعش» و»النصرة» اللذين كانا يتنافسان على مَن يُحقّق بصمته الدموية أكثر… لكنّ تكثيف الأمن والمتابعة الاستخبارية وانتشار الحواجز في الضاحية الجنوبية أسهم في إعاقة عمل عباس وخوف المجنّدين عنده ما أفشل سلسلة عمليات لأهداف عدة، وأدّى لاحقاً الى اعتقاله.بعد أربعة أيام من انفجار حارة حريك، تابع نعيم عباس تواصله مع أبو خالد الذي أخبره أنّ لديه انتحارياً جاهزاً وعليه تأمين البضاعة له من مادة «تي. أن. تي.» إلى الصاعق ومستلزمات التفجير على أن يدفع له ما يريد.

بعد يومين خرج عباس من مخيم عين الحلوة واتجه نحو منطقة السعديات فاستأجر مستودعاً بإسم علي محمد البزري ودفع في المكتب العقاري مسبقاً إيجار 3 أشهر بقيمة 1200 دولار، بحجّة أنّه سيخزن فيه مواد تنظيفات، ثمّ توجّه الى منطقة الاوزاعي والجناح واشترى خشباً (حمولة بيك اب) من تلك التي تُوضع تحت البضاعة ونقلها الى المخزن مع كميات من المحارم.

تكلّم مع أحمد طه، أيْ أبو الوليد، وأبو خالد وأبلغهما أنّه أصبح لديه مستودع ويمكنه ركن سيّارات فيه. اتصل نعيم عباس بمحمد جمعة وطلب منه تأمين كبسة «on -off» وصاعقين وصاعق تنبيه ونحو عشرة كيلوغرامات «تي ان تي» من مخيم عين الحلوة، وطلب من يوسف شبايطة طحن المواد المتفجّرة وأن يشتري له كلاشنكوف مع خمسة مماشط.

وقد أخرجهم أمين عثمان من المخيم مع الدائرة الكهربائية ولفّة «كورتكس» الى المستودع وتواصل مع أبو خالد (قبل توقيفه بثلاثة أيام) وأبلغه الأخير أنّ الانغماسي سينزل من عرسال الجمعة وسيكون قرب جامع الخاشقجي صباحاً.

أما الهدف فهو قناة «المنار» في الجناح، والخطة ستكون عبر إطلاق الانغماسي النار على الحرس ثمّ يُفجّر نفسه بالحزام الناسف بعدما أمَّن جمعة لنعيم عباس جعبتَي صدر حوّلهما الى حزام ناسف.

كيف حضَّر الخطة للانغماسي «غير الذكي»؟

استقبل نعيم عباس الانغماسي من أمام الخاشقجي واصطحبه الى المستودع وتفحَّص الاغراض، فتبيَّن أنها ناقصة وأنّ كرات الحديد المفترض وضعها داخل الحزام ليست موجودة وكذلك الكلاشنكوف لم يصل بعد. فترك الانغماسي في المستودع وقال له «إن شاهدك أحدٌ فقل إنّك عامل هنا».

يوم السبت عاد عباس اليه واصطحبه لاستطلاع قناة «المنار» وشرح له طريقة تنفيذ العملية، إلّا أنّ نعيم عباس لاحظ أنّ هذا الانغماسي غير فعال وغير ذكي.

يوم الاحد في 2-2-2014 أخذ الانغماسي الى شقته لكي لا يراه صاحب المستودع، واستكمل الاثنان الاغراض الناقصة ووضعاها في المستودع، وعملا على فرط الجعب وحوّلاها الى حزام ناسف. وقد فكّر أن يحمل الانغماسي كيس «جنفيص» على أنه عامل يجمع الخردة ليستطيع الاقتراب من حراس «المنار» وأن يصعد بسيارة تاكسي ويتابع سيراً الى القناة، وعلى بعد مئة متر يفتح النار على الحرس ثم ُيفجّر نفسه.

لهذه الاسباب تمّ انفجار الشويفات؟

اصطحب نعيم عباس الانغماسي الانتحاري الى خلدة وأرشده الى السيارة التي يمكن أن يأخذها وأنزله في منطقة خالية من الكاميرات وراح يراقبه من بعيد، وشاهد سيارة «مرسيدس» غواصة لون كحلي تتوقف له ليحصل تلاسنٌ بينه وبين السائق كون الكيس متّسخاً.

نزل السائق ليضعه في الصندوق وشاهد عباس السائق يتصل بالهاتف ويصعد في السيارة، وقد حصل ازدحام في السير فلحقه الانتحاري مطالباً بالكيس، ليُغادر السائق المكان. لم يعد باستطاعة نعيم عباس رؤيته ولم يدرِ بما حصل بعد ذلك، حتّى سمع عن انفجار الشويفات داخل حافلة للركاب في 3-2-2014.

سقوط نعيم عباس؟

 

عبّر نعيم عباس عن تعبه من الانتحاريين غير الاذكياء، فوعده أبو خالد بأنّ الانتحاري الذي سيتم تأمينه ذكي، وأرسل إليه شخصاً لمساعدته ويدعى فارس الحسن المحمد سوري الجنسية. وقد تسلّم منه عباس مبلغ 3000 يورو و6000 آلاف دولار، وأبلغه أنّ السيارة ستكون من نوع «راف 4» وستوصلها فتاة.

سلمت جمانة حميد السيارة إلى فارس في الكولا بعدما رافقه من مطعم الـ«كي اف سي» من عاليه، وكان هو في سيارته يسير أمامها. أرسل أبو خالد الانتحاري من عرسال ولقّبه سامي يعرفه فارس شخصياً وهو من عداد «جبهة النصرة». وعلى خطّ آخر، كان «داعش» يجهّز سيارة أخرى وانتحارياً آخر.

اتصل أحمد طه بنعيم عباس وأمّن له اللازم، وشخصاً لبنانياً يُدعى مازن وأعطاه رقم هاتفه على أن يتصل به في اليوم التالي. اتصل به عباس لكنه لاحظ أمراً غير طبيعي. فأطفأ الهاتف ونزع الخطّ منه وأيقظ الشباب وأبلغ فارس أنّ مازن قد اعتقل على الارجح. لملم عباس أغراضه وخرج من المنزل، وفي هذا الوقت حصلت المداهمة وتمّ اعتقال الصيد الثمين.

لا شك في أنّ «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» مُنيا بنكسة كبيرة بعد اعتقال نعيم عباس الذي قدم اعترافات بالمجان إلى القوى الامنية، واعترف عن اشخاص وسيّارات مفخّخة حجبت كوارث كانت ستحصل، لكنّ الارهاب لا يتوقف عند شخص. فالمسيرة استكملت لكن بوتيرة ضيقة جداً، وقياساً الى الايام الماضية ارتفع منسوب الامن والامان في الضاحية الجنوبية التي تنتشر في أحيائها حواجز مكثفة للجيش اللبناني.