كتب عبدالله بارودي في صحيفة “الجمهورية”:
لا يبدو أنّ المواقف الصريحة والضمنية التي أطلقَها مختلف الأطراف السياسية، غداة تبنّي رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ترشيحَ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، أعطت انطباعاً واضحاً عن مستقبل المشهد السياسي اللبناني، تحديداً لجهة الانتخابات الرئاسية.لا يُظهر تيار «المستقبل» أيّ ردّ فعل سلبي تجاه ما حصَل في معراب، إذ إنّ «أيّ حوار أو تلاقٍ بين اللبنانيين، أمرٌ نُرحّب به ونشجّع عليه»، يقول النائب سمير الجسر.
ويوضح الجسر لصحيفة «الجمهورية»: «نرى أنّ التقارب المسيحي- المسيحي الذي تمَّ بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطنيّ الحرّ»، بغَضّ النظر عن دعم ترشيح العماد عون لموقع الرئاسة، يجب ألّا يشكّل استفزازاً لأيّ طرَف لبناني، على العكس، علينا تشجيع كلّ الأطراف على اعتماد لغة الحوار في ما بينها».
وعن حقيقة ما شهده لقاء الرياض بعد تضارب المعلومات الواردة في شأن أجوائه، يبتسم الجسر ويقول: «أساساً كان هدف اجتماعنا في الرياض قضية إخلاء سبيل ميشال سماحة وتداعياتها، وهو كان مقرّراً قبل أربعة أيام من احتفالية معراب. وعند بدء اجتماعنا، كانت الاحتفالية والمؤتمر الصحافي المشترك بين جعجع وعون قد أنجِزا، وكانت الأجواء منذ صباح ذلك اليوم تشير إلى نيّة «الحكيم» ترشيحَ العماد عون، فأخَذنا الأمور بشكل طبيعي، وبدأنا الاجتماع بجدول الأعمال المقرّر مسبقاً، وبعدما انتهينا من قضية سماحة والخطوات الواجب اتّخاذُها في المرحلة المقبلة، تداولنا بما حصل في معراب، وبدا واضحاً عند الرئيس الحريري أنّ الأمور لم تتغيّر، وأنّ «المستقبل» سيَستمر في دعمِ ترشيح النائب سليمان فرنجية، طالما ظلّ الأخير متمسّكاً بترشيحه لموقع الرئاسة».
«القوات» حاورت «المردة»
يرفُض الجسر ما يُحكى عن أنّ المبادرة الباريسية دفعَت جعجع ومن باب ردّ الفعل إلى ترشيح عون: «الجميع يعلم وبلِسان الدكتور جعجع والجنرال عون، أنّ الاتصالات بينهما بدأت منذ أكثر من سنة. كما نَعلم، أنّ «القوات اللبنانية» فَتحت تزامناً مع هذا الحوار، حواراً جدّياً مع تيار «المردة»، واستمرّ النقاش بين الطرفين حيال نقاط كثيرة، حتى ليل يوم الإعلان عن نيّة «القوات» ترشيحَ العماد عون!».
ويضيف: «ما حصَل مع الرئيس الحريري مختلف تماماً، فنحن حين أظهَرنا الاستعداد لدعم ترشّح فرنجية، اتّفَقنا معه على أن يناقش كلّ طرف الأمرَ مع حلفائه، ليُبنى على الشيء مقتضاه، وحين تواصَلنا مع حلفائنا في «14 آذار» للتشاوُر معهم، لبّى أغلبُهم دعوةَ الحريري إلى باريس، في حين اعتذرَ الدكتور جعجع لدواعٍ تتعلّق بأمنِه، وبأنّه يحتاج على الأقلّ 15 يوماً ليقوم بالترتيبات اللازمة!».
ولدى سؤاله عن سبب اختيار «المستقبل» دعمَ ترشيح فرنجية، علماً أنّه وعون ينتميان لقوى «8 آذار»، يؤكّد الجسر: «ظهَر واضحاً أنّ الوزير فرنجية أكثرُ قبولاً داخلياً، ولم يكن عليه أيّ اعتراض إقليمي ودولي.
من هنا، جاء استعداد الرئيس الحريري لدعمِ ترشّح فرنجية»، مؤكّداً أنّ «الهدف الأساس إنهاء الشغور الرئاسي، عبر اختيار مرشّح يستطيع كسبَ دعم معظم الأطراف السياسية».
ويرى الجسر «أنّ المواقف الداخلية التي صَدرت عقب «لقاء معراب»، تؤكّد وجهة نظرنا، بحيث أنّها رحّبَت وباركت التلاقي القوّاتي – العوني، لكنّها في الوقت نفسه، لم تؤيّد ما نتجَ عنه، في ما يتعلّق بدعم ترشيح العماد عون لموقع الرئاسة».
وعن مستقبل العلاقة مع «القوات اللبنانية»، يشير الجسر إلى أنّ الهدف الأساس عندنا حماية تحالف قوى «14 آذار»، وطبعاً «القوات اللبنانية» في صلب هذا التحالف، فتجربة «14 آذار» كانت ولا تزال فرصة وطنية رائدة، وعلى هذا الأساس لننتظرْ ما ستسفِر عنه الأيام المقبلة من تطوّرات سياسية، بحيث تظهَر الصورة بشكل أوضح».
أمّا عن إمكانية أن ينتجَ حوار «المستقبل» و«حزب الله» توافقاً على اسمِ رئيس الجمهورية، لا يُبدي الجسر الكثيرَ مِن التفاؤل على رغم أنّه كان «من أهداف هذا الحوار، تنفيس الاحتقان السنّي – الشيعي، والبحث في الانتخابات الرئاسية عن طريق وضع معايير لمرشح التسوية، ولا شيء يَمنع اليوم من متابعة البحث في هذا الملف».
لا يتوقع الجسر أن تنتجَ جلسة 8 شباط انتخابَ رئيس جديد للجمهورية، بل يَختم حديثَه: «صراحةً، لديّ تخوّف من أن تكون التطوّرات الأخيرة أجّلت مجدّداً إتمامَ الاستحقاق الرئاسي، وأن نكون في أحسنِ الأحوال قد عُدنا إلى المربّع الأوّل في هذه القضية».