أسدل رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية الإماراتية الستار الإثنين على خططه لإقامة عاصمة إدارية في مصر، حين أكد أنه لم يتم التوصل لاتفاق “يرضي الطرفين” بخصوص العاصمة الجديدة.
وجرى توقيع مذكرة تفاهم بين العبار والحكومة المصرية لبناء العاصمة الإدارية ضمن فعاليات مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري في مارس الماضي، لكن المفاوضات تعثرت في البنود والتفاصيل الصغيرة للمشروع، المتعلقة بالتمويل ومشاركة الشركات المصرية، ودور وحقوق الحكومة المصرية.
وتعتزم مصر بناء العاصمة الجديدة شرق القاهرة في غضون 5 إلى 7 سنوات على مساحة تصل إلى 170 ألف فدان بهدف الابتعاد عن الزحام الشديد والتلوث بالقاهرة.
ومن المتوقع أن تصل التكاليف الأولية إلى 50 مليار دولار، لكنها يمكن أن تستقطب ما يصل إلى 300 مليار دولار من الاستثمارات في مراحل لاحقة. وتضم العاصمة الجديدة مطارا أكبر من مطار هيثرو في لندن ومبنى أعلى من برج إيفل في باريس.
وقال العبار في مقابلة مع تلفزيون العربية الإثنين، إن “الاتفاق الذي تم كان مبدئيا… الحكومة المصرية غيرت رأيها في بعض البنود ويحق لها لأن الاتفاق غير ملزم”.
وأضاف “لم نصل لاتفاق يرضي الطرفين… ولكن هل هذا معناه أن عملنا في مصر متوقف… لا… العمل جار ومتوسعون في مصر”.
وفي أواخر العام الماضي قالت الحكومة المصرية التي تعاني من شح السيولة إنها تولت المسؤولية عن خطط بناء عاصمة جديدة بعد الإخفاق في إنجاز اتفاق مع المستثمر الإماراتي الذي كان من المفترض أن يقود المشروع. وامتنع العبار حينها عن التعليق.
وذكر وزير الإسكان المصري مصطفى مدبولي آنذاك أنه بدلا من ذلك ستؤسس الحكومة شركة مملوكة بالكامل للدولة لقيادة المشروع وتخصيص مشروعات معينة للمطورين من القطاع الخاص من دول الخليج وغيرها، قد يكون من بينها شركة كابيتال سيتي بارتنرز التي يرأسها العبار.
وذكر مدبولي أن الشركة الصينية العامة للهندسة الإنشائية ستنفذ جزءا من المرحلة الأولى من مشروع العاصمة الإدارية الجديدة بجانب شركات محلية. وستضم المنطقة الحكومية في العاصمة الجديدة الوزارات ومقر الرئاسة والهيئات الحكومية.
وكان مدبولي قد أكد لـ“العرب” أن أعمال البناء ستنطلق في بداية العام الحالي، بمشاركة شركة هندسية صينية، في ظل أصوات معارضة من شركات مصرية رفضت المشاركة في المشروع.
وأكد أن الحكومة ستشارك في تمويل مشروع العاصمة الجديدة، من خلال موازنة هيئة المجتمعات العمرانية التابعة للوزارة، وأنها رصدت نحو 625 مليون دولار لهذا الغرض.
وتم خلال زيارة الرئيس الصيني إلى القاهرة في الأسبوع الماضي توقيع 21 اتفاقية باستثمارات صينية تصل إلى 15 مليار دولار، بينها المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية الجديدة، إضافة إلى استثمارات في البنية التحتية وعدد من القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وحتى الآن لم يصدر أي تأكيد من الجانب المصري على إلغاء مشاركة شركة كابيتال سيتي بارتنرز التي يرأسها العبار في المشروع. وأكد وزير الاستثمار المصري أشرف سالمان في سبتمبر أن العبار يمكن أن يحصل على جزء من المشروع، بجانب مستثمرين آخرين.
وأضاف سالمان أن الحكومة تنظر في الطلبات المقدمة من المكاتب الاستشارية لتصميم المشروع على أن يتم إشراك شركات عربية وأجنبية لتنفيذها.
وواجهت الكثير من المشاريع الاستثمارية التي تم الإعلان عنها في مصر، مصاعب كبيرة في التنفيذ، وقال مستثمرون إنهم واجهوا عقبات بسبب تضارب التشريعات وتعدد المرجعيات والبيروقراطية الإدارية التي تعرقل نشاطهم.
وتعثر الكثير من المشاريع الاستراتيجية الكبرى نتيجة صعوبات في التخطيط والتنفيذ والتمويل، بعد الوعود والأحلام الكبيرة التي صاحبت توقيعها. ويقول محللون إن تلك المشاريع بدأت تصطدم بقسوة الواقع.
وكانت شركة أرابتك الإماراتية قد أبرمت اتفاقا مع الحكومة المصرية في مارس 2014 لبناء مليون وحدة سكنية بحلول عام 2020، باستثمارات تصل إلى 40 مليار دولار، لكن المشروع توقف الآن بسبب عدم الاتفاق على تفاصيل التمويل والتنفيذ.
ويملك صندوق آبار ومقره أبوظبي أكبر حصة في أرابتك وتبلغ 36.1 بالمئة.
ويقول دبلوماسيون غربيون إن الإمارات مازالت ملتزمة بقوة بدعم مصر، لكن عندما يتعلق الأمر بمشروعات تجارية، فإنها تبدي اهتماما أشد بتفاصيل العقود من أجل تحقيق عائد معقول على الاستثمارات، خاصة بعد تراجع أسعار النفط العالمية.
وفي مثال آخر على الصعوبات التي تواجه المشروعات وبعد عام من الإعلان عن بناء أول محطة للكهرباء تعمل بالفحم في مصر، قالت شركة النويس للاستثمار ومقرها أبوظبي الشهر الماضي إنه لم يتم استكمال إجراءات المشروع.
ويمثل مشروع قناة السويس الجديدة الاستثناء الوحيد، حيث تم تمويله من إصدار شهادات استثمار محلية، لكن نتائجه المتعلقة باستقطاب المستثمرين الأجانب لم تظهر حتى الآن وقد تواجه عقبات مماثلة.