Site icon IMLebanon

جعجع: ترشيحي لعون لم يصبح تحالفًا

samir-geagea-1

 

 

أكد رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع أن الاتفاق مع العماد عون في الشأن الرئاسي لم يصل إلى درجة التحالف، مؤكدا أن قوى «14 آذار» قائمة وستبقى قائمة، وهي مشروع سياسي، والمشروع السياسي لا يموت، وإذا كان هناك من ابتعد عنه أو من اقترب منه فهذا لا يعني أن المشروع سوف يتغيّر، كما شدد على أن العلاقة مع تيار المستقبل قوية على الرغم مما أصابها في الفترة الأخيرة من «عدم رضا» متبادل، لكنه شدد على أن «التحالف مستمر وإطاره أبعد بكثير من انتخابات رئاسة الجمهورية».

وانتقد جعجع في حوار مطول مع «الشرق الأوسط» بشدة الموقف الإيراني «غير البناء» من أزمات المنطقة، مؤكدا متانة علاقته بالمملكة العربية السعودية، التي كانت دائما صديقة وحليفة للبنان وليس لجزء منه كما تفعل إيران.

وفيما يأتي نص الحوار:

* ما حظوظ ترشيح عون الآن في ظل الوضع الحالي؟

– مفترض أن تكون حظوظه كبيرة، لأنه بحسابات بسيطة، نرى أنه لا يوجد أحد من الفرقاء يضع «فيتو» على أحد، رغم أن البعض يريد أن يصور أن تيار المستقبل يضع فيتو على عون، إلا أنه بالوقت الحاضر عنده مرشح، لكنه لا يضع فيتو على أحد، وأنا اذكر أن أول من طرح عون غير 8 آذار، هو تيار المستقبل، من نحو 8 أشهر وحصلت مناقشات كثيرة ولأسباب إقليمية كبيرة، لم يكمل تيار المستقبل بهذا الخيار.

هناك فريق يريد مرشحا وفريق يريد مرشحا آخر. مثلا سليمان فرنجية نحن قلنا بصراحة إننا لن نصوت له، إلا أننا لا نضع فيتو عليه على الإطلاق، هذه معركة رئاسية ديمقراطية وأحترم جميع المرشحين الآخرين.

* بالأرقام؟

– حظوظ عون جيدة، لأنه أصلا هو مرشح فريق 8 آذار الذي يمتلك 57 صوتا، ومع أصواتنا نحن مع بعض المستقلين الذين أنا متأكد من مواقفهم، سيحصل العماد عون إن لم يحصل تغيير بأي مواقف أخرى أقله على 68 إلى 70 صوتا (من أصل 128 صوتا في البرلمان)، إذا افترضنا أن جميع قوى 8 آذار مع عون، إلا إذا كانت قوى 8 آذار يغشون وغير صادقين بطرحهم، فهنا نكون قد أصبحنا في مكان مختلف تماما، ولم يعد الوقت يحتمل المزاح في لبنان. 8 آذار كما هو معروف عند الرأي العام ومن قبلنا كفرقاء سياسيين مرشحهم الرئاسي ميشال عون، إذا هم غير جديين فليقولوا ذلك، وإذا هم جديون فليتفضلوا.

* ماذا رأيت برد الرئيس بري عليك اليوم وقوله إن ترشيح 8 آذار لعون هو كترشيح 14 آذار لك؟ ألا ترى فيه تشكيكا بترشيح عون؟

– هذا أول مؤشر سلبي يأتي من قوى 8 آذار، إلا أننا لن نتوقف عند هذا المؤشر بحد ذاته، لأن الرئيس بري يرغب في أن يداعب الذين يحبهم، ويبقى على فريق 8 آذار أن يحدد موقفه، وإذا كان موقفه السابق (دعم عون) ليس حقيقيا فعليه تحديد ذلك.

* هل ستنزلون إلى مجلس النواب في 8 فبراير (شباط)؟ وهل سينزل العماد عون؟ هل لديكم ثقة بهذا؟

– حسب موقف 8 آذار، إذا هم جديون بالحد الأدنى بمواقفهم السابقة فمن المفترض أن نذهب إلى المجلس كلنا في 8 شباط، وكل واحد يصوت لمن يريد، إلا أنه الآن بدأ يظهر الشك بمواقف 8 آذار، وأكثر من ذلك أصبح هناك شك جدي حول موقف 8 آذار من الانتخابات الرئاسية بحد ذاتها، وبهذه الحال نكون قد أصبحنا في مكان آخر، ولا أريد أن أفترض هذا. في الوقت الحاضر كان اليوم هذا المؤشر الصغير عند الرئيس بري، وندعو الله أن تحمل لنا الأيام المقبلة مؤشرات إيجابية أكثر.

* حتى لو كانت 8 آذار كلمة واحدة واستطعتم بالأرقام انتخاب رئيس، هل يمكن أن ينتخب رئيس من دون مشاركة تيار المستقبل؟ أو من دون مباركة تيار المستقبل له؟

– أنا بدأت حديثي بأن تيار المستقبل في وقت من الأوقات كان يفكر في عون للوصول إلى الرئاسة، والمستقبل ليس لديه فيتو على أحد من المرشحين، وبالتالي ممكن أن يصوت المستقبل لمرشح آخر أو يمكن أن يفكروا بميشال عون من جديد، والآن هي معركة ديمقراطية.

* هل هناك كلام بينكم وبين المستقبل بهذا الموضوع ؟

– طبعا، ما زالوا على موقفهم أن فرنجية أفضل لرئاسة الجمهورية، ونحن على موقفنا ونتواصل دائما.

* كيف أصبحت العلاقة مع تيار المستقبل؟ هل موقفكم شكل انتكاسة لهذه العلاقة؟ إذ يبدو أن هناك عدم رضا من «المستقبل» عن هذا الموقف؟

– صحيح، وليست لدينا نفس المقاربة بالنسبة لموضوع رئاسة الجمهورية، ولكن تحالفنا مستمر وإطار تحالفنا أبعد بكثير من انتخابات رئاسة الجمهورية. كنت أفضل أن نتفق بموضوع رئاسة الجمهورية وحول ما إذا كنا نريد الذهاب إلى طاولة الحوار أو الامتناع عن المشاركة فيها، وأن نتفق على تشكيل أو عدم تشكيل الحكومة الحالية، لكن صراحة في بعض الأوقات هناك بعض التفاصيل التي لا نستطيع أن نتفق عليها وبعضها في أمور كبرى مثل موضوع رئاسة الجمهورية. نترك المجال للتمايز الموجود ونستمر بالباقي الذي هو النظرة العامة والكبرى للبنان ونظرتنا للدولة وكيفية قيامها بلبنان، ولو كنا نختلف على بعض المحطات مثل رئاسة الجمهورية لكن لا نتركها تفسد بقية القضية.

* ظهرت المسألة كأن الحريري أخذ موقفا من دون علمكم ورشح شخصا للرئاسة، وأنتم أخذتم موقفا مشابها بالمقابل، كم تعكس هذه الصورة الواقع؟

– كلا لا تعكس الواقع، جاء الحريري بمنطق واضح أن الفراغ أسوأ شيء يصيب البلد، وحتى رئيس من «8 آذار» أفضل من الفراغ، وهذه مناقشات حصلت بيني وبين الحريري لساعات، وانطلاقا من ذلك رشح سليمان فرنجية، بالطبع لم نكن راضين عن ذلك لكننا لم نقم برد فعل. فكرنا بالموضوع من بعد ترشيح الحريري لفرنجية فأصبحت خيارات الرئاسة محصورة عند «8 آذار»، ومن جهة ثانية كان يحدث شيء آخر على المسرح، هو أننا كنا بمفاوضات مع التيار الوطني الحر وليس بموضوع رئاسة الجمهورية، بل مفاوضات لإنهاء مرحلة 30 سنة من العدائية والخصومة السياسية لنصل إلى علاقات مقبولة كان أساسها إعلان النيات، كما حصل في آخر «8 آذار»، وعند ترشيح فرنجية أصبح واضحا أن مرشحي الرئاسة أصبحوا من قوى «8 آذار» فطرحنا موضوع رئاسة الجمهورية لجهة إمكانية ترشيح العماد عون. هذا كان من بعد ترشيح فرنجية، وقبل ذلك كنا ندعو للاتفاق على مرشح آخر لأنه لم يكن لدينا أحد قد تبنى ترشيح أحد مرشحي «8 آذار»، وإن لم يكن العماد عون من «8 آذار» في العمق. وتوصلنا إلى أن هناك إمكانية للإطار السياسي الذي أعلناه مؤخرا، والذي هو بالنسبة إلينا ممتاز ولا أعتقد أن أحدا ممكن أن يأتي بإطار سياسي أفضل منه في ظروف وموازين القوى الحالية. بما أن الرئاسة أصبحت عند مرشحين من قوى «8 آذار». فسليمان فرنجية من «8 آذار»، والعماد عون متحالف مع «8 آذار» فلم لا؟ وبالفعل ذهبنا إلى هذا الخيار الذي هو ليس رد فعل بقدر ما هو انطلاق من الواقعية السياسية بعد أن جاءت ترشيحات رئاسة الجمهورية محصورة بفريق «8 آذار».

* هل هناك ملاحق سرية لهذا الاتفاق مع عون؟

– كلا لا توجد أي ملاحق سرية أو غير سرية.

* هذه أول مرة تُخرج فيها الجنرال من قوى «8 آذار»، هل لهذا الحد وصلت الثقة بينكم؟

– رد فعل «8 آذار» على ترشيح العماد عون يؤكد وجهة نظري، ويدحض ادعاءات الآخرين. ولو كان ذلك صحيحا لكان فريق «8 آذار» أعلن فرحته «بالانتصار» وأصبح لدينا أكثرية بالمجلس ولننتخب الرئيس، إلا أن ذلك لم يحصل، فماذا يظهر لك هذا الشيء، فماذا تقول لك هذه الواقعة؟

* ماذا تقول؟

– تقول: إن نظرتنا للأمر أدق وأصوب مما يحاول البعض الآخر تسويقه، وإن العماد عون متحالف مع قوى «8 آذار»، وعندما قام بنوع من تفاهم معنا هل فقدوا حماستهم له؟

* هل لديك ثقة بأن ترشيح ميشال عون رئيسا للجمهورية لا يمس الثوابت التي تدافع عنها خلال فترة رئاسته؟

– دائما الحسابات يجب أن تكون بشكل نسبي، وأنا تفضيلي طبعا مرشحا من «14 آذار»، ولنفترض أني خيّرت بين عون أو مرشح من «14 آذار» أقول لك نعم أنا مع المرشح الآخر انطلاقا من مواقفي، لكن عندما يكون الخيار اضطراريا بعد ما وصلت إليه الأمور بين فرنجية وعون، ولست أنا من أوصلها إلى ذلك، فأنا طبعا أشعر بالارتياح أكثر لوصول عون إلى سدة الرئاسة، وأعتقد أنه من بعد التفاهم والإطار السياسي الذي وضعناه، يكون ذلك أفضل ما يمكن أن يحصل لصالح قوى «8 آذار» في الوقت الحالي. أفضل من أي شيء آخر نسبيا إلا إذا قال أحد إن هناك إمكانية 1 في المائة في إيصال مرشح من «14 آذار».

* هل ما زالت قوى «14 آذار» قائمة؟

– نعم، هي قائمة وستبقى قائمة، وهي مشروع سياسي، والمشروع السياسي لا يموت، وإذا كان هناك من ابتعد عنه أو من اقترب منه فهذا لا يعني أن المشروع سوف يتغيّر.

* هناك فرز جديد في «8 آذار» و«14 آذار»، وكل منهما انقسم حول هذا الموضع.

– الانقسام هو على اختيار رئيس الجمهورية، لكن لا أتصور أن أحدا غيّر مواقفه. مثلا الإطار السياسي الداعي لترشيح العماد عون لم يختلف عن كل أدبيات «14 آذار»، بل أفضل بـ10 مرات من البيان الوزاري للحكومة الحالية المشترك فيها جزء كبير من «14 آذار».

* التحالف الذي اتخذ طابعا مسيحيا مقابله يبدو أن هناك تحالفا ذا طابع إسلامي…

– تبني ترشيح العماد عون تم انطلاقا من المبادئ السياسية وليس تحالفا. في الوقت الحاضر يقف الموضوع عند هذا الحد، إذا تطور لاحقا فهذا أمر عظيم، لكن إذا حصل ذاك فسوف يكون باتجاه تكبير لأحد التحالفات الوطنية الموجودة وليس باتجاه شيء ثالث مختلف تماما، ولن يحصل تحالف وحده خارج «14 آذار» أو خارج «8 آذار» أو خارج شيء يسمي نفسه «وسط».

* كيف ترى تعامل حلفاء «14 آذار» في الخارج مع مسألة ترشيحك للعماد عون؟

– لا أخفي أن هناك علامات استفهام إقليمية على العماد عون انطلاقا من عدة اعتبارات لا أريد الدخول فيها، لكن كل الدول الإقليمية والغربية الصديقة للبنان أصبحت ترى أنه بأي ثمن يجب أن تحصل الانتخابات الرئاسية ولا يفترض على الدولة في لبنان أن تبقى في حال فراغ. ثالثا، بمجرد وجودنا نحن بهذه الطبخة فهذا شكل عامل ارتياح لدى كثير من الفرقاء الإقليميين والدوليين الذين لديهم اعتراضات أصلا. كل هذه العوامل أدت إلى أن تنتهي بشكل أن «أهل مكة أدرى بشعابها».

* كنت في آخر مقابلة تلفزيونية واثقا أنه سوف يصدر موقف سعودي بهذا المعنى أو تتوقع موقفا سعوديا بالفطرة على ماذا بنيت توقعك؟

– على معرفتي العميقة بالقيادة في المملكة، هي لم تكن يوما من الأيام إلا حليفة وصديقة للبنان ومع المؤسسات. ومؤخرا المملكة بكل ثقلها أرادت أن تحصل انتخابات رئاسة الجمهورية، وإذا كانت الانتخابات مع سليمان فرنجية فليس لديهم مشكلة، وإذا كانت مع أي مرشح آخر فليس لديهم أي مانع، بل المهم لديهم أن تحصل الانتخابات الرئاسية. ولم يتدخلوا بالأسماء كباقي دول المنطقة التي تتدخل بكل التفاصيل والأسماء التي تضع الفيتو، وعندما يكون أصدقاء المملكة معنيين فهي تكون مرتاحة وليست قلقة.

* وأنت من الأصدقاء؟

– طبعا، ولم يتغيّر شيء اليوم.

* في ضوء الواقع الإقليمي المحيط بنا، الوضع في سوريا والعلاقات العربية مع إيران، كم تسمح هذه الظروف للبنان بإنتاج تسوية؟

– كل الظروف متوفرة، وعلى الكتل النيابية في لبنان أن تتحمل مسؤوليتها، وألا تربط نفسها بتطورات إقليمية، وبرأيي أنه جاء وقت الاستحقاق الفعلي الآن، وأتمنى ألا تسقط أقنعة كثيرة وأن يتصرف كل فريق تبعا لما كان يصرّح به.

* في القمة العربية والقمة الإسلامية موقف لبنان الرسمي خرج عن الإجماع العربي. البعض يقول إنه إذا كان هذا نموذجا للمرحلة المقبلة بوجود صهر العماد عون في وزارة الخارجية، فكيف يمكن لهذا النموذج أن يطمئن المحيط العربي؟

– لم نرفض عبثا الدخول بالحكومة، بل لأننا نرى أن هذه التركيبة غريبة وعجيبة، ستؤدي من ضمن ما تؤدي إليه إلى أزمة نفايات والإشكال الحاصل اليوم عن موقف لبنان الرسمي بجامعة الدول العربية ومؤتمر القمة الإسلامي. موقف لبنان الرسمي من المفترض أن يكون أوضح وينسجم أكثر مع المفاهيم التي نؤمن بها. أولا السعودية ليست كأي دولة في ما يتعلق بلبنان، بل هي أقرب صديق في الوقت الحاضر للبنان، ولنفترض على سبيل المثال هي ليست دولة صديقة، فليس من المقبول أن تتعرض سفارة أي دولة من الدولة لما تعرضت له السفارة السعودية في طهران، ومن المفترض أن يأخذ لبنان موقفا واضحا لأن هذه قضية مبدئية، ولكن انطلاقا من «الميوعة» المتحكمة بكل اللعبة السياسية في لبنان وبالأخص بمجلس الوزراء الذي منذ 6 أشهر لم يستطع أن يجد حلا لأزمة النفايات، فهل تريد منه أن يجد حلا لموقف لبنان في القمة العربية أو غيرها؟ الأمور ذهبت بفوضى عارمة كما رأيناها ولم يقدر لبنان أن يعبر عن نفسه بالشكل الذي ينظر به اللبنانيون إلى المملكة العربية السعودية.

* الذي اتخذ الموقف سوف يكون جزءا من أي مشروع مستقبلي!

– أعتقد أن هذا المفصل هو الاستثناء وليس القاعدة، وبالتالي يجب ألا نبني عليه. هو استثناء بسبب فوضى عامة في الساحة السياسية اللبنانية، بالأخص الرسمية منها، وأنا أتذكر تماما أنه من بعد الموقف في مؤتمر القمة العربي، رئيس الحكومة قال هذا موقفنا وهو النأي بالنفس، وبعد موقف القمة الإسلامية قال إن الوزير لم ينسق معه… هذا التخبط ليس لمصلحة لبنان، وأعطى صورة غير حقيقية عن لبنان. صورة لبنان الحقيقية شئنا أم أبينا أن أكثرية الشعب اللبناني هو صديق للسعودية من جهة، ومن جهة أخرى لدينا مبادئ مؤسساتية، ومثلما نرفضها لنفسنا لا نقبلها لغيرنا، وإذا قبلنا أنّ أحدا يهاجم إحدى سفاراتها بالخارج تحت أي حجة فسنقبل أن تهاجم سفارة المملكة في طهران، وإذا حصل تهجّم على السفارة الإيرانية في المملكة فسوف نأخذ الموقف نفسه. مبدؤنا ينسحب على جميع الناس.

* كيف تنظر للدور الإيراني بالمنطقة بالوقت الحاضر؟

– بغض النظر عن الاصطفافات السياسية ولنتكلم بشكل موضوعي. أنا ليس لدي حساسية على أحد وأعتبر أن من واجباتنا أن نحافظ على علاقات لبنان الجيدة مع كل الدول، لكن عمليا لا أقدر أن أبرر موقف إيران من دعم نظام بشار الأسد، هناك أمور ليست مقبولة وليست مفهومة، لا إيران ولا حزب الله ولا أي أحد، ويجب أن يكون هناك حد أدنى من المنطق يجب أن يفرض نفسه.

أريد أن أذكر الجميع أن أول 8 أشهر كانت الثورة السورية سلمية 100 في المائة فمن الذين كانوا ينزلون إلى الشوارع في سوريا؟ هل هم أيضًا يأتون من السعودية وقطر وتركيا وفرنسا وبريطانيا؟ مئات الآلاف في كل مكان في سوريا، أي الملايين في سوريا كانوا يتظاهرون بصدور عارية بمواجهات رصاص النظام، وقتل 10 آلاف متظاهر سلمي في سوريا قبل أن نصل إلى مرحلة العسكرة. كانت هناك ثورة شعبية سلمية في سوريا بغض النظر ماذا حصل بوقت لاحق، والنظام السوري هو من ساعد كما حصل في النظام السابق بالعراق إلى حد ما بإطلاق سراح تكفيريين كونوا فيما بعد تنظيم «داعش».

جميعنا يتذكر إبراهيم القاشقوش وحمزة الخطيب وغيرهما الذين هم مناضلون سوريون سلميون يحاولون الوصول إلى نظام جديد. نحن لا نريد أن يخبرنا أحد عن بشار الأسد لأنه كان عندنا في لبنان فترة من الفترات ونعرف أساليبهم وكيف حبسوا اللبنانيين لمجرد رأيهم السياسي وكم عذبوا وقتلوا، ونعرف من عام 2005 أي 2010 كم اغتيال سياسي حصل. فتذهب إيران إلى دعم هذا النظام؟ ماذا سيكون موقفي منها؟.

باليمن، الرئيس عبد ربه منصور أحببناه أم لم نحبه، أيدناه أم لم نؤيده، فهو رئيس منتخب بنسبة 90 في المائة من أصوات الشعب اليمني، من بعد الانتفاضة التي حصلت على علي عبد الله صالح، وبدأ بعملية سياسية وتجدد له بإطار العملية السياسية التي كانت سائرة والتي كان الحوثيون جزءًا منها، وفجأة نرى احتلالا عسكريا صافيا لليمن بالقوة العسكرية دون أي عملية سياسية، فهذا الدور كيف أستطيع أن أصفه؟ غير أن أقول إنه دور غير بنّاء على الإطلاق.

للأسف هذا هو الدور الإيراني بالمنطقة ولا يمكن أن نستمر بهذه الأمور، أنا أتمنى أن تتصرف إيران بطريقة أن تصبح جزءا من الواقع الطبيعي بالمنطقة الذي لا يمكن أن يصير بقوة السلاح أو الإكراه والقمع وخلايا تخريبية كما في البحرين، بل بالتفاهم مع الأنظمة السياسية الفعلية في المنطقة.

في لبنان مثلا بدلا من أن تأتي إيران ونقوم بعلاقة مع الدولة اللبنانية، هي تركت كل الأحزاب وتضع كل ثقلها مع حزب واحد من الأحزاب اللبنانية وتتصرف مع الحزب بشكل مخالف تماما لأعراف التعاطي بين دولة ودولة أخرى.

نحن حزب سياسي ولدينا علاقات مع دول أخرى انطلاقًا من الواقع اللبناني وتقف العلاقة عند حد التبادل السياسي، مع الدول التي نتفاهم معها على قواسم مشتركة، بالدرجة الأولى فيها يتعلق بنظرتنا للبنان وبالدرجة الثانية بما يتعلق بمفاهيمنا السياسية العامة.

أتمنى على القيادة الإيرانية أن تعيد النظر بكل ما يحصل الآن، إلى ماذا أدى غير خراب كل الدول المعنية من دون أي مكاسب لطهران بالوقت الحاضر، ولكي يكون هناك مكاسب يجب أن تجلس مع الفرقاء العرب المعنيين ويتفاهموا على الأساليب وغيرها، وبالأساليب ممنوع استعمال القوة والخلايا وإرسال السلاح وكل ما شابه، ونتفاهم بما نتفاهم عليه بالسياسة تبعا لإرادة الشعوب.

* بعد الاتفاق النووي، هناك انطباع أن الإيراني أصبح مرتاحًا أكثر بالمنطقة وأنه يترجم رياحته بمزيد من النفوذ ويبدو أن لبنان إحدى الساحات المفضلة له؟

– هذا انطباع خاطئ، أمس بدأ إلغاء العقوبات التي كانت مفروضة على إيران من جراء الملف النووي، وأول من أمس كان أوباما يهدد بوضع عقوبات جديدة، انطلاقًا من قضية الصواريخ الباليستية. فالاتفاق هو اتفاق نووي فقط لا غير وليس له ملاحق سرية ولا ملاحق غير سرية، وأكبر دليل ما يحصل في سوريا واليمن وأي مكان بين الغرب وإيران بالتحديد، فالاتفاق النووي ليس له علاقة بملفات المنطقة الأخرى، ثانيا، المكان الوحيد الذي كان منتظرًا أن ينعكس عليه الاتفاق النووي هو الملف المالي لإيران باعتبار أن يصبح هناك رفع عقوبات وبالتالي مدخول أكبر. وهنا «سبق السيف العزل»، فهبطت أسعار النفط قبل رفع العقوبات بشكل إن ما تجنيه إيران من النفط اليوم أقل مما كانت تجنيه مع وجود العقوبات من سنة واثنين وثلاثة لأن سعر النفط أصبح ربع ما كان عليه تقريبا