IMLebanon

حادثة غرق السائح المصري تتفاعل والآراء تتضارب… فمن المسؤول؟

jeita

ميليسا لوكية

وقع خبر غرق السائح المصري مينا بديع في مغارة جعيتا السفلى يوم السبت المنصرم كالصاعقة على القطاع السياحي الذي يعاني أصلاً من مشكلات عدة، فأعاد إلى الواجهة قضية شركة “ماباس” التي تتولى إدارة هذا المرفق منذ نحو 21 عاماً. وفي حين كثُرت التأويلات في شأن ملابسات الحادث، ينتظر المعنيون نتائج التحقيقات التي ستحسم الموضوع، على أن يُعاد النظر في إجراءات السلامة المتخذة داخل المغارة.

سارعت شركة “ماباس” بعد وقوع الحادث، إلى إصدار بيان أكَّدت فيه أنَّ “حالة تدافع حصلت بين أفراد مجموعة سياحية مصرية كبيرة”، ما أدّى إلى سقوط أحدهم في المياه التي جرفته فعلق في السد. لكن المعلومات الأوّلية التي تناقلتها مصادر عدّة كانت متضاربة، علماً أن فصيلة زوق مصبح بدأت بإشراف النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم، التحقيق والاستماع إلى افادات المسؤولين عن الصيانة والسلامة في المشروع.
وقد أكَّد وزير السياحة ميشال فرعون لـ “النهار”، أنَّ الوزارة “تنتظر النتائج التي ستؤول إليها التحقيقات، ملتزمة بذلك المسار القضائي”، مشيراً إلى أنَّها “تقوم بمسح شامل لتبيان ما اذا كانت اجراءات السلامة المتخذة كافية أم لا، وأنّ أبواب المغارة لن تُفتح قبل التأكد من أنّها أصبحت متكاملة”.
وفي حين أنَّ هذه الحادثة هي الأولى من نوعها منذ 21 عاماً تقريباً، وفق فرعون، ظلّ الشق البيئي في المرفق هاجساً وأولوية بالنسبة إلى الوزارة، معتبراً أنَّ عوامل عدة تضافرت فأدت الى وفاة السائح المصري، أهمها “إمكان تجاوز أفراد المجموعة السياج الحديدي الذي يفصل الزوار عن الزورق التي سيقلّهم، علماً أنَّ عمق المكان الذي سقط فيه لا يتعدّى المتر”.
وتُبيّن المعلومات التي فسّرها رئيس بلدية جعيتا سمير بارود لـ”النهار” واقعاً مغايراً، إذ أكّد أنَّ الكلام الذي صدر عن الشركة المستثمرة “غير دقيق”، متسائلاً “لماذا علينا أن نُلقي باللوم على مجموعة السيّاح؟”.
وتابع “كان المصري مينا بديع يتحدّث مع صديقه، فلم ينتبه إلى أنَّ الزورق الذي سيقلّهم ابتعد نحو 4 سنتيمترات عن المكان الذي كانا واقفين فيه. نتيجة لذلك، سقط في الماء وعلق فتعذر انتشاله”. واعتبر أنَّ “عدم وقوع أي حادث خلال الأعوام الماضية لا يعني أنَّ معايير السلامة العامة متوافرة، لأنَّ الواقع يُبيّن عكس ذلك، إذ كان من الضروري وجود أشخاص مسؤولين عن التأكد من أنَّ كل زائر خاضع للمراقبة ولاجراءات السلامة العامة”.
وكان وزير السياحة سابقاً نقولا فتوش قد اصدر قراراً في العام 1993، تسلمّت بموجبه شركة “ماباس” إدارة مغارة جعيتا، في حين أنَّ خطوة كهذه “ليست من ضمن صلاحيات أي وزير لأنَّها تتطلّب قانوناً يقره مجلس النواب”، بحسب بارود. واعتبر أنَّ فاعلية القرار انتهت قبل عامين تقريباً، لكن فتوش “جدّد للشركة حق الاستثمار في المغارة 5 سنوات إضافية، قبل أن يخطو وزير السياحة سابقاً جو سركيس الخطوة عينها عبر التجديد لها 4 سنوات أخرى”. وبعدما تولّى الوزير فادي عبود حقيبة السياحة، طلب إلى وزارة العدل إبداء رأيها في الموضوع، فاعتبرت أنَّ هذا التمديد “غير شرعي”، فما كان منه إلاّ أن طلب من مجلس الوزراء وقف العمل بهذا التمديد، ولكن “من دون نتيجة”.

التمديد قانوني؟
دفع نبأ وفاة بديع بعض الجهات إلى إعادة تحريك ملف “ماباس”، بذريعة أنَّها تعمل في إطار خارج عن المهلة المحدّدة لها أساساً، وأنَّ التمديد الذي جرى تباعاً غير شرعي. وبذلك، تكون المصيبة قد فتحت أبواباً واسعة لن تغلقها إلاّ نتائج التحقيقات. وبناء على ذلك، سألت “النهار” الوزير سركيس عن القواعد التي استند إليها قبل اتخاذه قرار التمديد للشركة، فأجاب أنَّه “يحق للوزير عادة أن يتّخذ قراراً بالتمديد”.
وأشار الى أنه خلال السنوات التي كان فيها وزيراً للسياحة، أي في الفترة الممتدة من 2005 حتى 2008، “شهدت السياحة تراجعاً كبيراً بفعل ما مرّ فيه لبنان من مصاعب، منها العدوان الاسرائيلي، معارك نهر البارد، سلسلة الاغتيالات وغيرها، فطلبت الشركة مهلة إضافية لتتمكن من تحقيق أرباح تتطابق مع دراستها”.
وعلى غرار ما فعله الوزراء السابقون في ما يتعلّق بإعادة النظر في عقود الشركات المستثمرة في استراحتي صيدا وصور وقصر المير أمين في بيت الدين، وفق سركيس، “اتخذ قرار بالتمديد 3 سنوات لماباس، مع زيادة الضريبة التي تتقاضاها الدولة من الشركة لتعزيز وارداتها”. وختم بأنَّ هذه الخطوة حضّت بلدية جعيتا على التقدم بطعن لدى مجلس شورى الدولة، “فلم يقبل به”.
من جهته، اعتبر وزير الداخلية سابقاً المحامي زياد بارود أنَّ قرار توكيل “ماباس” الاستثمار في المغارة “ليس قانونياً لأنَّه حصل بالتراضي”، لافتاً الى أنَّ السؤال الأهم هو “من هي الجهة المسؤولة عن هذا الحادث؟”.
وإذ أكَّد أنَّه ينتظر نتائح التحقيقات من دون توجيه أصابع الاتهام الى أحد، أكّد أنَّ “ما حصل ليس قضاء أو قدر، بل هو نتيجة غياب شروط السلامة أو عدم كفايتها”.