IMLebanon

“الجنرال” يريد زيارة بنشعي ولكن..

 

aoun-frangier

 

كتبت ملاك مكي في صحيفة “السفير”:

إذا كان الموقف السعودي من ترشيح النائب سليمان فرنجية مماثلاً لذاك المرتبط بهبة المليارالعالقة في خرم ورثة الملك عبدالله وخلافات الأسرة الحاكمة، فيمكن الاستنتاج أن موقف الرياض الحقيقي قد لا يجنح بالضرورة صوب تزكية خيار رئيس «تيار المردة» والتمسّك به كمرشح المرحلة مهما كان الثمن.

تماماً كما لا يمكن الاستنتاج أن المملكة في طور إعلان حكم «الإعدام السياسي» بحق رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعد إقدامه «حيث لا يجرؤ الآخرون» على تأييد ترشيح خصمها المسيحي التاريخي ميشال عون الى سدّة الرئاسة.

السعودية اليوم لا تشبه السعودية بالأمس، وما يمكن أن يترجم أنه موافقة سعودية على مرشّح ما، قد يصبح لدى «جناح» آخر في المملكة رفضاً للمرشّح نفسه!

وإذا كانت الضبابية هي العنوان الأبرز لمواقف القوى الاقليمية، من الرياض الى طهران مروراً بسوريا، من الترشيحات الرئاسية المتتالية، فإن إعادة التموضع لدى القوى السياسية الداخلية على ضوء زلزال معراب لا يوحي بالسير بخطى متسارعة نحو حسم الخيارات.

أول هدف مستتر للقوى التي لم تر في ترشيح جعجع لعون عاملاً حاسماً في بتّ الملف الرئاسي، لمصلحة زعيم أكبر كتلة مسيحية، هو الإخراج المتاح لتجاوز جلسة 8 شباط بأقل الأضرار الممكنة على قاعدة تفادي بعض هذه القوى ان تُتّهم لاحقاً بما كانت تَتّهم به خصومها: تعطيل نصاب الجلسة الـ 35 لانتخاب رئيس الجمهورية.

إذاً، في غياب الخيارات الحاسمة وتجنّب انكشاف «فريق التعطيل» بعد قول معراب كلمتها تأييداً لميشال عون، لا يزال احتمال التأجيل وارداً، خصوصاً ان الرابية متمسّكة بموقفها الرافض والقطعي لجلسة يتواجه فيها ميشال عون وسليمان فرنجية، تماما كما رفضها لانتخاب رئيس لا يحظى بتأييد كل المكوّنات الطائفية. وفي حال عدم التأجيل، فإن المشهد على الأرجح سيبقى على حاله، في ظل مقاطعة عونية للجلسة، وإيحاء من جانب معراب بأنها لن تسجّل على نفسها مقاطعة أي جلسة لانتخاب الرئيس.

في «8 آذار» يجزمون «لا إمكانية لجلسة ينزل فيها ميشال عون الى الجلسة من دون أن يكون سليمان فرنجية داعماً له، أما التتمّة الطبيعية فهي بوجود توافق سنّي ـ شيعي على الترشيح هو غيرجاهز حتى الآن. والأمر نفسه ينطبق على ترشيح فرنجية.. إذاً، لا رئاسة في المدى المنظور».

وفيما يُبدي هؤلاء استياء من «تفاعل» بعض المسؤولين العونيين مع مطالبات سمير جعجع لـ «حزب الله» بتحديد موقفه من ترشيح عون بشكل استفزازي، فإن «لغم» البند السابع في ورقة «إعلان النيات» (عدم السماح باستعمال لبنان مقراً أو منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين) يقابل ببرودة لافتة من جانب «حزب الله» على قاعدة أن «الاحتكام لا يكون سوى للبيانات الوزارية للحكومات».

باعتقاد كثيرين أن نيل عون «بَصمة» جعجع على ترشيحه كان لها أثرها الأول والمباشر على تكريس الفصل بين ترشيحَي «الجنرال» و «البيك». تجزم المعلومات أن منسوب الحساسية بين الطرفين لامس الخط الأحمر. لم يعد المقرّبون من عون وفرنجية يجدون حرجاً في قول الأمور كما هي في الإعلام بعدما صار «النأي بالنفس» عن المواجهة المباشرة خلف الظهور، الى حدّ أن إعطاء أي فريق سياسي من الحلفاء رأيه بترشيح هذا أو ذاك، يستدعي اتصالات من جانب مؤيّدي «الجنرال» أو «البيك» إما للاعتراض أو للثناء!

يمكن ببساطة تخيّل تداعيات انسحاب فرنجية العلني بعد «احتفالية معراب» ليصبح عون مرشّح التوافق باستثناء «تيار المستقبل». سيكون الأخير معنياً وحده، دون سائر القوى السياسية، بتبرير تعطيله جلسة انتخاب لا ينقصها سوى الكتلة السنّية المؤتمرة عملياً بالفيتو السعودي، والتي سبق أن فاوضت ميشال عون على الرئاسة و «وَعَدته خيراً». لكن هذا لم ولن يحدُث. «البيك» مستمرّ بترشيحه اقتناعاً وليس التزاماً فقط بإملاءات الرئيس سعد الحريري، فكيف حين تحضر مشاهد من جولات اللقاءات السابقة بين «المردة» و «القوات اللبنانية».

يعرف «المردة» في سرّهم ما يمكن أن تكون شملته جولات التفاوض بين العونيين والقواتيين، لأنهم سبق واختبروا دهاليز المناورات القواتية خلال مرحلة التقارب مع معراب. هذا التقارب كان توقّف كلياً قبل فترة من إقدام الرئيس الحريري على الترويج لورقة سليمان فرنجية. بعدها أيضاً بقيت الاتصالات مجمّدة بين الطرفين.

يُصرّ «المردة» اليوم على وجود بنود غير مرئية في ورقة «إعلان النيات»، في وقت يكشف مطّلعون أن التفاوض آنذاك وصل الى حدّ الحديث برئاسة الجمهورية وملامسة الحديث في ترشيح فرنجية بشيء من الواقعية، لكن جواب بنشعي الجاهز أفاد بالآتي: لا يكفي الغطاء القواتي، لأن الحاجة الأساسية هي للإجماع الوطني!

يرغب عون بردّ الزيارة لسليمان فرنجية في بنشعي على قاعدة الطلب منه السير في ترشيحه، لكن من دون الالتزام بـ «الخطة ب» التي تفرض انتقال الرابية الى صفوف ترشيح «البيك» في مرحلة لاحقة. ما يؤخّر هذه الزيارة حتى اليوم ليس وجود الوزير باسيل في الخارج، إنما إصرار عون على أن تنتج الزيارة قراراً واضحاً بسحب ترشيح فرنجية وتأييد عون للرئاسة.. واقناع الحريري بهذا الخيار!