IMLebanon

رئيس «شتات أويل»: طبيعة أسواق الطاقة مُتقلّبة ودورية

Statoil
ريتشارد ميلن

في أول مرة تم فيها عرض وظيفة الرئيس التنفيذي لشركة شتات أويل على إلدار سايتر، رفضها. بدلاً من ذلك، فإن المدير المالي السابق لشركة النفط النرويجية الكبيرة أصبح الرئيس التنفيذي بالوكالة في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2014، في الوقت الذي كان يبحث فيه مجلس الإدارة عن بديل بدوام كامل.

يقول سايتر عن رحلته لمدة خمسة أشهر ليُصبح قائد الشركة التي تُسيطر عليها الحكومة: “إنها دراسة في طبيعة البشر”.

المقاربة الأولى أخذت سايتر الذي كان يبلغ من العمر 58 عاماً في ذلك الحين على حين غرّة. يقول في مقابلة على منصة الغاز سلايبنر التابعة لمجموعة شتات أويل في وسط بحر الشمال: “لم يكُن لدي أبداً أي طموح لأُصبح الرئيس التنفيذي. لم أعتقد أنه سيُطلب مني. كان الأمر بعيداً جداً بالنسبة لي”.

سايتر، الذي يجلس في المكتب الصغير لمدير المنصة، مع منظر بحر متلاطم من النافذة، هو الرئيس التنفيذي إلى حد كبير الآن. تزامن عامه الأول في المنصب مع واحدة من أشد حالات الانخفاض في أسعار النفط – يقول، بوجه يخلو من التعبير: “لقد كان توقيتاً مثالياً”.

شركة شتات أويل لم تُخفّض التكاليف والاستثمارات فقط تحت قيادته بل بدأت أيضاً بتوقيع عقود لأكبر اكتشاف في بحر الشمال منذ عقود -أي حقل يوهان سفيردروب.

إن شركة شتات أويل اشترت حصة بنسبة 12 في المائة في شركة لوندين بتروليوم، الشركة السويدية حديثة النعمة وراء الاكتشاف الأصلي.

سايتر -الذي جاء من الأصول الجادة التي تعمل بجد ومُتحفّظة نوعاً ما مثل سلفه، هيلجه لوند- لا يزال إلى حد ما غير معروف في صناعة نفط مُعتادة على الشخصيات البطولية. هذا على الرغم من حياة مهنية تزيد على 35 عاماً في شركة شتات أويل، مع سبعة منها في منصب كبير الإداريين الماليين.

في الواقع، الأمر الأكثر إثارة للدهشة الذي ذكره كثيرون ممن في الصناعة كان تردّده الأولي ليُصبح الرئيس التنفيذي. يقول سايتر إن القرار لتولي المنصب على أساس مؤقت كان قراراً تم اتخاذه بسهولة وبسرعة: يقول على سبيل الشرح البسيط: “أنا مخلص للشركة”.

في ذلك الوقت، أشار إلى أن عمره، حيث كان 58 عاماً مقارنة بعمر 51 عاماً للوند، وقد كان ذلك عاملاً حاسماً. عندما بدأ يعمل كرئيس تنفيذي بالوكالة، بدأ يُغيّر رأيه.

يقول: “الخبرة التي تحصل عليها، ومستوى الثقة، تحصل على الشعور أن بإمكانك إحداث تأثير، فرق. أنا بشر وأحب أن أكون موضع تقدير”.

لذلك عندما طلب منه رئيس مجلس الإدارة مرة أخرى في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2014، كان أكثر انفتاحاً للفكرة وبحلول شباط (فبراير) من العام الماضي، أصبح الأمر رسمياً.

من نواح عديدة، سايتر هو رئيس تنفيذي نرويجي نموذجي. حيث يأتي من منطقة سانمور على الساحل الغربي للنرويج، المعروفة بسكانها الذين يعملون بجد ويعيشون ببساطة.

ليس لديه كثير من الوقت للتهوّر أو العبث. ويُفسّر غيابه عن أي نوع من أنواع وسائل الإعلام الاجتماعية بالقول إنه يعرفها، لكنه يُفضّل المضي بالجوانب العملية لإدارة أي شركة.

كان والده يعمل نجارا، يبني المنازل الخشبية النرويجية التقليدية. سايتر كان مفتوناً بحسابات والده المكتوبة بخط اليد، التي أثارت اهتماماً في المجال المالي الذي قاده في نهاية المطاف إلى شركة شتات أويل، حيث ساعد في عملية إدراج أسهمها في البورصة وعملية الدمج الكبيرة فيها مع الشركة المنافسة المحلية هيدرو.

خلفيته الريادية الواضحة تمتد إلى أسلوبه في الإدارة أيضاً. يقول، وهو يرتدي الزي البحري الشائع للصناعة المكون من قميص مُخطط وسروال جينز: “أنا في غاية البساطة، أنا لست من نوع الناس الممجّدين الرائعين الذين يحبون الحديث عن أنفسهم. أنا أحب إنجاز الأمور”. لكنه يُضيف أنه تعلّم قبول الظهور الإعلامي الذي يأتي مع الوظيفة.

إذن، سايتر، الجالس على المنصة التي يمر من خلالها نحو 40 في المائة من كل الغاز النرويجي في طريقه عبر الأنابيب إلى أماكن مثل زيبروج، يتحدّث عن حبه التوأم لفرقة البيتلز ونادي ليفربول لكرة القدم، الذي يهدف لمشاهدته عدة مرات في كل موسم.

مع ذلك، من الواضح أنه أكثر راحة عند الحديث عن شركة شتات أويل ومسائل أكثر جدّية. ردّاً على سؤال يتعلّق باللحظات الأكثر صعوبة التي واجهها في الشركة، قال إنه ليس شخصا يمكن أن يسعى إلى مثال سطحي ليُظهره بشكل إيجابي.

بدلاً من ذلك، يختار الهجمات الإرهابية في عين أميناس في عام 2013 عندما قُتل خمسة عمال من شتات أويل و35 شخصا بريئا آخر في الجزائر. كان يعرف عددا من العمال القتلى ويقول: “كانت تجربة صعبة للغاية شخصياً، وصعبة جداً على الشركة”.

إن شركة شتات أويل تعلّمت عدة أشياء من هذه التجربة: “كوننا صادقين بشكل كبير مع أنفسنا. هذا ليس جيدا بما فيه الكفاية. كنّا بحاجة إلى إعادة التشكيل والتعديل. لا يمكن أن يحدث هذا مرة أخرى، بأي حال من الأحوال”.

تحدّيه الحالي هو أقل خطورة لكنه لا يزال مُرهقا: التعامل مع أسعار النفط التي انخفضت هذا الشهر إلى 28 دولارا للبرميل، أدنى مستوى لها منذ عام 2003، مقارنة بنحو 90 دولارا عندما استلم المنصب.

يقول إن شركات النفط تُصبح مُعتادة فوق الحد على أسعار النفط المرتفعة. “لقد نسينا أن الطبيعة الأساسية للنفط والغاز مُتقلّبة ودورية … وأنا لا أستطيع تحمّل التفكير بطريقة السعر البالغ 100 دولار الآن”.

لذلك تم خفض التكاليف، وخفض الوظائف، وتم تأجيل المشاريع، وتعزيز الفعالية على منصات مثل سلايبنر. يقول سايتر إن التأجيل أو خفض التكاليف هو مجرد أمر واحد؛ “ما أريد أن أفعله فعلاً هو التحسين”.

مثل معظم الناس الذين في الصناعة، يعتقد سايتر أنه سيكون هناك ارتفاع في أسعار النفط، حتى، وإن كان يستعد لحالات الطوارئ في حال بقي السعر منخفضاً لبقية هذا العام وحتى العام التالي. وهو يجادل بأن شركات النفط تحتفظ بكثير من الإمدادات إلى درجة أنه لا بد أن تنتعش الأسعار.

يقول: “كلما دام الانكماش لفترة أطول، من الممكن أن يكون الانتعاش أكثر قوة، لكنني لا أعرف متى ولا أعرف كم من الوقت سوف يستغرق الأمر”.

ما هو متأكد منه هو أن النفط والغاز سيظلان جزءا من مزيج الطاقة، على الرغم من اتفاقية المناخ في باريس، التي دعمتها شركة شتات أويل بحماس.

“سيكون النفط والغاز موضوعا شائكا من وجهة نظر مناخية. ليس هناك أي سيناريو يمكنك من خلاله الابتعاد عن شيء يمثل 50 في المائة من كمية الطاقة في العالم”.

بدلا من ذلك، يجادل بأنه ينبغي تفضيل الهيدروكربونات الأنظف. من الأهمية بمكان، أن ذلك يعني بالنسبة له عدم وجود فحم ونقاط إضافية، لمشاريع مثل حقن ثاني أكسيد الكربون في قاع البحر الذي يجري في سلايبنر.

طلبت الحكومة النرويجية من شركة شتات أويل البحث في مشاريع أخرى لاقتناص الكربون، التي لا تزال تكنولوجيا وليدة بعد مرور 20 عاما على بدايتها في سلايبنر. وسايتر واضح حيال ما هو مطلوب: “يمكننا أن نفعل ذلك من أجل المودة، وعن حسن نية، لكن في النهاية نحن بحاجة إلى الحوافز”، مضيفا أن اقتراحه هو فرض نوع من الضرائب على الكربون.

وما أثار استياء دعاة حماية البيئة هو أن شركة شتات أويل ستواصل التنقيب عن النفط في المنطقة القطبية الشمالية. يقول سايتر إنه متحمس بإطلاق هذا العام لأول مساحات جديدة في النرويج لمدة عقدين بما يشمل منطقة بحر بارنتس المتاخمة لروسيا.

على عكس آلاسكا، المكان الذي انسحبت منه كل من شركة شتات أويل والشركة الأكثر بروزا رويال داتش شل الهولندية، يصر سايتر على أنه “يمكننا جعل الأمور ناجحة” في القطب الشمالي النرويجي بمياهه الضحلة نسبيا.

تشير الصفقة غير المتوقعة لشراء حصة في لوندين إلى أن “شتات أويل”، التي لديها بعض أدنى الاحتياطيات في الصناعة مقارنة مع حجمها، تبحث عن مقتنيات أخرى معقولة. لكن سايتر يشير إلى أن صدمة أسعار النفط كانت كبيرة جدا حيث إن هناك قليلين ممن يشعرون بالثقة التامة في الوقت الراهن.

“في كثير من مجالس الإدارة، تجدهم مهتمين بشركاتهم الخاصة بهم. ويشعرون بحالة من عدم اليقين. فهم يحتاجون إلى السيطرة على قاعدة التكلفة لديهم. لا أحد لديه إجابة”.

الرأي الثاني: إلدار سايتر المحلل

يظهر إلدار سايتر على أنه من عامة الناس، أو، في هذه الحالة، واحد من موظفيه في شركة شتات أويل، بحسب ما يقول كريستيان يجيسيث، المحلل لدى آركتيك للأوراق المالية. ويبدو أنه على اتصال أكبر بمنظمته مقارنة بسلفه، هيلجه لوند، مضيفا أنه لم يستمع حتى الآن لأي انتقاد موجه له من موظفيه، رغم الفترة الصعبة من تسريح العاملين.

يقول: “خلال فترة التراجع، استمرت طبيعته الهادئة والواثقة، ما يعطي شعورا بالسيطرة على الوضع. بعد سنوات ما يعتبر بأنه وضع مكلف خارج عن نطاق السيطرة داخل شتات أويل، يبدو سايتر بأن لديه رؤية واضحة وطموحا بإعادة الاستدامة مرة أخرى”.

السيرة الذاتية

تاريخ الميلاد – الثامن من شباط (فبراير)، 1965، في أورستا، غربي النرويج.

الدراسة – درجة الماجستير في اقتصاد إدارة الأعمال، كلية الاقتصاد النرويجية في بيرجين.

التاريخ المهني:

1980: الانضمام لشركة شتات أويل.

2003-2010: كبير الإداريين الماليين، شتات أويل.

2011 – 2014: رئيس التسويق والتصنيع والطاقة المتجددة، شتات أويل.