عدنان عبد الرزاق
استغل نظام بشار الأسد عدم جدية المواقف الدولية، تجاه القضية السورية، بعد التدخل الروسي، ليطالب بالأموال المحتجزة والمجمدة نتيجة العقوبات الدولية التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية ودول عربية عامي 2011 و2012، عقب اندلاع الثورة، ويأتي هذا التحرك بعد أن فشلت المعارضة السورية في استرداد هذه الأموال طوال 5 سنوات.
وحسب مصادر سورية ” تستعد حكومة الأسد لاتخاذ إجراءات قانونية لمخاطبة الحكومات والمصارف العالمية التي تحتجز الأموال”.
وعمّمت رئاسة مجلس الوزراء السوري بالعاصمة دمشق، مؤخراً، على جميع مؤسسات القطاع العام، بضرورة موافاة وزارة العدل ببيانات الأموال المجمدة والمصادرة لدى المصارف العالمية وتخص القطاع العام، نتيجة العقوبات المفروضة عليها.
كما طلب التعميم من المؤسسات والشركات العامة إرسال وثائق الدعاوى القضائية المرفوعة أو قيد الرفع بخصوص هذه الحسابات إن وجدت، وتم تحديد شهر للرد وإرسال جميع الوثائق المطلوبة للحكومة.
وكشفت مصادر سورية، لـ “العربي الجديد”، أنه سيتم اتخاذ إجراءات قانونية للمطالبة باسترداد الأموال المجمدة، وستتولى وزارة العدل هذه المهمة باعتبارها الممثل القانوني للنظام.
وأضافت المصادر، أن حجم الأموال المحتجزة ليس كبيراً بالنسبة للقطاع العام، موضحة أن هذه الأموال معظمها تم احتجازه حينما دفعتها الحكومة لبعض الشركات للقيام بمشاريع في البلاد إلا أنه تم تجميدها بعد فرض العقوبات عليها عقب اندلاع الثورة السورية.
وفي هذا السياق يقول رئيس تجمع المحامين الأحرار المعارض، غزوان قرنفل، لـ “العربي الجديد”، إن النظام السوري يسعى لخوض تلك المعركة القانونية ليس لأجل استعادة الأموال المجمدة، بل لاستعادة شرعيته التي يرى أن فرصته قد حانت لاستردادها، في ظل الظروف السياسية الداعمة لمواقفه.
وحول مدى قانونية مطالبة حكومة الأسد بهذه الأموال، يقول قرنفل، إنه بشكل قانوني، يحق للنظام أن يلجأ للسبل القضائية لاسترداد تلك الأموال، خصوصا أنه ما يزال يمثل الشرعية للدولة السورية، لكن ليس بالضرورة أن يتمكن من تحقيق النتيجة المأمولة خصوصا أن تلك الأموال ستوظف في خدمة المجهودات الحربية التي يوجهها ضد شعبه.
ويأتي تحرك النظام بعد خمس سنوات من تجميد الأموال، لأنه بدأ يستشعر أن المواقف الدولية ضده لم تعد متماسكة حيث بدأ يستعيد شرعيته ليس عبر الشعب ولكن عن طريق التخاذل الدولي، حسب قرنفل، الذي توقع رد المعارضة عبر الطرق القانونية أيضاً، سواء لمنع الأسد من استرداد الأموال المجمدة، أو للطعن بالعقود والاتفاقات التي يبرمها مع حلفائه لإرهاق السوريين والاقتصاد لعقود.
ولا توجد إحصائية رسمية لحجم الأموال المنهوبة من سورية، إلا أن تقديرات تقول إنها تتراوح بين 35 و40 مليار دولار، عدا عن الأموال المنهوبة بأسماء مقربين من النظام أو بأسماء وهمية.
وحسب المعارضة السورية، قوبل ملف استرداد الأموال المنهوبة باللامبالاة من الدول المستضيفة لأموال سورية، رغم المطالبات المتكررة من اللجنة القانونية المشكلة من المعارضة لهذا الغرض برئاسة القانوني هيثم المالح.
وفي هذا الإطار، قال الأمين العام السابق للائتلاف المعارض، نصر الحريري، لـ”العربي الجيد”، إن المكتب القانوني بالائتلاف أرسل العديد من المذكرات للمنظمات والدول المستضيفة لاسترداد الاموال المنهوبة، ولكن لم يتم إنجاز شيء حتى الآن، سوى تجميد بعض الأموال، وليس تحصيلها وإعادتها للشعب السوري والمعارضة.
وفي المقابل، شدّد نقيب محامي سورية نزار علي السكيف، على ضرورة رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية لاسترداد الأموال المجمدة باعتبار أنه يدخل ضمن اختصاصها، كاشفاً أن النقابة دعت في وقت سابق إلى رفع دعوى لاسترجاع الأموال المحتجزة في المصارف العالمية.
وقال السكيف خلال تصريحات صحافية أول أمس، إن النقابة ستقدم كل خبراتها للمساهمة في أي إجراء تتخذه الحكومة في حال طلب منها ذلك، مؤكداً أنها تمتلك خبرات كبيرة، إضافة إلى أنها جزء من مؤسسات الدولة، ولذلك من الطبيعي أن تساهم النقابة في استرجاع الأموال المحتجزة للدولة.
بدوره، تساءل الاقتصادي السوري عماد الدين المصبح، هل زالت الأسباب التي فرضت لأجلها العقوبات وجمّدت الأرصدة؟ أم أن النظام السوري الذي مازال يقتل شعبه، لم تتم محاسبته على الجرائم التي وثقها المجتمع الدولي وأصدر بناء عليها تلك العقوبات.
ويضيف المصبح لـ “العربي الجديد”، هذه مسألة قانونية بحتة، متسائلاً: هل توافق المحكمة على قبول الدعوة القضائية؟
وقال، إن ما تم تعميمه من حكومة الأسد، يخص في معظمه الأموال المصادرة في الدول العربية، إذ إن التعاملات والعقود الاقتصادية بين الوزارات السورية وشركات أوروبية وأميركية، كانت محدودة، قبل الثورة.