ظهور بونو في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، جنبا إلى جنب مع قادة العالم، والرؤساء التنفيذيين وغيرهم من أعضاء النخبة العالمية، أصبح أمرا شائعا كالثلج في منتج الجبل في الأعوام الأخيرة، لكن هذا الأسبوع، عندما وصل المُغني الرئيسي لفرقة U2 إلى سويسرا، سيكون ذلك بمناسبة ذكرى خاصة.
لقد مضى عقد منذ ذهاب النجم إلى المنتدى الاقتصادي العالمي لإطلاق حملة ريد، حملة مميزة بدأت لإنهاء انتقال فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز من النساء الحوامل إلى أطفالهن الذين لم يولدوا بعد.
من ضمن شركاء حملة ريد الأوائل، التي وصفها بيل جيتس بأنها مثال على “الرأسمالية الخلّاقة”، كان هناك شركات ستاربكس وأبل ونايك، التي صنعت المنتجات تحت العلامة التجارية ريد، وتبرعت بالأرباح لمكافحة مرض الإيدز في إفريقيا. جمعت الحملة على مدى الأعوام العشرة الماضية أكثر من 350 مليون دولار.
يقول بونو، مُتحدّثا إلى “فاينانشيال تايمز” عبر الهاتف من “دبلن الفوّارة”، قبل يوم من التوجّه إلى دافوس: “المسؤولية الاجتماعية للشركات هي عبارة ذات استعمال شائع الآن، لكنها لم تكُن كذلك في ذلك الحين”. الهدف من حملة ريد، التي حلُم بها مع بوبي شريفر، المحامي الأمريكي وابن شقيقة جون إف. كينيدي، كان إشراك الشركات، وزبائنها وموظفيها في مكافحة الإيدز، بتشجيعهم على صناعة وتسويق المنتجات التي تحمل العلامة التجارية ريد، بدلا من مجرد كتابة شيك.
“فهمت حملة ريد في وقت مبكر أن المسؤولية الاجتماعية للشركات، لم تكُن فقط كيف تمنح الشركات أموالها، بل أيضا كيف تجني الشركات الأموال”.
الآن، التحدي الذي يواجه بونو وحملة ريد هو العقد المُقبل. لقد وقّع شركاء جُدد، ولا سيما بنك أوف أمريكا، الذي في عام 2014 تعهد بمبلغ 10 ملايين دولار لحملة ريد، وتبرّع بدولار واحد عن كل نسخة مجانية من أغنية فرقة U2 “انفيزيبل” تم تحميلها في يوم بطولة الرابطة الوطنية لكرة القدم من ذلك العام.
كما تعهد البنك أخيرا بمبلغ 10 ملايين دولار أخرى وشرع في مبادرات تتضمن عرض صور على أجهزة الصراف الآلي التابعة له، التقطها المصوّر رانكين لأمهات مُصابات بفيروس نقص المناعة البشرية وأطفالهن، الذين ولدوا غير مُصابين بالفيروس بفضل أمهاتهم اللواتي تناولن الدواء المُضاد للفيروس.
يقول بريان موينيهان، الرئيس التنفيذي لبنك أمريكا: “إذا تمكّنا من وضع هذه الأدوية باستمرار في أيدي هؤلاء الأمهات، فلن ينقلن (المرض) إلى أطفالهن وبإمكاننا وقف نموه”.
يقول بونو إن الأموال التي تولّدها حملة ريد تُعتبر “حاسمة للناس الذين تُنقذ حياتهم”. بنفس القدر من الأهمية، يقول، “هو الإثارة، الحماس”، الذي ولّدته الحملة من حيث تثقيف الناس الذين ربما لم يُفكّروا بعناية بشأن وباء الإيدز. “يُمكن الذهاب الآن إلى أي جهاز صرّاف آلي تابع لبنك أوف أمريكا في توليدو، أوهايو، وسترى صورة لأطفال ولِدوا غير مُصابين بمرض الإيدز بسبب حملة ريد. هذا له تأثير كبير”.
لقد أدرك في وقت مبكر أنه سيكون من المستحيل الحصول على الدعم السياسي لخططه، إذا كان لم يكُن بالإمكان جلب حجم مشكلة الإيدز إلى البلاد إلى الناس الذين قد يكونون غير مُدركين تلك المشكلة.
يقول ضاحكا: “أذكر عندما كنت أجلس في مكتب (زعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ) بيل فيرست حين قال، ’أنا أريد التعامل مع هذا الأمر، لكن عندما أكون في حفلة شواء خنزير، لا أسمع عن الأمر من دائرتي الانتخابية‘. كان يعني أن علينا أن نكون أينما وجد الناس”.
الأموال التي يتم جمعها من مبيعات منتجات حملة ريد تُدار من قِبل الصندوق العالمي، وهو شراكة غير ربحية تهدف إلى القضاء على فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز، والملاريا والسل.
الصندوق، الذي يوزّع أربعة مليارات دولار سنويا، التي توفّرها الحكومات الدولية أساسا، يقول إن حملة ريد كانت أكبر الجهات المانحة من القطاع الخاص.
مارك ديبول، المدير التنفيذي للصندوق العالمي يرى أن: “الأمر لا يتعلّق بالمال فحسب، بل يتعلّق بإشراك الشركات الشركاء والناس الذين يعملون لمصلحة هذه الشركات للتعريف عن فيروس نقص المناعة البشرية، والفرصة لإنهاء الوباء. عندما يتحدث أي رئيس تنفيذي إلى رئيس دولة إفريقية عن فيروس نقص المناعة البشرية، يكون له تأثير كبير – أكثر بكثير من شخص يعمل في مجال الصحة العالمية”.
قتل مرض الإيدز نحو 39 مليون شخص، والأمهات المُصابات بالفيروس يواصلن نقله إلى أطفالهن الذين لم يولدوا بعد، لكن عدد نقل الفيروس يتراجع، وذلك وفقا لديبول، بفضل زيادة توفير الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية.
يقول بونو: “كان هناك 700 ألف شخص يأخذون الدواء عندما بدأنا حملة ريد؛ الآن يوجد 15 مليون شخص”. ويقول ديبول إن نهاية الوباء في الأفق. “القضية الكبيرة الآن هي الإبقاء على مشاركة الناس. إذا بنينا على ما قمنا به خلال الأعوام الـ 15 الماضية، فبإمكاننا السيطرة على الوباء … حتى نحصل على لقاح. الأمر الذي سنفعله”.
حملة ريد ليست المثال الوحيد على “الرأسمالية الخلّاقة” التي تدخل السوق في الأعوام الأخيرة. على سبيل المثال، حفّاظات بامبرز، العلامة التجارية المملوكة لشركة بروكتر وجامبل، أطلقت حملة حزمة واحدة = لقاح واحد في عام 2006 لمكافحة مرض التيتانوس في الأمهات والأطفال الرضّع في البلدان الإفريقية والآسيوية. مع الدعم من نجوم مثل أوبرا وينفري، جمعت الحملة أموالا للقاحات تُقدر بـ 300 مليون لقاح. شارك الراحل ستيف جوبز في حملة ريد، من خلال تصميم وبيع أجهزة الآيباد المميُزة بالعلامة التجارية لحملة ريد. وقد حافظت شركة أبل على ارتباطها منذ وفاة جوبز عام 2011.
قبل عامين، أقام جوناثان آيف، كبير الإداريين للتصميم في شركة أبل، وزميله مارك نيوسون، مزادا للمنتجات المُصمّمة خصيصا، بما في ذلك كاميرا نوع لايكا ديجيتال رينجفاندر قام الرجلان بتعديلها، التي بيعت مقابل 1.8 مليون دولار. جمع المزاد 13 مليون دولار لحملة ريد، قابله تبرّع بنفس القدر من مؤسسة بيل أند ميليندا جيتس.
هل يعتقد السير جوناثان أن حملة ريد قد أثّرت في طريقة تفكير الشركات في المسؤولية الاجتماعية للشركات؟ يقول معترضا: “أنا مهتم بكيف تشعر الأم التي لا تزال ابنتها على قيد الحياة، أكثر بكثير مما إذا كانت حملة ريد تملك تأثيرا في الشركات الأخرى”.
ويُضيف: “الأمر الذي أدهشني أول مرة كان حجم وبشاعة المشكلة التي عادة تكون السبب في ابتعاد الناس. لقد أحببت الطريقة التي نظر إليها بونو على أنها مشكلة يجب حلّها”.
كريستي تيرلينجتون بيرنز، عارضة الأزياء الأمريكية، كانت من أوائل الداعمين لحملة ريد، حيث ظهرت في الإعلان التجاري ريد جاب، وقد بدأت منذ ذلك الحين المجموعة غير الربحية الخاصة بها – إيفري ماذر كاونتس ’كل أم مهمة‘ – التي تهدف إلى إنهاء حالات الوفيات التي يُمكن تجنّبها عند الولادة.
وتقول إن حملة ريد كانت بمثابة دليل جيد بالنسبة لمجموعتها “لرؤية كيف يُمكن إقامة شراكات لتوسيع مجال وصولك بطريقة قوية”.
يقول بونو إن عليه المكافحة لإبقاء مرض الإيدز يتصدّر العناوين الرئيسة. “عندما بدأنا (حملة ريد) كانت أزمة الإيدز العالمية تتصدّر الأنباء. بعد بضعة أعوام، أصبحت الأزمة المالية هي التي تتصدّر الأنباء”. ويُضيف أن حملة ريد الآن عليها “التفكير بطريقة مختلفة”.
لقد تم إطلاق عدة أسماء على مزيج حملة ريد من بريق المشاهير، والقوة المؤسسية والمنتجات التي تتراوح من أوعية ريد لو كريست إلى قمصان جاب، بما في ذلك تسويق القضايا والنزعة الاستهلاكية الواعية. يسأل: “هل النزعة الاستهلاكية الواعية موجودة فعلا؟ أعتقد أنها موجودة. أنا أشاهد بناتي – حيث يُفكرّن أين سينفقن أموالهن ويُفكّرن في القيم. المُستهلك يتغيّر … حيث لديك القوة السياسية في قوتك الإنفاقية”.