كتب داود رمال في صحيفة “السفير”:
ثمة ضبابية تطغى على مواقف الديبلوماسيين الاجانب حيال ماهية المرحلة اللبنانية المقبلة، خاصة على صعيد البند الرئاسي. كل من يلتقي السفراء الاجانب يستشف انهم يكثرون من الكلام، قبل ان يوجهوا السؤال الى الآخر: ما الذي تعتقد انه سيحصل؟
تقول أوساط التقت مؤخرا بأكثر من ديبلوماسي اجنبي، ان هناك اهتماماً جانبياً وليس رئيسياً بالوضع اللبناني، باستثناء البعض الذي يربط الوضع اللبناني بمستقبل سوريا اقتصاديا، والتي سيعاد إعمارها بعد الدمار الكبير الذي حل بها. وقد وصل الامر بممثل دولة معنية مباشرة بالملف الرئاسي الى حد القول، بعد «مشهدية معراب»، انه «في موضوع الانتخابات الرئاسية انا ضائع ولم اعد استوعب كثيرا ما يحصل»، ما يعني حسب اوساط سياسية رفيعة «يأسا من امكانية انضاج تسوية لبنانية ـ لبنانية للملفات العالقة».
يأتي هذا الامر علما ان اهتمام الدول، وبنسبة كبيرة جدا، هو اليوم في المجال الاقتصادي، حتى ان الدول الكبرى تبلغ تعليمات واضحة الى سفرائها في الخارج بأن يعملوا على تأمين عقود البيع للشركات التي تنتج وتصنّع في مجالات مختلفة.
وفي الموضوع السوري، تلفت الاوساط النظر الى «دخول العامل الاقتصادي كسلاح في الحرب الدائرة منذ اللحظة الاولى، وهذا ما يشير اليه بوضوح المسؤولون الروس الذين يؤكدون انهم مبدئيين في المواجهة الدائرة في سوريا رغم الضغط الاقتصادي الهائل الهادف الى كسر روسيا». ويعتبر هؤلاء ان ما يريح لبنانيا هو الاستقرار السائد، ولولا مساهمة «حزب الله» الحاسمة، خلال سنتين تقريبا من الشغور وتعطل المؤسسات، لكانت الامور تدهورت.
لكن الاوساط تؤكد أن «عمليات الاستطلاع ومحاولات جسّ النبض الرئاسي متواصلة لبنانيا، لكن لا صدى دوليا حاسما حتى الآن، وبالتالي اذا لم يصدر عن طاولة الحوار الوطني بيان مكتوب يتضمن نقاطاً تفصيلية حول سلة متكاملة وبموافقة الجميع، من الصعب انتخاب رئيس جمهورية».
كيف قرأت العين الديبلوماسية «مشهدية معراب»؟
لحدث معراب ثلاثة دوافع:
أولا، شعور سمير جعجع ان انتخاب سليمان فرنجية بات جديا، لذا فقد اعتبر انه اصبح محشورا في الزاوية، بعدما تأكد ان الفاتيكان وفرنسا والولايات المتحدة ساروا جميعهم بخيار فرنجية ولا معارضة اقليمية عليه، فاعتبر الامر بمثابة حياة او موت فعمد الى تخطي السعودية.
ثانيا، عامل الخوف من فرنجية الذي جمع اعداء الامس ميشال عون وجعجع، فحاولا ان يظهرا في مشهدية مصالحة.
ثالثاً: حاولا تقديم المصالحة بينهما باعتبارها «مصالحة مسيحية تاريخية» في مواجهة التقاء مصلحي وموضعي بين الرئيس سعد الحريري وسليمان فرنجية.
السؤال اليوم، تقول الاوساط، «هل ينسحب فرنجية او يستمر؟». قناعة فرنجية بالاستمرار لها ما يبررها لانه يعرف ان حظوظه اكبر من كل المرشحين. السؤال الآخر، هل ينزل عون وفرنجية الى مجلس النواب بعدما فهم من موقف البطريرك الراعي انه مع تنافس الاثنين؟ علماً أنه بات معروفا ان عون لا ينزل الى المجلس في ظل منافسة أحد.
كل التقديرات تشير الى ان استمرار حصر الحديث بأشخاص لن يوصل الى نتيجة، إذ لا بد من سلة وافكار تحتاج الى عمل ومثابرة، لذلك فان مشهدية معراب لا تكفي، لان الخيار ليس بين عون وفرنجية، انما حول منطقة تتحرك، الروس يتحركون، وهناك مساع لمصالحة ايران والسعودية، مع اهتمام اقل بلبنان، «والبترول يتراجع ومعه الاقتصاد».
وتختم الأوساط «نحن بحاجة الى شخص يدير البلد، والعقلاء في البلد مرتاحون الى حزب الله لجهة تصرفه بحكمة ومحافظته على الامن وتحكيمه العقل مع الشجاعة والبطولة».