IMLebanon

هل تؤدي “الفيتوات” المتبادلة إلى “دوحة ثانية”؟

 

doha-agreement1

 

كتبت ريتا صفير في صحيفة “النهار”:

فيما “يتنقل” الاستحقاق الرئاسي اللبناني بين العواصم الاوروبية ليحط رحاله في باريس بعد روما، كشفت ردود فعل القوى السياسية المحلية، وآخرها رد رئيس مجلس النواب نبيه بري، عدم توافر “الضوء الاخضر” للمضي قدما في ملء الشغور في كرسي الرئاسة، بعد 22 شهرا من الفراغ.

ووقت يتوقع ان يشكل لقاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع الرئيس الايراني حسن روحاني في باريس غدا، محطة اخرى “لجس نبض” القيادة الايرانية حيال نيتها تسهيل تحقيق تقدم في الملف اللبناني، تتوقف مصادر ديبلوماسية غربية عند الليونة التي طبعت الموقف القطري، غداة خطوة ترشيح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لـ “عدوه” السابق رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون.

واذا كانت هذه المصادر ترى في “شذوذ” الدوحة عن “التريث” الاقليمي السائد، رسالة لمن “يعنيه الامر”، برغبة قطر في تجديد مساعيها لحل الازمة المؤسساتية اللبنانية على غرار تجربة 2008، فان المصادر نفسها ترى في “الفيتوات” المتبادلة بين القوى حيال المرشحين، المعلنين وغير المعلنين، انعكاسا لسياسة “الحروب المتنقلة” بين الاطراف الاقليميين والدوليين، في اكثر من ميدان، ابرزها:

– ان تعثر المساعي للافراج عن الاستحقاق الرئاسي اللبناني يأتي على وقع تعثر الجهود لاعادة اطلاق “مؤتمر جنيف 3” لحل النزاع في سوريا. واذا كان ارتفاع منسوب التوتر بين الرياض وطهران يشكل “سمة” المرحلة، فان الدخول الروسي “على خط” النزاع تحت شعار مكافحة الارهاب، “تكفّل” بفتح الازمة على مصراعيها. في اي حال، يبدو، بحسب المصادر الديبلوماسية الغربية، ان تلويح نائب الرئيس الاميركي جو بايدن، من تركيا، بامكان اللجوء الى العمل العسكري، معطوفا على كلام وزير الخارجية جون كيري عن تنامي القدرة الصاروخية لـ”حزب الله”، من شأنه ان يدخل النزاع في حقبة جديدة، علما ان هذه المواقف تتزامن وتوجه كل من الولايات المتحدة وروسيا الى تطوير البنى التحتية العسكرية، وتحديدا المطارات.

– لا يبدو تقاطع المصالح المحلية والدولية “دخيلا” على مسألة بت مصير الاستحقاقات اللبنانية، بحسب المصادر الديبلوماسية الغربية التي تذكّر بحقبتين اساسيتين في هذا المجال. الاولى، تمثلت في مرحلة “ما قبل الطائف” والتي تخللها تبوؤ بشارة الخوري “الكرسي الاول”، في مواجهة اميل اده، اثر انكفاء النفوذ الفرنسي عن لبنان لمصلحة المملكة المتحدة، علما ان خروجه جاء على وقع “ثورة الضباط الاحرار” في مصر، وتسلّم الرئيس عبد الناصر مقاليد السلطة. وفيما تلا انتخاب فؤاد شهاب احداث 1958، طبعت عهد شارل حلو خسارة الجيوش العربية امام اسرائيل او ما يعرف بهزيمة 1967، وقت تزامن انتخاب سليمان فرنجية مع رفع لواء “اقصاء المكتب الثاني” وادارة التمدد الفلسطيني في لبنان. وليس خافيا ان عهد الياس سركيس “افتتح” حقبة التفويض الدولي لسوريا بادارة لبنان، مع دخول قوات الردع العربية البلاد، فيما طغى “شبح” اتفاق 17 ايار على “عهدي” بشير وامين الجميل.

– اطلق اقرار “اتفاق الطائف” المرحلة الثانية، عبر “تدشينه” حقبة تسويات دولية – سورية – سعودية ترجمت بوصول رينه معوض الى سدة الرئاسة، ليستأنفها، بعد اغتياله الياس الهراوي. ووقت شهدت ولاية الرئيس اميل لحود ترسيخا للنفوذ السوري في لبنان، مقابل الدور السعودي الذي جسّده دعم الرياض للرئيس الشهيد رفيق الحريري، شكل صدور القرار 1559 مرحلة فاصلة في المشهد اللبناني عكسه الانسحاب السوري من لبنان، ليليه انتخاب ميشال سليمان رئيسا للجمهورية وبالاجماع، عقب “تسوية الدوحة”.