Site icon IMLebanon

الزراعة في الجنوب بين الكوارث الطبيعية والاسواق المقفلة


قاسم صفا

الزراعة في جنوب لبنان، هذا الجنوب الغني بمياهه العذبة وينابيعه الغزيرة التي تذهب هدرا الى البحر، لعدم توفر السدود الملائمة لحماية هذا القطاع من الجفاف، حيث يعتمد المزارع الجنوبي منذ عشرات الاعوام على المتساقطات المطرية السنوية التي تغذي الابار الارتوازية والينابيع الطبيعية.

فالقطاع الزراعي في الجنوب، بات ملازما للمياه بعد ان كان يتميز بنوعين من الزراعة: زراعة الري وزراعة البعل. اما الاعتماد على الري، فيكون في السهول الساحلية من صيدا الى الناقورة مرورا بسهلي صور والقاسمية والتي انتشرت فيها زراعة الحمضيات (برتقال وحامض) على انواعها، إضافة الى زراعة الخضار الموسمية. وانتشرت هذه الزراعة لتحل بعض الشيء في أماكن الزراعة البعلية (غير المروية) في المرتفعات في قضاء صور وصيدا وبنت جبيل والنبطية والتي كانت غالبا ما تزرع بالحبوب (قمح، شعير، حمص، عدس، علف حيوانات ، تبغ …الخ) وبعض الاشجار المروية من الينابيع المحلية كالجوز والرمان والتفاح واللوزيات.

الحسيني
وأوضح رئيس تجمع مزارعي الجنوب عبد المحسن الحسيني في حديث الى “الوكالة الوطنية للاعلام”، ان المعاناة في القطاع في الجنوب تماثل الشمال، لأن الزراعة تعرضت للكوارث الطبيعية وجراء العدوان الاسرائيلي، وشيئا فشيئا بدأت زراعة الحمضيات تخف شيئا فشيئا، ويحل مكانها زراعة الموز، لأن زراعة الحمضيات عالية الكلفة ومنخفضة الثمن ولم تعط الدولة على مر الأزمان والعقود حلولا لدعم هذه الزراعة”.

وأضاف: “تتأثر هذه الزراعة بالأحداث الدائرة في سوريا الشقيقة التي كانت ولا تزال تشكل المدخل والملاذ الأول والأخير لتصدير الإنتاج الزراعي (موز وحمضيات) من الجنوب، كما أن الدولة لم تضع حلولا لهذا الواقع المرير”.

وعن الزراعات البديلة قال: “باتت معظم الأراضي الزراعية في الجنوب وخاصة في منطقة صور تزرع بالموز وبعض الزراعات البديلة، لان المزارع يريد الاستمرار في عمله وهو يتجه نحو زراعات تقلل من الخسائر رغم عدم معرفته التامة بالاسواق التي تستقبل انتاج الزراعات البديلة، لافتا الى انه رغم الخسائر التي مني بها القطاع استمرت الزراعة كقطاع يعمل فيه اكثر من ثلثي السكان المحليين”.

وأوضح ان “المزارعين ولتعويض خسائرهم اتجهوا الى تنويع الزراعات واختيار زراعات بديلة من شأنها تعزيز القطاع الزراعي من اجل الاستمرار، لأن الكثير منهم لا يرغب بالهجرة لا الداخلية ولا الخارجية. ومن هذه الزراعات التي بدأت منذ عشر سنوات الآفوكا والقشطة والمانغو والنخيل رغم انها كانت موجودة منذ زمن لكن بكميات قليلة، لكنها اليوم باتت زراعة تزاحم البرتقال والحامض، كما استبدل عدد من المزارعين زراعة الاراضي المروية من الخضار المتعارف عليها، كالخس والملفوف والقنبيط والخيار والبندورة الى الزعتر والقصعين والحلبة والبطاط الحلوة. كما انتشرت زراعة عدد من الأصناف المتنوعة من زراعة الموز غير الموز البلدي وداخل الخيم الزراعية والبلاستيكية”.

ان حلم المزارع في المناطق كافة، هو إهتمام الدولة بهذا القطاع الذي يساهم في بقائه في أرضه عوضا عن الهجرة من اجل العيش الكريم وأن يكون هذا الإهتمام ليس في التعويض وقت الخسائر والكوارث الطبيعية، لذا علينا رسم خطط مستقبلية لتطوير هذا القطاع الذي يعتبر القطاع الثالث من حيث الأهمية في دورة الحياة الاقتصادية اللبنانية بعد التجارة والسياحة.