IMLebanon

نعم “حزب الله” يريد الفراغ (بقلم هيثم الطبش)

hassan-nasrallah-new

 

كتب هيثم الطبش

لم يكن إنتظار اللبنانيين لموقف حزب الله من تطورات الملف الرئاسي يستحق كل الآمال التي علقت عليه، لأن ما اعلنه الأمين العام، السيد حسن نصرالله، لم يحمل جديداً بالقدر الذي كان متوقعاً. حديث عن الثقة بالحلفاء ومحاولة للإيحاء بأن حلف 8 آذار ما زال صامداً على رغم كل المستجدات، وتصويب على 14 آذار واستغلال ما وصلت إليه حالها، ورسالة مبطنة للنائب وليد جنبلاط. قد تكون هذه الأفكار أبرز منخلاصة موقف الحزب وقراره في الشأن الرئاسي.

ببعض من السخرية تناول نصرالله التغريدات الأخيرة التي كتبها جنبلاط وتناول فيها”الديموقراطية الإيرانية”، ويبدو أن نصرالله مُلمّ فعلاً بتفاصيل الحياة السياسية في دولة ولاية الفقيه أكثر من اهتمامه بتاريخ الوطن، الذي يفترض أن يكون أصيلاً ونهائياً.

34  استحقاقاً إنتخابياً حرصت إيران على تنفيذها رغم كل المصاعب، يحفظ الأمين العام هذه المعلومة عن ظهر قلب. وكأن به يقول لـ”البيك” “إياك إياك والمساس بإيران”طالباً منه أن “يعرف كل واحد حجمه”. ليس المقام هنا للدفاع عن جنبلاط وهو الأقدر أن يُعبّر عن نفسه، لكن الاندفاع في الذود عن إيران كان مثيراً للاهتمام.

والأهم أن نصرالله أوحى للبنانيين أن “الجمهورية الإسلامية”، بما تعني كلمة جمهورية من تعددية وسماع لرأي الجماهير، لم ولن تتدخل في شؤون جمهوريتنا الممزقة لا من قريب ولا من بعيد.

فما قول حزب الله عموماً وأمينه العام خصوصاً في التعقيب على حادثة حصلت في كواليس اتفاق الدوحة…لمن لا يعرف الخبايا أنقل عن صديق صحافي حضر تفاصيل التوصل إلى الاتفاق الذي مهّد لوصول قائد الجيش حينها، الرئيس ميشال سليمان، إلى رئاسة الجمهورية.

يقول صديقي، الذي اثق به إنما ليس على شاكلة ثقة حزب الله بحلفائه (للبحث في تفصيل العلاقة بين مكونات 8 آذار مقام آخر): “حتى منتصف الليل كان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي قد اتصل بوفد حزب الله مرتين، كنا في ردهة الفندق، وبعد منتصف الليل بقليل توجه العماد ميشال عون إلى غرفته ليخلد إلى النوم وقبل أن يترك الجمع كانت آخركلماته للصحافيين أن لا جديد ولا رئيس”.

يضيف صديقي:”بقينا مع الزملاء نتجاذب أطراف الحديث ونخوض في نقاش سياسي عن الاتفاق القيد التحضير، وبعد الثانية فجراً استدعي الوزير جبران باسيل إلى غرفة الوزير محمد فنيش وأبلغ بأن متكي اتصل وأعطى موافقة إيران على السير بميشال سليمان رئيساً… خرج باسيل مباشرة إلى جناح عون وانتهت الليلة على ذلك”.

“في الصباح، وعند تناولنا الفطور نزل العماد عون وبدا متجهماً ويعلو الغضب ملامح وجهه، تقدم وخاطبنا قائلاً مبروك صار عندكن رئيس،” انتهت رواية صديقي.

هذه التفاصيل، في منطق حزب الله طبعاً لا تدل على تدخل إيران في الشأن اللبناني ولا في الملف الرئاسي. وهنا تتبادر إلى الأذهان أسئلة من قبيل: ما الذي يمنع مَن تدخل سابقاً لحسم تسمية رئيس لبلادنا من التدخل مراراً في الملف ذاته يا سيّد وكيف تقنعنا بالعكس؟

موقف حزب الله من الملف الرئاسي وتطورات تبني مرشحين اثنين من 8 آذار يمكن اختصاره بـ”لا حقولا باطل”… فنصرالله ملتزم دعم عون ويثق بفرنجية، الذي يملك مقومات الرئيس. وهو لا يريد الاستعجال، بل أخذ مزيد من الوقت للتشاور والتفاهم وصوغ الترتيبات اللازمة لضمان حصول مرشح على أكبر قدر من التأييد، وفي طبيعة الحال الوقت الذي يمكن أن تستغرقه هذه المشاورات قد يمتد سنة أو اثنين أو… ومع ذلك يريد الأمين العام أن يقنع اللبنانيين بأن الحزب لا يريد الفر اغ ويحرص على إجراء كل الاستحقاقات في مواعيدها، على طريقة الديموقراطية الإيرانية.

فليسمح لنا السيد وهو إذ كان على طريقة “أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك أستعجب”، لم يكن مقنعاً لا في تكراره لبعض العبارات، ولا في تبريره للموقف، ولا في انفعاله عندما تحدث عن الراحة والارتباك في الحزب…

نصرالله بدأ كلمته بقول رائع للإمام الصادق جاء فيه: “مفتاح الأمور الصدق، وخير خواتيمها الوفاء” والأسئلة تتمحور حول التزامه به.

… وفي انتظار أن يفيَ بوعده انتخاب عون بينما يحافظ على الثقة في فرنجية، وحتى إشعار آخر نعم حزب الله يريد الفراغ.