يواكب أبناء المنية – الضنية كل يوم، كما باقي اللبنانيين، درجات الحرارة التي وصلت إلى ما دون الصفر في ساعات الليل. يصف الأهالي البرد القارس هذه الأيام «بالموت البارد»، ويقولون: «نحن لم نعتد موجة صقيع كهذه». الكثير من الأهالي امتنعوا عن إرسال أولادهم إلى المدارس التي لا يزال معظمها مغلقاً في مناطق المنية والضنية، لأنها غير مجهزة بوسائل التدفئة اللازمة.
تدني درجات الحرارة في الضنية إلى ما دون خمس درجات تحت الصفر أدى إلى تجمد مياه الشرب في القساطل والخزانات، وإلى تشقق أنابيب المياه البلاستيكية، فانقطعت المياه عن البيوت.
وصلت طبقات الجليد إلى ما يقارب ثلاثة سنتيمترات، فألحقت أضراراً كبيرة في المزروعات، خاصة في منطقتي كفرحبو والسفيرة، وضربت البيوت البلاستيكية في منطقة المنية الساحلية، ما أتلف كميات كبيرة من المزروعات الشتوية من باذنجان وكوسى وبندورة وخيار. حاول المزارعون كثيراً إنقاذ «الشتل» الذي زرعوه حديثاً، بقوا مستيقظين طوال الليل يستخدمون الوسائل التقليدية لمنع تكوّن طبقات الجليد عبر إشعال النار ورشّ المياه على المزروعات، إلا أن محاولاتهم فشلت، فاحترقت النباتات الزراعية من شدة الصقيع واهترأت الثمار. لم تقتصر أضرار الجليد على المزارعين، بل طاولت مربي الدواجن والأبقار الذين مُنوا بخسائر جمّة بعد نفوق عدد كبير من الأبقار والأغنام وطيور الدجاج.
يشتكي المزارع عبد الحكيم الحواط من أن «نظام الحماية المركّب في البيوت البلاستيكية الذي كان يُفترض أن يرش المياه لمنع تكوّن طبقات الجليد على المزروعات لم يجدِ نفعاً، إذ تجمّدت المياه في القساطل وعطّلته»، مقدّراً حجم الخسائر التي تكبّدها بـ «25 مليون ليرة».
يملك المزارع خير الله شديد «26 بيتاً بلاستيكياً قُضي على المزروعات فيها بالكامل. شتلات البندورة والكوسى والفليفلة لم يبقَ منها شيء». لا تقتصر خسائر خير الله على تلف المزروعات، بل حتى اليوم لم يسدّد الرجل أجرة العمال والبذور، يقول: «تعودنا كل عام تحصيل 50 مليون ليرة أجرةً للمحصول، لكن هذه السنة سنعيش على باب الله».
يعوّل خير الله وباقي المزارعين على الهيئة العليا للإغاثة لتعويض خسائرهم. هم تحديداً يعوّلون على أمينها العام اللواء محمد الخير لكونه ابن المنطقة. لكن على مرّ السنوات الماضية «لم يصل من الهيئة أي مساعدة للمنطقة»، وفق ما يقول البعض. يروي الحواط أنّ «العام الماضي أرسل اللواء الخير فرقة للكشف عن الأضرار
وقام بعملية إحصاء، واعداً بتعويضنا عن الخسائر، لكن حتى اليوم لم نر ليرة، والملف لا يزال في أدراج مديرة مكتب المزارعين في المنية». يختم الحواط بأن «لا أحد سيعرف مدى المصيبة التي مُنينا بها إلا بعد شهر حين لا يجد المواطن حاجته من المزروعات».