Site icon IMLebanon

نصرالله تخلّى عن السلّة… الرئاسة لنا!

 

قالت صحيفة “النهار” إنه مع ان مجمل المعطيات التي سبقت اطلالة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله اكدت النقاط الأساسية التي حددها بالنسبة الى موقف الحزب من ملف الانتخابات الرئاسية، بدا واضحاً ان الخلاصات التي انتهى اليها لجهة جزمه بان الرئيس المقبل سيكون من 8 آذار اختصرت ميزان القوى الذي اتكأ عليه سواء في تثبيت دعمه للعماد ميشال عون من دون أي لبس أو في دعوته الى مزيد من التريّث والنقاش والحوار في شأن الاستحقاق.

وأضافت الصحيفة: “الواقع ان تعمد السيد نصرالله تخصيص الاطلالة التلفزيونية للكلام عن الاستحقاق وقراءته لمجمل التطورات التي أدت الى حصر المرشحين بحليفيه العماد عون والنائب سليمان فرنجيه بلوغاً الى تأكيد التزام الحزب “السياسي والأخلاقي” للاستمرار في دعم رئيس “تكتل التغيير والاصلاح”، اتسم باهمية ودلالات بارزة ليس من حيث عدم التراجع عن هذا الدعم فحسب بل من حيث تعديل بارز في موقف الحزب تمثل في “تخلي” نصرالله عن المطالبة بسلة سياسية كاملة تسبق الانتخابات بعدما ظفر الحزب بمكسب سياسي كبير من خلال ترشيحين قدمهما زعيمان أساسييان من قوى 14 آذار وعدهما نصرالله “ربحاً سياسياً كبيراً لفريقنا السياسي فيما فريق 14 آذار منقسم على نفسه”، وذهب عبر هذا التوصيف الى الرد على متهمي الحزب بالاحراج ليسأل “كيف نكون مربكين ونحن مرتاحون للغاية؟”.

وتابعت “النهار”: “لكن ذلك لم يحجب شعور السيد نصرالله بضغط الاتهامات للحزب بتعطيل الانتخابات، فاستعان بمقولة “الحق في عدم المشاركة في الجلسات الانتخابية اذا كنا لا نضمن انتخاب مرشحنا” مما يؤكد المضي في نهج التعطيل. كما لجأ لرد الاتهامات المفترضة التي ستوجه الى الحزب بعد هذه الاطلالة بانه يريد الاستمرار في الفراغ، فاشترط على مجلس النواب الانعقاد “غداً” لانتخاب العماد عون “ونحن جاهزون (للمشاركة) بلا تعديل للدستور وبلا سلة”، علماً ان ما نريده من السلة أخذناه “من خلال ترشيح اثنين من 8 آذار”.

واذ دافع نصرالله عن ايران وبرأها من تهمة التدخل في الشأن الرئاسي اللبناني كما اسهب في شرح مفهومه للعلاقات بين الحزب وحلفائه، بدا لافتاً كلامه عن “الانعكاسات السلبية” للاسلوب الذي اتبع في تسريب نتائج لقاء باريس للرئيس سعد الحريري و”صديقنا وحليفنا” النائب سليمان فرنجيه، معتبراً ان “طريقة ادارة الموضوع قطعت الطريق على أي حوار حقيقي وجدي حتى الآن في هذه المسألة لانها تسببت باشكالات حتى في الشكل وطريقة المقاربة كانت خاطئة”.

لكن نصرالله الذي حرص على تأكيد ثقته بفرنجيه وأبدى ترحيبه بترشيح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع للعماد عون، حسم موقف الحزب باعلانه المضي في التزام دعم ترشيح عون، “إلا في حالة واحدة اذا قال عون انه لم يعد مرشحاً”.

واسترعى الانتباه مسارعة النائب فرنجيه الى التعليق على كلام نصرالله اذ غرد رئيس تيار “المردة ” عبر تويتر قائلاً: “سيد الكل السيد حسن نصرالله”.

إلاّ أن أوساطاً في 14 آذار قالت لـ”النهار” إن الانطباع الاول عن إطلالة السيد نصر الله عبر التلفزيون، هي أن “حزب الله” في حال إرباك داخلية في العلاقة مع جمهور العماد عون وجمهور النائب فرنجيه وهو اضطر الى الخروج علانية كيّ يعالج هذا الارباك، ومن هنا قوله إن الحزب رابح الآن لأن هناك مرشحيّن من 8 آذار.

ولفتت الى ان قول نصرالله أن الحزب مستعد للتخلي عن مطلب السلّة مقابل إنتخاب عون لم يأت من فراغ بل نتيجة العجز عن تسويق هذا المطلب لبنانياً. وأكدت أن “حزب الله” لن يتخلى عن مطلب قانون الانتخاب الذي يتيح له الامساك بأكبر عدد ممكن من المقاعد في مجلس النواب.

إلى ذلك، اعتبرت “النهار” أن مسيرة الحزب مع حلفائه تظهر انه ما اعتاد فرض رأيه على احد بل ترك لهم حرية الاختيار، ولكن بعد ان يوضح وجهته المرتكزة دوما على الابعاد الاستراتيجية على غرار ما فعله السيد نصرالله في كلمته الاخيرة اذ اعاد الاعتبار الى الاسباب الموجبة لترشيحه عون وحدد استطرادا الاولويات الثابتة لديه.

ومن البديهي ان على الحلفاء اعادة النظر، وربما ان بعضهم لم يقنعه ما عرض له خصوصا انهم مضوا بعيدا في مفارقتهم لوجهة الحزب بدعم عون وتولى احيانا التشهير به ومدح ترشيح فرنجيه. ولكن الثابت ان المشهد الرئاسي بعد كلام نصرالله هو غير ما قبله ولكل ساعة ملائكتها، خصوصا ان التجارب المتكررة اثبتت ان انتخابات الرئاسة في لبنان ليست مسألة حسابات رقمية. وحيال ذلك لا ريب ان هناك من يسأل عن طبيعة رد فعل الحلفاء على هذا الموقف الحاسم لسيد الحزب؟

رئيس التيار “الوطني الحر” جبران باسيل قال لصحيفة “السفير” ان خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أكد المؤكد، إلا لمن لا يريد أن يسمع أو يفهم.

صحيفة “الأخبار” وتحت عنوان “نصرالله “يلمّ” 8 آذار: الرئاسة لنا”، قالت: “إن خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هدف إلى تحقيق أمرين: تأكيد التمسك بترشيح العماد ميشال عون، والسعي معه للفوز برئاسة الجمهورية؛ وتخفيف التشنج بين مكوّنات تحالف 8 آذار ــ التيار الوطني الحر، وفتح باب الحوار بينها”.

وأضافت: “إن السيد حسن نصرالله قطع كل الشكوك، وأعلن موقف حزبه من الملف الرئاسي: ملتزمون تأييد العماد ميشال عون، ولا تراجع عن هذا الالتزام إلا في حالة واحدة، ان يُعلن عون انسحابه من السباق الرئاسي، وفضلاً عن ذلك، جزم نصر الله بأن الرئيس المقبل للجمهورية لن يكون إلا من فريق 8 آذار.

وجزمه هذا مبني على موقف كل من تيار المستقبل والقوات اللبنانية، اللذين رشّحا إلى الرئاسة كلاً من النائب سليمان فرنجية والعماد ميشال عون، وإضافة إلى الموقف والقراءة، أطلق نصرالله، بخطابه الهادئ والاستيعابي، حملة “لملمة” القوى المكونة لتحالف 8 آذار ــ التيار الوطني الحر، ليفتح امامها أبواب الحوار.

من جهتها، كتبت صحيفة “السفير”: “للانتخابات الرئاسية أن تجري في لبنان غدا، برغم أنه يوم عطلة أسبوعية، ولكنّ لذلك طريقين لا ثالث لهما: إما أن يتبنى الرئيس سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون، أو يتنازل “الجنرال” لمصلحة النائب سليمان فرنجية.. وعندها لن يكون للبنان رئيس إلا واحداً من اثنين: عون أولا وفرنجية ثانيا.

واذا كان هناك شبه استحالة بأن يتبنى الحريري ترشيح عون، فإن الاستحالة بذاتها هي إقدام “الجنرال” على سحب ترشيحه، ليس لمصلحة فرنجية بل حتى لصهره الوزير جبران باسيل..

وأضافت: “على مدى 75 دقيقة، قدم الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله مرافعة دفاعية ـ اتهامية، رد فيها على معظم الاتهامات التي تعرّض لها “حزب الله”، منذ سنة وثمانية أشهر، وتتمحور حول تحميله مسؤولية إطالة أمد الفراغ الرئاسي”.

وتابعت: “من يدقق في حروف هذه المرافعة وكلماتها وجملها، يجد أنها لم توفر لا حليفاً ولا خصماً، ولو أنها بدت في جزء كبير منها موجهة نحو قواعد “التيار الوطني الحر” و”تيار المردة”، سواء في ضوء ما تشهده مواقع التواصل الاجتماعي بينهما من حملات لا مثيل لها منذ حوالي الثلاثة أشهر حتى الآن، أو في ضوء محاولة إثارة القواعد البرتقالية ضد “حزب الله” على خلفية عدم استخدام نفوذه، أو فائض قوته، مع الحلفاء لإجبارهم على السير بخيار “الجنرال”.

في هذا السياق، أراد السيد نصرالله أن يقول إنه على اللبنانيين أن يعتادوا على مدرسة جديدة في السياسة اللبنانية، يمتزج فيها السياسي بالأخلاقي والعاطفي والشخصي، بحيث يصبح “الالتزام” مع الحلفاء ليس مناورة ظرفية أو سياسية، على طريقة الكثيرين من أهل السياسة والأحزاب في لبنان، بل “التزام” يتسم بالثبات والود والصدقية والمحبة والوفاء “ولو على قطع رقابنا”، على حد تعبيره، “حتى لو كانت نتيجته خسارة في السياسة”.

وكما كان متوقعاً، أعاد الأمين العام لـ “حزب الله” تثبيت البعد الداخلي للاستحقاق الرئاسي، داعياً الفريق الآخر الى عدم الرهان على عامل الوقت، لأن المعطى الإقليمي والدولي في المرحلة المقبلة “لن يكون لمصلحتكم”.

ومجدداً، طمأن نصرالله تحديداً “تيار المستقبل” بأنه حذف في المرحلة الراهنة من قاموسه كل عبارات المؤتمر التأسيسي وتعديل الطائف والإصلاحات الدستورية، وهو متمسك بتطبيق هذا الاتفاق، ربما أكثر ممن يدّعون “أبوته” و “أمومته”، لكنه أطاح هذه المرة مبادرة السلة المتكاملة التي كان قد طرحها في الخريف الماضي، على قاعدة أن يكون رئيس الجمهورية المقبل حتماً من فريق “8 آذار”. ولعله في هذه النقطة، لم يرد فقط قطع الطريق على أي مرشح رئاسي لـ “14 آذار”، بل للقول الضمني إن معادلة الرئيس الوسطي انتهت بلا رجعة وإنه في اللحظة التي يقرر فيها “الجنرال” الانسحاب طوعاً، تتغير المعادلات، ولكن سيبقى الرئيس المقبل من “8 آذار”، وهل يخفى على أحد أنه ليس لدى “حزب الله” مرشح ثان غير سليمان فرنجية، وأنه متفاهم مع “التيار الوطني الحر” أنه إذا لم يعد زعيمه مرشحاً، فلا يكون ملزماً بأي مرشح آخر إلا من يتفاهم عليه هذا الفريق السياسي كله.

ومثلما انعكس خطاب السيد نصرالله إيجاباً في القواعد العونية، برغم أنها لم تحصل على ما يشفي غليلها (معادلة الضغط على الحلفاء وخصوصا فرنجية للانسحاب لمصلحة العماد عون)، فإن الخطاب نفسه لقي ارتياحاً في قواعد “تيار المردة”، وخصوصاً أن زعيمه تعرض لافتراءات كثيرة من “أهل البيت” من السياسيين والصحافيين، الى حد تصوير فرنجية بأنه قدم تنازلات لا يقدمها عاقل في السياسة.

وكان لافتاً للانتباه صدى العبارات التي استخدمها “السيد” في معرض مخاطبة فرنجية ودعوته للهدوء وعدم الاستعجال، فهو قال له “صديقي” و “حليفي” و “نور عيني”، ولعل العبارة الأخيرة لم يستخدمها أي أمين عام لـ “حزب الله” منذ نشأة الحزب حتى يومنا هذا.